شهدت مصر خلال الأيام الماضية أسبوع القاهرة المياه تحت عنوان "التعاون علي المستوي الإقليمي والقطاعي لتحقيق الأمن المائي"، والذي انتهى اليوم الخميس، وتضمن مشاركة عدد من الباحثين والخبراء الدوليين حيث تم استعراض آليات وأدوات التعاون فيما يخص المياه الدولية، بالإضافة لاستعراض بحث حول العلاقة بين التغذية والثقافة العامة والصحة وطبيعة التعامل مع الأنهار الدولية.
القضايا والمحاور
وقال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، إن أسبوع القاهرة للمياه في دروته الرابعة التي انتهت أعمالها ناقش مجموعة من القضايا والمحاور، ومن أبرزها مدى أمان السدود والمخاطر التي تتعرض لها بعض الدول بسبب إقدام دول المنابع على بناء سدودا بلا دراسات كافية مما يعرض جيرانها إلى الخطر.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الأسبوع ناقش الاستثمارات الجارية في مجالات المياه وكيف يدعم البنك الأوروبي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي وغيرهم من الهيئات يدعمون الاستثمار في مجالات المياه واستعداده للاستثمارات في تحلية مياه البحر ومعالجة مياه المخلفات واستخدام الطاقات النظيفة أثناء المعالجة، حيث أعلن البنكين الأوروبي والدولي دعمهم لهذه المجالات.
وأكد نور الدين أن تغيرات المناخ ومدى تأثيرها على المياه وطرق مواجهتها وكذلك الزيادة السكانية وتأثيرها على ملف المياه، والأمن الغذائي وعلاقته بالمياه كلها قضايا تمت دراستها، موضحا أن المؤتمر سيقدم توصياته اليوم بضرورة أن تدعم كل دولة بند الأبحاث العلمية بها وخاصة الأبحاث الزراعية لإنتاج أصناف جديدة من الحاصلات الاستراتيجية تستهلك مياه أقل وتنتج محصول أعلى وتتحمل ارتفاع درجات الحرارة والعطش وكل التغيرات المناخية.
وأشار إلى أن المؤتمر ناقش أيضا البيئة والمناخ والمياه العابرة للحدود وكيف تتحول من الصراعات إلى التعاون إذا احترمت كل دولة ما تليها من الدول نفس الشهر، فالتعاون في التنمية يجب أن يكون أكبر من الصراع في المياه العابرة للحدود، مؤكدا أن أسبوع القاهرة للمياه لعامه الرابع على التوالي ناجح للغاية.
وأضاف أنه في السابق لم يكن هناك سوى أسبوع واحد عالمي للمياه يعقد في ستوكهولم عاصمة السويد منذ 15 عاما دون أي منافس عالمي، موضحا أن أسبوع القاهرة للمياه أصبح الآن على الأجندة العالمية ومنافس قوي لأسبوع ستوكهولم للمياه وجذب باحثين وأكاديميين من كل دول العالم.
ولفت إلى أنه شارك باحثين من كل دول الاتحاد الأوروبي وآسيا وأفريقيا ومسئولين من كل دول القارة السمراء وعدد كبير من المسئولين سواء الوزراء أو نواب الوزراء الأفارقة والمصريين مثل وزراء التعاون الدولي والري والزراعة والإسكان الذين عرضوا جهود معالجة المياه وإدارة الموارد المائية.
وأوضح أن الأسبوع يزداد في الكفاءة سنويا ومن المتوقع أن يزداد نجاح في الأعوام المقبلة.
التوصيات
ومن جانبه، قال الدكتورعباس شراقي، مدير مركز تنمية الموارد الطبيعية بإفريقيا، أن أسبوع القاهرة للمياه انتهى بتوصيات في العديد من المجالات، منها بيانات وصندوق البحث العلمي باستخدام الاستشعار عن بعد، حيث تم التأكيد على استخدام الاستشعار عن بعد كأداة، مضيفاً أن نظام الاستشعار عن بعد يتم استخدامه منذ حوالي 50 سنة وتطبيقاته يتم استخداماها في مجال المياه، وما جعل المؤتمر يتطرق إلى الاستشعار عن بعد هو البحث الذي تم تنفيذه على سد النهضة باستخدام الاستشعار عن بعد، جميع البيانات التي يتم الحصول عليها الخاصة بسد النهضة الأثيوبي هي باستخدام الاستشعار عن بعد.
