السبت 16 اغسطس 2025

أعمال المنصات.. بديل يهدد دراما الفضائيات.. أم مكمل لها؟

بوستر مسلسل موضوع عائلي

16-8-2025 | 14:11

موسى صبري
شهدت الدراما القصيرة فى الآونة الأخيرة انتشاراً واسعاً عبر المنصات الإلكترونية، حتى باتت تحظى بانحياز واضح من الجمهور، خاصة بعد النجاح الكبير الذى حققته أعمال مثل «موضوع عائلى» و«البيت بيتى» و«220 يوم»، المعروض حالياً، وهو ما شجع العديد من المنتجين على الاستثمار فى هذا النوع من الأعمال، فلم يعد الصراع على جمهور الدراما حكراً على الفضائيات، إذ اقتحمت المنصات الرقمية المشهد بقوة، لتغير موازين المتلقى، وتمنحه حرية اختيار العمل ووقت متابعته، ودخلت المسلسلات القصيرة منافسة شرسة مع الدراما التقليدية ذات المواسم الطويلة، ما يثير التساؤل: هل ستكتفى هذه الموجة الرقمية بالمنافسة، أم أنها تستعد لانتزاع الصدارة من الشاشة التقليدية؟ فى البداية ترى الفنانة سوسن بدر أن الدراما تقدم بحسب الموضوع والخط الدرامى للأحداث، سواء كان المسلسل مكوناً من 10 حلقات أو 30 حلقة، فالمهم هو المضمون وأسلوب الحكى والتناول الدرامى للحكاية وخطوطها الرئيسية، فهناك أعمال تسمح بالمد والتطويل، بينما هناك أعمال أخرى تفرض على الكاتب اختصار الأحداث فى حلقات قصيرة. وتضيف أن النص هو العامل الحاسم فى تحديد شكل العمل، سواء كان دراما قصيرة أو طويلة. فبعض الأعمال، مثل الأعمال التاريخية أو السير الذاتية أو الأعمال الدينية، تحتاج بالضرورة لعرض ممتد يتجاوز 30 حلقة، بينما هناك موضوعات اجتماعية وإنسانية تقدم فى مسلسلات قصيرة، وبغض النظر عن طريقة العرض، سواء على المنصات الإلكترونية أو الفضائيات، فإن الموضوع نفسه هو الذى يحدد مدة العمل. وتؤكد الفنانة عايدة رياض أن المط والتطويل لا يخدم العمل الدرامى، مشيرة إلى أن نجاح مسلسل «220 يوم» المعروض حالياً على منصة إلكترونية يرجع إلى إيقاعه السريع وخلوه من السرد الممل أو التطويل غير المبرر، وترى أن هذه النوعية من المسلسلات القصيرة أصبحت أكثر جاذبية وسحبت البساط من المسلسلات الطويلة. وتضيف أن الجمهور أصبح أكثر وعياً وثقافة، ويتابع باهتمام هذه الأعمال المكثفة، وقد حظى مسلسل «220 يوم» بإعجاب المشاهدين لما يحتويه من أحداث متسارعة وحبكة قائمة بذاتها لا تحتمل الحكى الطويل أو المط غير المبرر؛ ولهذا فهى شخصياً تميل إلى هذه النوعية من الأعمال القصيرة، وتفضل مشاهدتها على المنصات فى الوقت المناسب لها. وقال المخرج خالد مرعى إن مسلسل «البيت بيتى»، رغم كونه عملاً قصيراً، إلا أنه حقق نجاحاً منقطع النظير عند عرضه. وأوضح أن عرض المسلسل، سواء على المنصة أو الفضائيات، يعتمد فى الأساس على طبيعة الموضوع والخطوط الدرامية، وليس على عدد الحلقات، سواء كانت 15 أو 30، وأضاف أن المعيار الحقيقى لقياس العمل لا يرتبط بقصره أو طوله، وإنما بكيفية التناول الدرامى للأحداث. وأشار مرعى إلى أنه حقق النجاح فى كل من المسلسلات الطويلة والقصيرة، مشيراً إلى أن الأهم هو المضمون وأسلوب الحكى وطريقة تناول العمل الدرامى بما يمنع شعور الجمهور بالملل، وأكد أن الحكم والمقياس لا يأتى بالضرورة فى صالح المسلسلات القصيرة فقط، بل يمكن للأعمال الطويلة أن تحقق نجاحاً مشابهاً، ولهذا لا يمكن الجزم بأن المسلسلات القصيرة، سواء كانت من 5 حلقات أو 15، قد سحبت البساط تماماً من المسلسلات الطويلة، أو أن المنصات الإلكترونية قد جذبت الجمهور أكثر من الشاشة الكبيرة. وقال المنتج محمد العدل إن المسلسلات القصيرة استطاعت أن تسحب البساط من المسلسلات الطويلة التى تتجاوز 30 حلقة، لما تتميز به من اختصار للموضوع والحكاية، مع سرعة الإيقاع وجودة المحتوى، دون اللجوء إلى التطويل أو المط فى الطرح والتناول الدرامي. ولفت إلى