السبت 27 سبتمبر 2025

زكية إبراهيم.. صنعت مدرسة كوميدية وأبدعت فى شخصية الحماة القاسية

زكية إبراهيم

27-9-2025 | 14:02

ولاء الكومي
تعد الفنانة زكية إبراهيم من رواد الكوميديا النسائية فى مصر، ومرجعا رئيسيا فى تاريخ الأداء الكوميدى على خشبة المسرح وفى السينما المصرية، كانت أول من برع فى تقديم شخصية الحماة القاسية بأسلوب كوميدى ساخر، تميزت بخفة دمها الفطرية، وبساطتها فى الأداء، وتلقائيتها التى جعلت كل شخصية تقدمها تبدو طبيعية وواقعية، كما استطاعت أن تضفى على الكوميديا الشعبية طابعًا مميزًا وفريدًا، جعلها أيقونة حقيقية فى الفن الساخر. كما تميزت بأسلوبها الخاص فى إيصال الإفيهات بطريقة مرحة، حيث أصبح صوتها وأسلوبها فى المشاكسة علامة مميزة لكل من شاهدها على المسرح أو الشاشة، لتترك بصمة لا تمحى فى ذاكرة الجمهور. وُلدت الفنانة زكية إبراهيم فى 25 يوليو عام 1901 فى محافظة الفيوم، بدأت مسيرتها الفنية فى فترة الثلاثينيات والأربعينيات، حيث بدأت رحلتها مع المسرح بالانضمام إلى فرقة نجيب الريحانى، ثم انضمت إلى فرقة على الكسار، لتتبوأ مركز البطلة فى فرقته المسرحية لفترة طويلة، مسجلة بذلك بدايات قوية ومتميزة فى عالم الفن المسرحى. ملكة الكوميديا وسلطة الحماة برعت زكية إبراهيم فى تجسيد شخصية الحماة فى السينما المصرية، خاصة إلى جانب الفنان الكوميدى على الكسار، مقدمةً أداءً فريدًا لشخصية حماته بطريقة كوميدية وساخرة، حتى أطلق عليها جمهور زمان لقب «ملكة الحموات»، ورغم أدوارها التى كانت مليئة بالقساوة، كانت حياتها الحقيقية تعكس طيبة قلبها ونقاء سريرتها وحبها للخير. من المسرح إلى السينما دخلت زكية إبراهيم عالم السينما المصرية فى العقد الأول من نشأتها، وهى فترة اعتمدت بشكل كامل تقريبا على الخبرات المسرحية، حيث كان يتم استقدام نجوم ونجمات المسرح المعروفين لجذب الجمهور الواسع. كانت أولى تجاربها السينمائية عام 1928 من خلال فيلم «سعاد الغجرية»، الذى شاركت فيه إلى جانب فردوس حسن، أمينة رزق، حسين إبراهيم، عبد العزيز خليل، ومحمد كمال المصرى، وهو من تأليف وإخراج جاك شوتز، ويعد أيضا أول ظهور سينمائى لكل من الفنانة أمينة رزق والممثل محسن سرحان. ويحتل «سعاد الغجرية» المرتبة الرابعة ضمن تسلسل الأفلام المصرية الروائية الطويلة، وكانت مدة عرضه 100 دقيقة، مما جعله علامة مهمة فى بدايات السينما المصرية وافتتاحية لمسيرة زكية إبراهيم على الشاشة الكبيرة. ثنائية ناجحة مع على الكسار قدمت زكية إبراهيم سلسلة من الأعمال السينمائية الناجحة إلى جانب الفنان الكوميدى على الكسار، حيث شكلا معا ثنائيا كوميديًا فريدًا استطاع تقديم نوع جديد من الكوميديا الشعبية الساخرة لجمهور السينما المصرية. بدأت هذه الرحلة الناجحة مع فيلم «خفير الدرك» عام 1936، حيث جسدت دور زوجة عثمان عبد الباسط (على الكسار)، التى