أعرب الرئيس التونسي قيس سعيد اليوم الخميس عن تقدير بلاده لما تقوم به الأمم المتحدة من جهود مستمرة لتحقيق السلم والأمن الدوليين ولتعزيز دور المنظمة في تحقيق العمل المتعدد الأطراف.
وقال سعيد إن الأهداف التي أنشئت من أجلها منظمة الأمم المتحدة هي تعزيز العمل المشترك فضلا عن الأمن والسلم الدوليين وأيضا دعم التضامن والتعاون بين مختلف شعوب العالم، مشيرا إلى أن هذه الأهداف هي نفسها التي تسعى منظمات إقليمية إلى تحقيقها وذلك في كلمته أمام جلسة النقاش رفيعة المستوى عن بعد لمجلس الأمن حول "التعاون بين منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية : الإتحاد الأفريقي" تحت عنوان "تجديد التضامن لخدمة السلم والأمن في بيئة متغيرة للنزاعات".
وأكد سعيد أن المنظمات المختلفة تنطلق من نفس المبادئ للوصول إلى نفس النتائج ونفس الأهداف وتحقيق نفس التطلعات، مشددا على أنه لابد أن تكون الأمم المتحدة أمما متحدة بالفعل وليس من قبيل الصدفة أن يتم اختيار هذا الاسم.
وقال سعيد إن أفريقيا عانت الكثير ولا تزال شعوبها تعاني الكثير من الفقر ومن الحروب منذ عقود ولكن آن الأوان لوضع حد لهذه الأوضاع التي تتفاقم يوما بعد يوم لأن الإنسان هو إنسان في كل مكان في كافة القارات ولابد من أن يتمتع بحقوقه الإنسانية في كل مكان، مؤكدا على أهمية معالجة الأسباب قبل أن تتم معالجة النتائج والتبعات لأن الأوضاع لن تتغير ما لم يتم القضاء على الأسباب الحقيقية التي تعيشها أفريقيا.
ولفت إلى أن الإتحاد الأفريقي يمثل بدون شك إحدى ركائز العمل على المستوى العالمي فضلا عن المستوى الإقليمي لذلك فإن التعاون بين المنظمتين الإقليمية والأممية لابد أن يتقدم على أسس جديدة وبناء على أفكار مختلفة ولابد في كل الأحول من أن تتضافر الجهود من أجل تحقيق التطلعات المشتركة للشعوب كلها في الأمن وفي السلم وفي الرخاء ليس هناك ترتيب تفاضلي للشعوب ليس هناك ترتيب تفاضلي للبشر.
وأوضح أن هناك عقبات كثيرة مازالت متراكمة بالرغم من الجهود الأممية وبالرغم من الجهود على الأصعدة الإقليمية بعضها يأتي نتيجة للأوضاع الداخلية بعدد من الدول وبعضها الآخر نتيجة لأطراف خارجية كما أن حالات التوتر عدم الاستقرار وانتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان لا تزال للأسف قائمة.
وأشار إلى أن التحديات لا تواجه القارة الأفرقية وحدها بل تواجه الإنسانية جمعاء، مضيفا أن هذه التحديات تحول دون تحقيق السلم والأمن الدائمين والدوليين كما أنه في حالة عدم معالجة الأسباب العميقة وخاصة الإقصاء والتهميش وفي كثير من الأحيان غياب سلطة الدولة في عدد من المناطق التي توجد تحت سيطرة بعض المجموعات المسلحة فإن ذلك يزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية على كل الأصعدة من قتل وتهجير وخرق لحقوق الإنسان.
واستطرد الرئيس التونسي قائلا إن هناك حاجة إلى تطوير التعاون وتعزيز الشراكة والتكامل بين الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي لإدارة النزاعات ودفع مسارات تسويتها عبر آليات وأفكار جديدة، موضحا أن هذا التعاون يشكل أولوية استراتيجية وأداة فعالة لمواجهة تحديات السلم والأمن في كافة أنحاء القارة والحد على الأقل من تداعياتها ليس على القارة الأفريقية وحدها ولكن على العالم بأسره.
وفي هذا الإطار، قال سعيد إنه يجب تسجيل الجهود المشتركة التي تقوم بها المنظمتان لدفع مسار التسوية في عدة دول أفريقية ولابد من التأكيد على هذه الجهود والتنويه عنها معربا عن ارتياحه لتطور آليات التشاور بين المنظمتين بما في ذلك الاجتماعات الدورية بين مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي.
وأكد على ضرورة الرفع من مستوى التنسيق بين المنظمتين للارتقاء بها إلى مستوى أعلى من التكامل ومن تقاسم الأدوار في إدارة النزاعات ومنع نشوبها وقبل ذلك العمل المشترك من أجل معالجة أسبابها العميقة.
وشدد على استعداد الإتحاد الأفريقي والمنظمات الأفريقية والمجموعات الاقتصادية الإقليمية للقيام بدورها التارخي الفاعل في معالجة الأزمات التي تطرأ على الساحة الأفريقية ولعل معرفتها الجيدة بالواقع الأفريقي وقدرتها على التعاطي مع خصوصياته يمنحها مكانة متميزة للاضطلاع بالمسئوليات الأكبر في هذا الإطار وفي هذا الوضع التاريخي وفي هذا المسار ومن هذ المنطلق ويجب منحها أولوية التدخل لها بكل ما أمكن ودعم جهودها ومبادراتها لفض النزاعات وحفظ السلم والأمن الدوليين طبقا للفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة.
ودعا سعيد مجددا أعضاء مجلس الأمن إلى المزيد من التنسيق مع ممثلي أفريقيا داخل المجلس بخصوص مختلف القضايا الأفريقيىة المطروحة على جدول أعماله كما أوضح أن أحكام التنسيق بين مبعوثي الأمين العام في أفريقيا مع الإتحاد الأفريقي من شأنه أن يزيد في نجاح هذه الآلية في لعب دور الوساطة والدفاع باتجاه التسوية السلمية للنزاعات التي لم تتوقف في القارة الأفريقية باعتبار بعض ما يتمتع به المبعوثون الأفارقة من دراية واسعة وإلمام جيد بالأوضاع في أفريقيا وبأطراف النزاعات.
كما جدد الرئيس التونسي اليوم أيضا الدعوة إلى توفير الدعم لعمليات تعزيز السلام التي يقوم بها الإتحاد الأفريقي تحت إشراف مجلس الأمن من خلال تمويلها عبر المساهمات المقررة للأمم المتحدة.
وفي الختام، أعرب سعيد عن قناعته بأن مواجهة التحديات المرتبطة بحالات النزاع واضطراب الأوضاع في القارة تتطلب وتقتضي التعاون والتنسيق والتكامل بين مختلف الهياكل الأممية والإقليمية في إطار مقاربة شاملة للسلم في العالم تتجاوز البعد الأمني وتتجاوز التعريف الضيق للأمن حتى تتحقق التنمية التي طالما ناشدت الشعوب الأفريقية تحقيقها وهو ما يتماشى ويتكامل مع تنفيذ برنامج الأمم المتحدة للتنمية 2030 وخطة الإتحاد الأفريقي أفريقيا التي حلمنا بها منذ عشرات العقود.