أن هذا جعلها تخطف الأجواء من الأعمال الطويلة التى تعرض على الفضائيات، والتى تعانى من مد وتطويل فى الأحداث أحيانا، بالإضافة إلى فترات إعلانات طويلة قد تمتد لساعات، وهو ما ينفر منه الجمهور. وأشار العدل إلى أن المسلسلات القصيرة التى تعرض على المنصات الإلكترونية تتميز بالسهولة والمرونة فى الطرح، مشيراً إلى أنه يمكن عرض مسلسلين على المنصة بشكل أسهل وأسرع مما هو عليه الحال فى الفضائيات. وخالف السيناريست باهر دويدار رأى العدل، مؤكداً أن المسلسلات القصيرة المكونة من 10 أو 15 حلقة كانت موجودة منذ ما يقرب من 40 عاماً، وبالتالى فهى ليست أمراً جديداً على الدراما التلفزيونية سواء على الفضائيات أو المنصات الإلكترونية، وأوضح أن عودتها ورواجها الحالى على المنصات لا يعنى أنها سحبت البساط من المسلسلات الطويلة، بل هى امتداد لها، خاصة أننا اعتدنا على أن تكون أغلب المسلسلات من 30 حلقة على مدار العشرين عاماً الماضية. وأضاف دويدار أن الوضع الحالى أصبح فى صالح الدراما سواء كان المسلسل قصيراً من 5 أو 10حلقات.. أو طويلاً يمتد إلى 30 حلقة، مشيراً إلى أنه عند كتابة أى مسلسل حالياً لا تفرض عليه أى قيود أو شروط بعدد الحلقات. وأكد أن المسلسلات القصيرة على المنصات سمحت بتوسيع دائرة الإبداع من خلال زيادة عدد الكتّاب والمخرجين وأبطال العمل، لافتاً إلى أن كثيراً من الأعمال فى أوروبا وأمريكا لا تتجاوز 4 حلقات، تبعاً لما يتطلبه النص. واتفق الناقد الفنى طارق الشناوى مع دويدار، موضحاً أن المنصات الإلكترونية غيرت قواعد الدراما نحو الأفضل، إذ لم يعد هناك مبرر لفرض عدد ثابت من الحلقات مثل 30 حلقة، مما كان يضطر الكاتب إلى إضافة أحداث يمكن اختصارها. وأشار إلى أن ذلك يصب فى مصلحة الدراما، حيث ابتعدنا عن المط والتطويل، وأصبح من الممكن أن تتكون بعض المسلسلات من 10 حلقات أو حتى 4 أو 5، بحسب ما يقتضيه النص، مما ساعد على نجاح الأعمال عبر المنصات. وأكمل الشناوى أن الكاتب أصبح الآن يرسم خطوط العمل الدرامى وفقاً للقصة والحبكة، دون إلزام بعدد معين من الحلقات، معرباً عن أمنيته فى الحفاظ على هذا التوجه الذى يعتبره استكمالاً للأعمال الطويلة التى تعرض على الفضائيات، مؤكداً أن هذا التطور لم ولن يؤثر سلباً على مستقبل الدراما التليفزيونية، سواء على الفضائيات أو المنصات الإلكترونية. وبالعودة إلى الجمهور لنسأله، فهو صاحب الحق الأصيل فى هذه الأعمال، فهى تقدم من أجله فى الأساس، يقول هانى محمد عيسى، أستاذ جامعى بكلية الآداب جامعة عين شمس: فى الحقيقة، أنا من متابعى المسلسلات الأجنبية القصيرة، خاصة الفرنسية، فهناك مسلسل فرنسى قصير شهير يحمل اسم «10 %»، حقق نجاحاً منقطع النظير على إحدى المنصات، وهو يتكون من 6 حلقات مليئة بالتشويق والإثارة، دون أى حشو أو تطويل. وعندما لاحظت أن المبدعين المصريين بدأوا يتجهون إلى تقديم الأعمال الدرامية القصيرة، رحبت كثيراً بهذا التطوير، وأتابع حالياً مسلسل «220 يوم» للفنان كريم فهمى، وهو مسلسل قصير يتميز بإيقاع سريع، يعكس وتيرة الحياة المعاصرة السريعة، وهو ما ينعكس بدوره على أحداث المسلسلات القصيرة التى تتجنب التطويل أو الزيادة فى الأحداث الدرامية. وقد نجح هذا الأسلوب بشكل واضح فى مسلسلات تابعتها عن قرب، مثل «موضوع عائلى» و«البيت بيتى». ويضيف: أعتقد أن أى مسلسل ناجح لابد أن يسير على نفس وتيرة المسلسلات القصيرة، حتى فى أعمال رمضان، معظم المسلسلات التى حققت نجاحاً كبيراً كانت من 15 حلقة، ومنها مسلسل «النص» للمبدع الفنان أحمد أمين. لذلك، أرى أن إيقاع الحياة السريع يحتم علينا الاختصار فى الحلقات، والاستمرار فى تقديم مسلسلات قصيرة، حتى لو اقتصر العمل على 5 حلقات فقط، طالما يقدم القصة بشكل مكثف ومؤثر.