1-11-2025 | 01:45
همسة هلال
منذ زمن بعيد ومصر منارة للإبداع وسحر الجمال، حيث تلتقى عبقرية المكان بروح الفن لتولد أعمال خالدة جعلت الجماهير تحلم بزيارة مدنها ومعالمها، فكم من فيلم أضاء سحر الأقصر أو أضفى على الإسكندرية لمسة من الرومانسية، وكم من مشهد على ضفاف النيل صار دعوة مفتوحة للسائحين من كل أنحاء العالم.
لطالما كانت السينما المصرية نافذة تطل على التاريخ والحضارة، مثل فيلم «غرام فى الكرنك» الذى كشف روعة معابد الأقصر، و«إشاعة حب» الذى رسم الإسكندرية كمدينة الأحلام، و«الحقيقة العارية» الذى جسد جمال النيل فى أسوان وروعة المناطق الطبيعية بها،، هذا بجانب العديد من الأعمال الدرامية ومنها: «ضمير أبلة حكمت» و«جراند أوتيل» وغيرهما.
وفى السنوات الأخيرة واصلت أفلام مثل «خليج نعمة» و«آيس كريم فى جليم» هذا النهج بروح جديدة تمزج بين الماضى والحاضر، بينما أصبح الفنانون أنفسهم سفراء للجمال المصري؛ من خلال ما يقدموه من أدوار في قصص تعكس جمال الأماكن المصرية وأهمية زيارتها سواء بالنسبة للأسر المصرية أو للزائرين من الخارج.
وفى هذا السياق، تفتح «الكواكب» هذا الملف لتسأل: ماذا عن دور الفن فى دعم السياحة.. وكيف يمكن أن تظل الشاشة مرآة للجمال المصرى أمام العالم؟
فى البداية يقول الناقد الفنى أحمد سعد الدين أن الفن، فى جوهره، يعد من أقوى أدوات الترويج السياحى، مشيراً إلى أن السينما المصرية نجحت فى فترات سابقة فى القيام بهذا الدور ببراعة، من خلال أفلام خالدة مثل «غرام فى الكرنك» و«أجازة نص السنة»، اللذين صورا فى الأقصر وأسوان، وقدما سحر المعالم المصرية الأثرية بروح فنية جعلت الجمهور، داخل مصر وخارجها، يتمنى زيارة تلك الأماكن.
وأوضح سعد الدين أن هناك اهتمام بهذا الأمر أيضاً فى الوقت الراهن ليس فقط من خلال شاشة السينما ولكن من خلال الدراما وبخاصة الدراما الاجتماعية كما عيشنا هذا في مسلسل «جراند أوتيل» والذى لفت الأنظار بصورة كبيرة إلى جمال الطبيعة فى أسوان، ولكن الأمر يحتاج الآن إلى تكثيف هذه الأعمال سواء على شاشة السينما أو من خلال الدراما وأتصور أن المبدعين لديهم اهتمام كبير بهذا وربما فقط تواجههم أحياناً مشكلة اجراءات التصوير فى بعض المناطق الطبيعية، ولكن بالتأكيد مع اهتمام الدولة بالسياحة المصرية ودعمها سيكون هناك جهود لدعم هذا الاهتمام لدى المبدعين.
وأضاف أن ظهور المواقع الأثرية والتاريخية على الشاشة يعد أقوى وسيلة دعاية لمصر.
وقال: حين يرى المشاهد الأهرامات أو معابد الأقصر فى فيلم أو مسلسل، فإن ذلك يكون أبلغ من أى إعلان سياحى تقليدى، لأن الفن يخاطب الوجدان قبل العيون.
وأكد المؤلف إياد صالح أن للفن تأثيراً بالغاً فى تنشيط السياحة المصرية وإبراز جمالها أمام العالم، موضحاً أن ظهور المواقع الأثرية والمعالم السياحية فى الأعمال الدرامية والسينمائية يترك أثراً مباشراً فى وجدان المشاهد، ويدفعه إلى البحث عن تلك الأماكن وزيارتها، كما يرسخ صورة ذهنية إيجابية عن مصر لدى الجمهور الأجنبي.
