الإثنين 13 مايو 2024

راجع الذكريات.. «العدوان الثلاثي» بداية النهاية لنفوذ بريطانيا العظمى على مصر

عرب وعالم29-10-2021 | 17:32

سها البغدادي

لم تكن أزمة السويس وليدة لحظتها ولكن امتدت جذورها إلى الصراع الطويل بين مصر والقوى الأجنبية الذي اشتدت حدته مع قيام ثورة يوليو 1952 وتحرر مصر من هيمنة الاستعمار لتشكل سياستها الخارجية المستقلة.

نهاية وضع بريطانيا العظمى 

العدوان الثلاثي على مصر 1956، اشتهرت الحرب في مصر والعالم العربي باسم «العدوان الثلاثي» لأنها كانت نتيجة مؤامرة ثلاثية بين دول بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وتعتبر ثاني الحروب العربية الإسرائيلية بعد حرب 1948، وتعد واحدة من أهم الأحداث العالمية التي ساهمت في تحديد مستقبل التوازن الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، يرى المؤرخون أن تلك الحرب مثلت "نهاية وضع بريطانيا العظمى كواحدة من القوى العظمى في العالم".

وكان من تبعات الحرب استقالة رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن، وفوز وزيرالشؤون الخارجية الكندي ليستر بيرسون بجائزة نوبل للسلام، ومن المرجح أن الحرب قد شجعت الاتحاد السوفييتي على غزو المجر.

اتفاقية الجلاء وظهور أزمة السويس 

عقب توقيع اتفاقية الجلاء سنة 1954 بعد مفاوضات مصرية بريطانية، بدأت ظهور أزمة السويس رافقتها مقاومة شعبية شرسة للقوات الإنجليزية بالقناة، كانت علاقة عبد الناصر مع الدول الغربية في تلك الفترة في تبد جيدة خاصة مع موافقة البنك الدولي بدعم أمريكي بريطاني على منح مصر قرضاً لتمويل مشروع السد العالي الذي كان يأمل به الزعيم جمال عبد الناصر بهدف تحقيق إنجازات زراعية وصناعية في البلاد.

قمع التسليح فى الشرق الأوسط 

 أعلن عبد الناصر عداءه لإسرائيل بكل صراحة، وضيّق الخناق على سفنها في قناة السويس وخليج العقبة، ما شجع إسرائيل لتدعيم ترسانتها العسكرية فقامت بتوقيع عقد صفقة أسلحة مع فرنسا، فقرر عبد الناصر طلب السلاح من الولايات المتحدة وبريطانيا، إلا أنهما ماطلتا في التسليم ورفضتاه في النهاية وأرجعوا ذلك إلى وضع حد لسباق التسليح في الشرق الأوسط، في تلك الفترة كانت المناوشات الحدودية مستمرة بشكل متقطع بين الدول العربية وإسرائيل منذ حرب 1948.


تحجيم نظام عبد الناصر ومنع المساعدات العسكرية

 لم يجد عبد الناصر بديلاً إلا أن يطلب السلاح من الاتحاد السوفيتي وقابله السوفيتي بالترحيب لتدعيم موقفه بالمنطقة، فقررت كلٌ من بريطانيا والولايات المتحدة الرد على الخطوة المصرية، والرد على رفض عبد الناصر الدخول في سياسة الأحلاف، ورفضه الصلح مع إسرائيل طبقاً لشروط الغرب كما أقرتها الخطة "ألفا" وذلك بوضع خطةٍ جديدةٍ أُطلق عليها "أوميجا" هدفت إلى تحجيم نظام عبد الناصر عبر فرض عقوبات على مصر بحظر المساعدات العسكرية، ومحاولة الوقيعة بينها وبين أصدقائها العرب، وتقليص تمويل السد ثم إلغاؤه بالكامل في وقت لاحق.


تأميم قناة السويس الفرصة الوحيدة 

بعد إلغاء تمويل السد ، رأى الزعيم جمال عبد الناصر فرصة وحيدة وهى  تأميم قناة السويس بهدف الحصول على التمويل اللازم لبناء السد العالي، وبالفعل أعلن في 26 يوليو 1956 قرار التأميم، ومع فشل الضغط الدبلوماسي على مصر للعدول عن قرارها قررت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وضع خطة لاستخدام القوة العسكرية ضد مصر أُطلق عليها بروتوكول سيفرز آملين بذلك تحقيق مصالحهم من تلك الضربة.