تتعامل معه بقسوة وصرامة لدرجة توجيه ضربات له، ما يخلق سلسلة من المواقف الكوميدية، الفيلم من بطولة على الكسار، بهيجة المهدى، لطيفة نظمى، زوزو لبيب وحسن صالح، وظهرت الفنانة تحية كاريوكا بمشهد قصير، والعمل من سيناريو وقصة وحوار على الكسار وإخراج توجو مزراحى. وفى عام 1937، شاركت زكية فى فيلم «الساعة 7»، حيث لعبت دور سنية، الحماة المشاكسة لعثمان عبد الباسط ساعى البنك، والتى تضيف تعقيدًا كوميديا على حياة زوجها ووالدة زوجته. ثم جاءت تجربة فيلم «التليغراف» عام 1938، حيث لعبت دور الحماة فى حياة عثمان الخادم، الذى يقع فى حب إحدى الخادمات، فتتدخل حماته لتطرده، بينما يحاول عثمان إيجاد مكانه فى الحياة المهنية، ما يخلق سلسلة من المواقف الكوميدية الممزوجة بالفكاهة الشعبية. أما فيلم «سلفنى 3 جنيه» عام 1939، فقدمت فيه زكية إبراهيم دور الحماة المناكفة لعثمان عبد الباسط، والتى تتشاجر معه باستمرار بسبب المال، وتصل المشاجرات بينهما إلى رشق الأطباق الزجاجية بطريقة كوميدية ساخرة، ليصبح الفيلم مثالاً بارزًا على قدرتها الفائقة على تقديم الكوميديا الشعبية الساخرة من واقع الأسرة المصرية. جميع هذه الأعمال من تأليف وإخراج توجو مزراحى، وأسهمت فى ترسيخ شهرة زكية إبراهيم كرمز للكوميديا النسائية فى السينما المصرية قبل منتصف القرن العشرين. افتح يا سمسم شاركت زكية إبراهيم فى فيلم «العزيمة» عام 1939، إلى جانب مجموعة كبيرة من نجوم السينما المصرية مثل فاطمة رشدى، حسين صدقى، أنور وجدى، زكى رستم، مارى منيب، عباس فارس، وعبد السلام النابلسى، الفيلم من تأليف وحوار بديع خيرى وإخراج كمال سليم، وقد أسهم فى تعزيز حضورها الفنى ضمن مجموعة كبيرة من النجوم. وفى عام 1940، قدمت زكية دور أم شلباية فى فيلم «الباشمقاول»، لتجسد شخصية الحماة فى حياة المعلم بحبح البحباوى (فؤاد الجزايرلى)، شارك فى البطولة أيضا إحسان الجزايرلى، تحية كاريوكا، فردوس محمد، بشارة واكيم وزوزو شكيب، وكتب الفيلم بديع خيرى بينما أخرجه توجو مزراحى. ثم جاءت مشاركتها فى فيلم «ألف ليلة وليلة» عام 1941، حيث لعبت دور زليخة، زوجة عثمان الصياد (على الكسار)، شارك فى بطولة الفيلم عقيلة راتب، حامد مرسى، رياض القصبجى، زوزو نبيل وعلى عبد العال، والفيلم سيناريو وحوار بديع خيرى وإخراج توجو مزراحى. كما قدمت أيضاً عام 1942 واحدًا من أهم الأفلام الكوميدية وهو فيلم «على بابا والأربعين حرامى» والذى انطلقت من خلاله عبارة «أفتح يا سمسم»، وترسخت من ذلك الوقت فى أذهان المشاهدين على مر السنين وقمت زكية إبراهيم بدور «ستونة» زوجة «على بابا» وجسد شخصيته على الكسار. الفيلم من بطولة على الكسار وليلى فوزى وإسماعيل ياسين ومحمد عبدالمطلب ورياض القصبجى وعبدالعليم خطاب قصة وسيناريو وحوار وإخراج توجو مزراحى مغامرات كوميدية مع «نور الدين والبحارة الثلاثة» فى