وأشار صالح إلى أن هناك فرقاً بين الأعمال المصممة خصيصاً للترويج السياحى، وتلك التى تبرز الجمال المصرى ضمن سياقها الدرامى الطبيعى، معتبراً أن النوع الثانى أكثر تأثيراً لأنه يقدم السياحة بروح فنية غير مباشرة تثير فضول المشاهد لاكتشاف المكان دون شعوره بأنه أمام عمل دعائي.
وطالب بضرورة أن يزيد الدعم لصناع السينما بصورة تساعدهم على تصوير أعمالهم داخل المناطق الأثرية والتاريخية وكذلك السياحية بشكل أكبر .
وأوضح أن السينما المصرية عبر تاريخها قدمت مصر بصورة آسرة فى أفلام شهيرة مثل «غرام فى الكرنك» و«خليج نعمة»، وأن العديد من الأعمال صورت مشاهد فى مدن سياحية مثل الغردقة وشرم الشيخ والجونة، غير أن التصوير فى الأقصر وأسوان والأهرامات بات نادراً فى السنوات الأخيرة ونحتاج إلى زيادته.
كما أكدت الفنانة منال سلامة أن الفن يمثل قوة ناعمة مؤثرة فى تنشيط السياحة، مشيرة إلى أن بعض التجارب الدرامية الأجنبية كالمسلسلات الهندية والكورية لعبت دور كبير فى تنشيط السياحة فى بلادها، إذ استطاعت أن تبرز جمال الطبيعة والمعالم السياحية هناك بطريقة جعلت المشاهدين حول العالم يرغبون فى زيارة تلك الأماكن بأنفسهم.
وأوضحت أن مصر تمتلك ثروة سياحية وأثرية فريدة لا تضاهيها دولة أخرى، لكنها تحتاج إلى المزيد من الأعمال الفنية التى تبرز المناطق الحضارية والأثرية كشارع المعز ومتحف الحضارة والمتحف المصرى الكبير بعد افتتاحه، لأن الفن حينها يصبح وسيلة دعائية مجانية وفعالة لترويج السياحة، وتقديم جمال مصر بشكل طبيعى وجذاب.
وأضافت منال سلامة أن فتح الأبواب أمام صناع الدراما والسينما للتصوير داخل تلك المواقع سيحفز الكتاب والمخرجين على تقديم أعمال جديدة تبرز الوجه الحضارى والإنسانى لمصر، لتستمر فى دورها كمقصد سياحى عالمي.
واختتمت تصريحها بالتأكيد على أن الفن المصرى يمتلك القدرة على الوصول إلى الجمهور العربى والعالمى، وأن المشاهد المصورة فى معابد الأقصر أو شواطئ البحر الأحمر أو الإسكندرية يمكن أن تكون أقوى حملة دعائية للسياحة المصرية دون الحاجة إلى إعلان واحد.
وتقول الفنانة لبنى ونس: تنشيط السياحة عبر الدراما والسينما لا يمكن أن يتحقق إلا بتكامل جهود جميع عناصر الصناعة، موضحة أن دور الكاتب والمخرج وشركات الإنتاج محورى فى تقديم أعمال تبرز جمال مصر وتعرف العالم بما تملكه من ثروات طبيعية وأثرية فريدة.
وأوضحت أن مواقع التصوير والمعالم السياحية تشكل عنصراً بصرياً مهماً فى أى عمل فنى ناجح، لكنها شددت على أن البداية الحقيقية لأى تجربة ناجحة فى هذا المجال تنطلق من النص، لأن الكتابة الواعية هى التى تخلق الصورة المبهرة وتدفع الجمهور لاكتشاف سحر المكان.
وأضافت ونس أن مفهوم «الفن السياحى» تراجع فى السنوات الأخيرة إلى حد ما، لكنه قابل للعودة بقوة إذا توافرت الرؤية والنية لدعمه، مشيرة إلى أن مصر - بما تحويه من حضارة وتاريخ ومشاهد طبيعية خلابة - هى درة الشرق ووجهة الجمال، وتستحق أن تكون حاضرة فى كل عمل فنى بوصفها لوحة نابضة بالحياة.