 المؤامرة الثلاثية على مصر والتخلص من عبد الناصر 

كانت بريطانيا تهدف إلى التخلص من الزعيم عبد الناصر الذي هدد النفوذ البريطاني بتحقيق الجلاء، وتحالف مع السوفييت، وأمم القناة التي تمر منها المصالح البريطانية، وعلى الصعيد الفرنسي كانت فرصة للانتقام من عبد الناصر الذي ساند ثورة الجزائر، وأمم القناة التي كانت تحت إدارة فرنسية، في حين وجدت إسرائيل فرصتها لفك الخناق المحكم على سفنها في قناة السويس وخليج العقبة، وتدمير القوات المصرية في سيناء والتي كانت تشكل تهديداً صريحاً لها.

هبوط قوات إسرائيلية فى عمق سيناء 

في 29 أكتوبر 1956 هبطت قوات إسرائيلية في عمق سيناء، واتجهت إلى القناة لإقناع العالم بأن قناة السويس مهددة، وفي 30 أكتوبر أصدرت كل من بريطانيا وفرنسا إنذاراً يطالب بوقف القتال بين مصر وإسرائيل، ويطلب من الطرفين الانسحاب عشرة كيلومترات عن قناة السويس، وقبول احتلال مدن القناة بواسطة قوات بريطانية فرنسية بغرض حماية الملاحة في القناة، وإلا تدخلت قواتهما لتنفيذ ذلك بالقوة. 


الغزو الأنجلو-فرنسى على مصر 

أعلنت مصر رفضها احتلال إقليم القناة، وفي اليوم التالي 31 أكتوبر هاجمت فرنسا وانجلترا  مصر وبدأت غاراتهما الجوية على القاهرة ومنطقة القناة والإسكندرية. ونظراً لتشتت القوات المصرية بين جبهة سيناء وجبهة القناة وحتى لاتقوم القوات المعتدية بحصارها وإبادتها، أصدر الزعيم عبد الناصر أوامره بسحب القوات المصرية من سيناء إلى غرب القناة، وبدأ الغزو الأنجلو-فرنسي على مصر من بورسعيد التي ضربت بمنتهى الوحشية  بالطائرات والقوات البحرية تمهيداً لعمليات الإنزال الجوي بالمظلات.


المقاومة الشعبية ببورسعيد تتصدى للاحتلال

قاومت المقاومة الشعبية ببورسعيد الاحتلال بشراسة وبمنتهى الاستبسال مما حرك العالم ضد قوات العدوان الثلاثي وساندت الدول العربية مصر أمام العدوان وقامت بنسف أنابيب النفط في سوريا، وفي 2 نوفمبر اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بوقف القتال، وفي 3 نوفمبر وجه الاتحاد السوفيتي إنذاراً شديد اللهجة إلى بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وأعلن عن تصميمه على محو العدوان، كما أدانت الولايات المتحدة العدوان على مصر، فأدى هذا الضغط الدولي إلى وقف التغلغل الإنجليزي الفرنسي، وقبول الدولتين وقف إطلاق النار ابتداءً من 7 نوفمبر ودخلت قوات طوارئ دولية تابعة للأمم المتحدة.


نزول العلم البريطاني من فوق مبنى قناة السويس

وفي 19 ديسمبر أُنزل العلم البريطاني من فوق مبنى هيئة قناة السويس ببورسعيد، بعد ذلك تم انسحاب القوات الفرنسية والإنجليزية من بورسعيد في 22 ديسمبر، وفي 23 ديسمبر تسلمت السلطات المصرية مدينة بورسعيد واستردت قناة السويس، وهو التاريخ الذي اتخذته محافظة بورسعيد عيداً قومياً لها أطلق عليه "عيد النصر". وفي 16 مارس 1957 أتمت القوات الإسرائيلية انسحابها من سيناء.

Dr.Radwa
Egypt Air