عام 1944، شاركت زكية إبراهيم فى فيلم «نور الدين والبحارة الثلاثة»، حيث جسدت دور حماة عثمان الفطاطرى (على الكسار)، الشخصية المشاكسة التى تنغص على زوج ابنتها حياته اليومية وتدفعه للتفكير فى الانتحار، يقرر عثمان برفقة مساعديه، اللذين جسدهما إسماعيل ياسين وعلى عبد العال، تنفيذ خطة الانتحار الفيلم جمع نخبة من نجوم السينما المصرية مثل على الكسار، إبراهيم حمودة، ليلى فوزى، محمود المليجى، شكوكو، زوزو نبيل، إسماعيل ياسين، على عبد العال ووداد حمدى، وكان من قصة وسيناريو وحوار وإخراج توجو مزراحى. البحث عن التجديد بعد سلسلة من الأدوار المتكررة، سعت زكية إبراهيم إلى التنويع فى أعمالها ومشاركة نجوم جدد ظناً منها أن ذلك سيضيف أبعاداً جديدة لمسيرتها الفنية ويحقق نجاحاً أكبر، فى عام 1947، شاركت فى فيلم «شادية الوادى»، إلى جانب نخبة من نجوم السينما مثل يوسف وهبى، ليلى مراد، حسن فايق، كارم محمود، عبد السلام النابلسى، واستيفان روستى، وكان من تأليف وإخراج يوسف وهبى. وفى عام 1948، قدمت فيلم «صاحبة العمارة»، حيث جسدت دور «أم حسين»، حماة شخصية تفاحة أبو لحاف، والتى جسدت دورها سامية جمال، بينما قام بدور حسين محمد فوزى. شارك فى الفيلم إسماعيل ياسين، زينات صدقى، على الكسار، عبد الحميد زكى، محمود نصير، ورياض القصبجى، وكان من حوار بديع خيرى، وقصة وسيناريو وإخراج عبدالفتاح حسن. وفى نفس العام، قدمت زكية إبراهيم أيضاً فيلم «أسير عيون»، حيث أدت دور «كهرمانة» خادمة ليلى (ليلى فوزي). الفيلم من بطولة ليلى فوزى، محمد الكحلاوى، على الكسار، عزيز عثمان، مارى منيب، حورية محمد، زينات صدقى، عبد المنعم إسماعيل، والراقصة نبوية مصطفى، وقام محمد الكحلاوى بكتابة القصة والسيناريو والحوار، مع مساهمة بيرم التونسى وأبوالسعود الأبيارى فى الحوار، وأخرجه إبراهيم حلمى. قمة الكوميديا فى الخمسينيات فى عام 1950، قدمت زكية إبراهيم واحداً من أبرز الأفلام الكوميدية فى تلك الفترة، وهو فيلم «ليلة الدخلة»، حيث أبدعت فى أداء دور زوجة المعلم «خرطوشى» الذى قام بدوره عبدالفتاح القصرى، كما جسدت دور والدة «سوسو» و«توتو»، اللتين كانتا على وشك الزواج عن طريق الخطأ من إسماعيل ياسين (بلابيعو) وحسن فايق (نايلون) بدلاً من الفتاتين «حورية» (ماجدة) و«فكرية» (سميحة توفيق). الفيلم من بطولة حسن فايق، إسماعيل ياسين، ماجدة، سميحة توفيق، عبدالفتاح القصرى، رياض القصبجى، عبدالعليم خطاب، عبد المنعم إسماعيل، وقام الزرقانى بكتابة القصة والسيناريو والحوار، وشارك مصطفى حسن فى السيناريو والحوار، وأخرجه مصطفى حسن. وفى نفس العام، قدمت زكية إبراهيم أيضاً فيلم «جوز الأربعة»، حيث جسدت دور الخاطبة «أم شلضم» المكلفة بجلب عرائس لمواصفات محددة للشاب «منير» الذى قام بدوره كمال الشناوى، بعد أن أصيبت زوجته الأولى ليلى (مديحة يسري) بالشلل. ختام