شهد المجتمع خلال الآونة الأخيرة حوادث متفرقة، بسبب تلصص أصحاب المحلات على الفتيات أثناء قياس وتبديل الملابس في غرفة القياس أو "البروفات"، وكان آخرها صاحب محل ملابس بمنطقة العمرانية، والمتهم بتصوير الفتيات أثناء تبديل أو قياس الملابس في البروفة باستخدام فتحة سرية، كما يلجأ البعض لتركيب كاميرات مراقبة صغيرة الحجم لتصوير الفتيات أثناء تبديل ملابسهن.
ويعد وجود كاميرات مراقبة مثبته في المحلات التجارية أمرا متعارف عليه، وذلك بهدف تأمين المكان وحمايته من السرقة، ولكن استخدام بعض أصحاب المحلات التجارية الخاصة بالملابس النسائية تلك الكاميرات لأغراض دنيئة منها مراقبة السيدات في غرف الملابس، عن طريق وضع كاميرات دقيقة لا ترى بالعين المجردة، إذ تأخذ أشكالا وأحجاما مختلفة.
وفي واقعة العمرانية استخدم صاحب المحل فتحة سرية في غرفة البروفة، لمراقبة الفتيات والسيدات أثناء قياس وتبديل الملابس وتصويرهما خلسة من فتحة سرية بالمكان، حتى اكتشفته إحدى السيدات التي انهالت عليه ضربا وسبابا، وأبلغت الشرطة وألقت القبض عليه، وصدر قرارا بحبسه 15 يوما على ذمة التحقيقات.

مريض نفسي
وعن هذه الواقعة، قالت ريهام الصاوي، صاحبة محلات ملابس، إن وجود هذه الكاميرات داخل غرفة القياس أو البروفة فعل غير أخلاقى ومتعمد ومقصود من صاحب المحل وليس له علاقه بالسرقة أو حماية وتفادى سرقة بضاعته، وأن ضرورة الكاميرا هي في أروقة المحل وليست بغلافة تبديل الملابس.
وأكدت أن الشخص الذي يسمح لنفسه بمراقبة وتتبع السيدات أثناء قياس أو تبديل الملابس هو مريض نفسى، مؤكدة أنه في المحل الذي تمتلكه فإن لكاميرات المراقبة بعيدة تماماً عن باب البروفة.
فيما قال محمد الخباز دكتور صيدلي، إن هذه الواقعة لها سببين أولهم عدم وجود دين عند الشخص الذي يرتكب مثل هذه الجريمة، والثاني هي أنه بالتأكيد مريض نفسي، ونصح السيدات قبل دخولها أي غرفة لتبديل الملابس أن تشغل كاميرا وتغلق الأنوار ولو وجدت شعاع أحمر بسيط تذهب من هذا المكان على الفور، وتبلغ الشرطة.
سلوك قهري وانحراف
ومن جانبه، قال الدكتور وليد هندي استشاري الطب النفسي، إن مرتكب هذه الواقعة يعاني من التلصص والتجسس هو سلوك قهري وانحراف سلوكي من بين 15 انحراف جنسي متعارف عليهم، ويسمى بالتلصصية، وهذا السلوك يستمتع صاحبه برؤية الأخرين عرايا، أو بالنظر إليهم ومراقبتهم.
وأشار إلى أن هذا السلوك يمارسه خلف الأبواب أو المنافذ المغلقة، أو وسائل احتيالية، أو بالتصوير خلسه، أو بتركيب الكاميرات السرية، وهو انتهاك لحرمة وخصوصية الأخرين، مؤكدا أنه في أغلب الأحيان هذا المريض لا يسعى للتلصص لغرض الابتزاز أو للتواصل مع الشخص، ولكن لمجرد المشاهدة، وأنه غالباً ما يكون لديه شعور بالنقص فيقوم بالتعويض النفسي .

عقوبة التلصص القانونية
ومن جانبه، قال الدكتور صلاح الطحاوي، أستاذ القانون، إن واقعة تصوير الفتيات في غرفة البروفة وجدت في بداية الأمر وتزايدت واستمرت بسبب أن الضحايا السابقين لم يقدموا على البلاغ عند اكتشاف تلك الكارثة، فانتشرت تلك الجريمة مثل التحرش والمعاكسات فأصبح الأمر في انتشار إلى أن تكررت في عدة وقائع.
وأوضح أن هذه الجريمة وهي استراق سمع، وتصوير بدون إذن، وجريمة في صحيفة الجنح، وعقوبتها الحبس لمدة عام، لأنها جنحة وليست جناية، مؤكدا أن المجرم الذي أرتكب مثل هذه الوقائع لم يتوقف على مجرد تصويرها، بل غرضه الأهم هو نشر تلك المقاطع، أو ابتزاز بها المجني عليهم لتحقيق الربح والكسب الغير مشروع.
وطالب بضرورة اعتبار هذه الجريمة جناية وليست جنحة وتشديد عقوبة فعلها لتحقيق الردع العام، لأن العقوبة وطبقاً لقانون العقوبات بالحبس، يعاقب بمدة لا تزيد سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن، وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال في الأحوال غير مصرح بها قانوناً أو بغير رضا المجني عليهم.
وطالب "الطحاوي" من المواطنين عند اكتشاف تلك الجريمة يجب إبلاغ الشرطة على الفور، ليتلقي المجرم عقابه المستحق، كما طالب المشرع المصري بتعديل العقوبة في الدستور المصري من جنحة إلى جناية ليكون مدة العقوبة بها تتراوح بين الـ3 سنوات والـ7 سنوات ليكون الجاني عبرة لمن يعتبر، وللقضاء على تلك الظاهرة بشكل نهائي.