15-11-2025 | 13:28
ولاء الكومي
تعد الفنانة منى داغر واحدة من أشهر النجمات المصريات اللاتي قدمن دور الفتاة الشريرة، حيث كانت غالبية أدوارها تتمحور حول شخصية الفتاة الأرستقراطية الحقودة التى تسعى بخبث لخطف حبيب البطلة، أو الزوجة الخائنة التى يقع ضحيتها شاب بدافع الحب الكاذب والطمع فى أموالها، أو الفتاة المستهترة الناقمة والتى تطمح للثراء السريع، حتى ولو كان بطريق غير مشروع، وفي ذكري ميلادها هذا الشهر نعيش مع مسيرتها الفنية.
ولدت الفنانة إلين داغر فى 13 نوفمبر عام 1923 فى لبنان، لعائلة فنية عريقة، فهى ابنة الفنانة والمنتجة آسيا داغر وابنة خالتها الفنانة مارى كوينى. بعد وفاة زوج والدتها، انتقلت إلين مع والدتها إلى مصر، لتبدأ حياة جديدة عاشت فيها داخل الوسط الفنى المصرى، الذى كان فى تلك الفترة يشهد نهضة سينمائية كبيرة، ما ساعد فى صقل موهبتها الفنية منذ صغرها.
عرفت إلين بحبها الكبير للفن والتمثيل، وكان تأثير والدتها فى دخولها المجال السينمائى بالغاً، فقد كانت آسيا داغر شخصية محورية فى صناعة السينما، ومن خلالها تعرفت منى على كبار المخرجين والمنتجين، بالرغم من شغفها، دخلت المجال بالصدفة، حين رفضت معظم الفنانات تقديم دور الفتاة الشريرة، فاقترح المخرج هنرى بركات أن تقدم هى هذا الدور، وتم تغيير اسمها من «إلين داغر» إلى منى داغر، ليصبح مناسباً للشخصيات التى كانت ستجسدها.
البدايات السينمائية
بدأت منى داغر أولى تجاربها السينمائية عام 1944 بفيلم «أما جنان»، وظهرت فيه أمام والدتها آسيا داغر، والفنان حسن فايق، وفردوس محمد، وزينات صدقى، وفؤاد شفيق، وعبد الفتاح القصرى، بإخراج هنرى بركات.
فى عام 1945 قدمت فيلم «هذا جناة أبى»، حيث جسدت دور «منى»، وشاركها البطولة زكى رستم وسراج منير وفردوس محمد وعبد العزيز أحمد وزوزو نبيل ووداد حمدى، ومن إخراج هنرى بركات.
فى نفس العام قدمت أيضاً فيلم «القلب له واحد»، بمشاركة أنور وجدى وسليمان نجيب وميمى شكيب وفردوس محمد وإسماعيل ياسين ومحمد كمال وسعاد حسين، من إخراج هنرى بركات.
كما ظهرت فى فيلم «الجيل الجديد» عام 1945 أمام حسين صدقى وسميرة خلوصى وعلوية جميل ومنسى فهمى ومحمد الديب والسيد بدير ومحمد توفيق، وإخراج أحمد بدرخان، لتثبت قدرتها على التنقل بين الأدوار المختلفة رغم حداثة سنها وخبرة قليلة فى البداية.
ثم قدمت عام 1946 فيلم «أم السعد» مع مارى كوينى، وشاركها البطولة محمد سلمان وبديعة مصابنى وبشارة واكيم، وإخراج أحمد جلال.
مرحلة الصعود
شهد عام 1948 تقديم فيلم «الواجب» أمام عماد حمدى وسراج منير وفردوس محمد ورياض القصبجى ومحمد علوان، من إخراج هنرى بركات، ولاقى الفيلم اهتماماً جماهيرياً كبيراً، وبدأت صورة منى داغر كفتاة شريرة تتبلور فى ذهن الجمهور.
فى عام 1949 قدمت فيلم «ست البيت» بدور «مديحة» أمام فاتن حمامة وعماد حمدى وزينب صدقى وثريا فخرى، من إخراج عباس كامل، وكذلك فيلم «السجينة رقم 17» أمام مارى كوينى وعماد حمدى ومحمود المليجى ودرية أحمد وروحية خالد ونجمة إبراهيم وعبد السلام النابلسى، من إخراج عمر جميعى.
خلال هذه المرحلة، بدأت منى داغر فى تثبيت مكانتها بين نجمات السينما المصريات، خصوصاً فى تقديم شخصية الفتاة الأرستقراطية الماكرة، التى تجمع بين الجمال والدهاء، وهو دور لم يقدمه غيرها فى تلك الفترة.
ذروة التألق
عام 1950 شهد تقديمها لفيلم «شاطئ الغرام» بدور «سلوى»، أمام تحية كاريوكا ومحسن سرحان وسميحة أيوب وإستيفان روستى ووداد حمدى وشفيق نور الدين، من إخراج هنرى بركات.