السينما الكوميدية مع «حكم القوى» فى عام 1951، قدمت زكية إبراهيم آخر أفلامها السينمائية وهو فيلم «حكم القوى»، حيث جسدت دور الخادمة إلى جانب هدى سلطان، ومحسن سرحان، وفريد شوقى، وعباس فارس، وزوزو، وثريا حلمى وعبدالوارث عسر، وسراج منير وسهير فخرى والسيد بدير، وشكوكو، وزوزو نبيل، وعبدالعليم خطاب، كما شارك المخرج حسن الإمام فى الفيلم بدور «أحمد أفندى». الفيلم مأخوذ عن رواية «رجل الحديد»، وقام السيد بدير بكتابة الحوار، بينما تولى حسن الإمام السيناريو والإخراج. يعد هذا الفيلم خاتمةً لمشوار زكية إبراهيم السينمائى، مؤكدًا قدرتها على إضافة البهجة والحياة لأى عمل تشارك فيه، حتى فى الأعمال التى تحمل رسائل درامية قوية إلى جانب لمستها الكوميدية. المشاركات المسرحية المتميزة شاركت زكية إبراهيم فى بطولة عشرات المسرحيات طوال مسيرتها، من بينها «البرنس الصغير»، «بدر البدور»، «الحساب»، «زهرة الربيع»، «السفور»، «المطامع (زباين جهنم)»، «قفشتك»، «ملكة الجمال»، «ابن فرعون»، و«أبو النواس»، «أنا عارف وأنت عارف»، «البلابل»، «حلم ولا علم»، «الساحر أبو فصادة»، «السكرتير»، «الشيخ عثمان»، «غاية المنى»، «الكنوز»، «نصيحة عالهامش»، «ابن الأمباشى»، «طاقية الإخفاء»، «طاحونة الهوى»، «العيلة المزيفة»، «قاضى الغرام»، «ملكة الغابة»، «الأميرة المجهولة»، «أبو شادوف»، «بوابة جحا»، «عجايب»، «عفريت النسوان»، «المدينة المسحورة»، «ورد شاه»، «مستعجل ليه»، «بتاع الزيت»، «البطة العجيبة»، «حلال عليك»، «حماتك بتحبك»، «سرقوا الصندوق يا محمد»، «عريس الهنا»، «أنا لك وأنت لى»، «عمرو بن العاص»، «يا ولاد الإيه»، «البربرى فى الهند»، «تكون فى بقك»، «الحلوانى»، «الشياطين»، «خير إن شاء الله»، «أطلع من دول»، «البربرى التائه»، «الجناينى»، «برغوت أفندى»، «السندباد البحرى»، «دقن الباشا»، «فوق لنفسك»، «هانت»، «يا بنت الإيه»، «بيت النتاش»، «بنت فرعون»، «حبايب»، «زربيحة هانم»، «الصلح خير»، «عثمان وبس»، «كلمة فى ودنك»، «أوعى تبصبص»، «خاتم الملك»، «اليانصيب»، «اللى يخاف من العفريت»، «البكاشة»، «حياة البربرى»، «عجايب الزمن»، «فيك من يكتم السر»، «مسير الحى»، «الفرقة الأجنبية»، «البريمادونه»، «حارس القصر»، «شندى بندى»، «طب فوت»، «الغنى والفقير»، «المسامح كريم»، «من أول وجديد»، «يا ستى ما تقدريش»، «عامل التليفون»، «عريسى»، «شيخ البلد»، «إلى الأمام»، «بريه من الرجالة»، «الزوجة المخلصة»، «الأستاذ حلمبوحة»، «مرجانة»، «فى المشمش»، و«عمك شنطح»، مما يعكس اتساع خبرتها المسرحية وغزارة إنتاجها الفنى على مدى عقود. الوداع الأخير رحلت زكية إبراهيم فى 8 أبريل عام 1870 بعد مسيرة فنية حافلة بالعطاء، وتركت بصمة واضحة فى الفن الساخر والكوميديا الشعبية بفضل تلقائيتها وسلاسة أدائها التى رسخت فى وجدان الجمهور من عصرها وحتى اليوم.