وأضاف أن المؤتمر أكد على تحسن طرق معالجة التحديات التي تواجهها مصر والدول الأخرى ، حيث أن العالم يواجه تحديات كبيرة، على رأسها زيادة عدد السكان بما يتطلب توفير موارد مائية وتحقيق الأمن الغذائي وهو مايحتاج إلى زيادة التعاون بين الدول، مشيرا إلى تأكيد الرئيس السيسي في خطابه على أهمية التعاون بين دول العالم للتغلب على المشاكل والاستفادة من الموارد المائية على سطح الأرض، خاصة دول حوض النيل والتي تمتلك موارد كبيرة لذا من الضروري أن تتعاون فيما بينها.
وأشار إلى أن المؤتمر تناول أهمية معالجة المياه للتغلب على مشكلة ندرة المياه، مؤكداً أن هذا الأمر مبالغ فيه لأن تحلية المياه تتم لاستخدامها في الشرب بينما مصر والعديد من الدول تعاني من الاحتياج لمياه للزراعة. وطالبا بالفصل بين موضوع تحلية مياه البحر ومشاكل مصر المائية. وأكدوا على ضرورة تبادل الخبرات والمعلومات والتعاون والمشاركة في مجال البحث العلمي.
مصر والسنغال
وقال شراقي أن العديد من الوفود كانت حاضرة في هذا المهرجان لأنه مهرجان علمي، حيث كان فيه أكثر من 1000 من المسئولين الكبار والوزراء والخبراء، وتم التطرق إلى خطابات التعاون التي حدثت بين مصر والسنغال ومصر وجنوب السودان.
وتابع أن العلاقات والتعاون المشترك بين مصر والسنغال ليس جديد حيث أن مصر نفذت العديدمن المشروعات هناك، منها حفر العديد من آبار المياه الجوفية ومياه الشرب بالإضافة إلى إنشاء محطات للبيانات وقياس المراسيب، وتم تنإقامة معمل لعمل قياسات نوعية المياه مثل الملوحة وغيره، بالإضافة إلى دراسة لإقامة سد في جنوب السودان.
واستطرد: وأوضح أن أهم النقاط من وجهة نظره التي تم تناولها هي التركيز على التعاون بين الدول وبعضها البعض، حيث أن أزمة نقص المياه يمكن حلها إذا تعاونت دول العالم. وأضاف أنه كان يتمنى لو تم مناقشة إقامة مشروعات مائية في دول المنابع، وهو مالم يتم التطرق إليه.
جهود مصر
ونوه بأن الرئيس السيسي استعرض في خطابه ما قامت به مصر من مشاريع لترشيد استهلاك المياه من خلال عمل محطات معالجة المياه وتبطين الترع، وهي كانت محل ذكر طوال الأسبوع لأنه من أهداف المؤتمر عرض الجهود المصرية في الحفاظ على المياه وإعادة استخامها على المجتمع الدولي، موضحاً أن مصر أبرزت التكاليف التي تكلفتها لإعادة استخدام المياه نتيجة أنها محدودة وزيادة عدد السكان.
وأشار إلى أن وزير الري تحدث على خطورة سد النهضة في حالة انهياره وهو مايستدعي تنفيذ مشاريع بنية تحتية يمكن أن تكلف المليارات للحفاظ على السد العالي والمحافظة على الأمن المائي المصري، فالعديد من الخبراء تحدثوا عن المشكلة التي ستتعرض لها مصر إذا حدث أي مشكلة في سد النهضة، كما أكد على أن أسبوع المياه كان فرصة لاستعراض نشاط وزارة الري، والجهود المصرية بصفة عامة في مختلف القطاعات.
وأوضح شراقي أنه لم يتم وضع أزمة سد النهضة على دائرة الحوار نتيجة عدم وجود أي ممثلين إثيوبيين، حيث أن وزير الري أرسل لهم دعوات في السنوات الماضية ولكنهم لم يحضروا، فلم يبعث لهم رسائل للحضور هذا العام نتيجة المشاكل القائمة.