كما قدمت فيلم «ساعة لقلبك» بدور «يويو» أمام حسن فايق وعزيز عثمان وعبد البديع العربى ومحمد كامل وعرفه السيد ومحمد فرج وصلاح منصور وعواطف ورجاء يوسف، من إخراج حسن الإمام.
فى عام 1951 قدمت فيلم «ضحيت غرامى» مع مارى كوينى ومحمود المليجى وعماد حمدى وتحية كاريوكا ونجمة إبراهيم ووداد حمدى ومحمد كامل وزكى إبراهيم ونادر جلال، من إخراج إبراهيم عمارة.
كما قدمت فى نفس العام فيلم «الدنيا حلوة» أمام محمود المليجى وزوزو نبيل وسراج منير ومحمود شكوكو وثريا حلمى وعفاف شاكر، من إخراج يوسف معلوف، مؤكدة قدرتها على تقديم مجموعة متنوعة من الشخصيات الشريرة بأساليب مختلفة ومبتكرة.
1952.. عام النجاحات
كان عام 1952 عاماً مميزاً لمنى داغر، إذ قدمت مجموعة أفلام ناجحة، منها:
«من القلب للقلب» أمام دولت أبيض ومحمود المليجى وزوزو نبيل وعبد الرحيم الزرقانى وفاخر فاخر، إخراج هنرى بركات، وفيلم «قدم الخير» أمام محمد سلمان وإسماعيل ياسين وعمر الحريرى وعلى الكسار، إخراج حلمى رفلة، وفيلم «ظلمت روحي» بدور عفاف بيومى أمام وداد حمدى وزوزو محمد وعبد الحميد زكى وفتحية فؤاد، إخراج إبراهيم عمارة، وفيلم «حياتى أنت» أمام لطفى الحكيم وعلى عبد العال وإحسان القلعاوى وعبد السلام محمد، إخراج يوسف معلوف – «أنا وحدي» مع ميمى شكيب وماجدة وعباس رحمى، إخراج هنرى بركات، وفيلم «آمال» مع محسن سرحان ومى مى شكيب وعبد العزيز أحمد ومحمد السبع وصلاح منصور ومحمود شكوكو، إخراج هنرى بركات، وفيلم «نشالة هانم» بدور سميرة أمام سامية جمال وحسن فايق وفريد شوقى وإسماعيل ياسين وسراج منير وميمى شكيب وخيرية أحمد ورياض القصبجى، إخراج حسن الصيفى.
تميزت هذه الفترة بأن منى داغر لم تعد مجرد ممثلة، بل أصبحت أيقونة فنية تمثل الفتاة الشريرة ذات الجاذبية الخاصة، والتى أسهمت فى إثراء السينما المصرية بمفاهيم جديدة للشخصيات النسائية المعقدة.
السنوات الأخيرة قبل الاعتزال
قدمت منى داغر فى عام 1954 فيلم «يا ظالمنى» بدور «سهام»، كما قدمت فيلم «لمين أهواك» بدور «نوال»، لتؤكد استمرار حضورها الفنى وتأثيرها فى تقديم الأدوار النسائية التى تحمل الشر المكثف والدهاء المدروس.
تجربة التأليف
خاضت منى داغر تجربة التأليف عام 1950 بفيلم «محسوب العائلة»، وشاركها البطولة دولت أبيض ومحمود المليجى وتحية كاريوكا وزينات صدقى وإسماعيل ياسين ونجاة الصغيرة، وهو من إخراج عبدالفتاح محسن، لتضيف بعداً جديداً لمسيرتها الفنية، وتثبت أنها لم تقتصر على التمثيل فقط، بل كانت لديها رؤية فنية شاملة لمجال السينما.
الحياة الشخصية
تزوجت من المهندس على برهان، الذى انفصلت عنه عام 1953 بعد إنجابها محمد وتفيدة، ثم تزوجت من المحامى على منصور، وأنجبت منه ألفت وسمية.
وصرح نجلها، محمد برهان فى تصريحات سابقة عن العلاقة بين المنتجة آسيا وابنتها منى أنهما لم تفترقا أبداً وعاشتا معاً فى بيت واحد، وكان بيتهما نموذجاً للتعايش الهادئ، وكانت آسيا دائمة النصح والإرشاد لأبنائها.
الوفاة.. والإرث الفنى
توفيت الفنانة منى داغر فى 27 مايو 2000 ودفنت فى القاهرة، بعد رحلة فنية امتدت 10 سنوات، قدمت خلالها أكثر من 30 فيلماً ناجحاً، تاركة إرثاً فنياً خالداً فى السينما المصرية، وخاصة فى تقديم دور الفتاة الشريرة الجذابة والذكية، التى جمعت بين المكر والجمال، وحققت بذلك حضوراً لا يُنسى فى تاريخ السينما.
منى داغر لم تكن مجرد ممثلة، بل رمزاً للتمرد الفنى على الصور النمطية للشخصيات النسائية فى السينما المصرية، بل قدمت نموذجاً يحتذى به فى الأداء الدرامى المركب، وهو ما جعلها أيقونة لا تنسى فى تاريخ الفن.