قال الناقد الادبي الدكتور يسري عبدالله إن عقب إصدار طه حسين كتابه اللافت «في الشعر الجاهلي»، عام 1926 هاج وماج التيار الديني الذى كان يتخفى خلف عباءة المحافظة والتقليد وقتها، وصعد الأمر للبرلمان المصري، الذي كان حاويا جملة من التيارات السياسية المتصارعة، وهوجم طه حسين هجوما شديدا ودعا البعض إلى فصله من الجامعة، وقاد التيار الظلامي الحملة بشراسة ضد أحد أهم رموز التنوير في الثقافة العربية، ظلت الواقعة المخزية حاضرة في وعي طه حسين، ربما لم يخفف من آثارها القاسية سوى المذكرة التي قدمها وكيل النائب العام السيد محمد نور التي حوت دفاعا رصينا عن طه حسين والحرية الفكرية معا.
وأضاف خلال ندوة طه حسين وروح مصر المتجددة المنعقدة الندوة في مكتبة خالد محيي الدين بحزب التجمع الوطني: على الرغم من صدور الكتاب فيما بعد تحت مسمى جديد «في الأدب الجاهلي»، فإن جوهر الفكرة التي أراد طه حسين تضمينها في مؤلفه ظل حاضرا، كان التيار الديني يسعى صوب توطيد أركانه في المجتمع آنذاك، وكان صنيع طه حسين يفضي إلى خلخلة المستقر من الأفكار الجاهزة، كان المناخ الليبرالي في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي كفيلا بأن يرهن مفكر بحجم أحمد لطفي السيد استقالته من إدارة الجامعة بعدم تعرض طه حسين لأى عسف، تواصلت معركة طه حسين مع التيارات الظلامية، ولم تهدأ الاتهامات ضده حتى الآن، وراجت أباطيل كاذبة بحق الرجل الذى نذر نفسه للدفاع عن حرية التفكير، ولم يفت فى عضد المفكر الرائد كل هذه الخزعبلات، كان في القلب غصة ولا شك، لكنه مضى مواصلا طريقه.
ويشارك في الندوة الكاتب والناقد الدكتور يسري عبدالله، والشاعر والمؤرخ الأدبي شعبان يوسف، والكاتبة الصحافية إيمان رسلان، وتديرها الباحثة الدكتورة دينا محسن، تتنوع الأوراق المقدمة في الندوة، حيث يتحدث الكاتب والناقد الدكتور يسري عبدالله عن (طه حسين وروح مصر المتجددة)، ويتحدث الشاعر والمؤرخ الأدبي شعبان يوسف عن ( طه حسين وعصر من الجدل).
وتتحدث الكاتبة الصحافية إيمان رسلان عن ( التعليم عند طه حسين)، وكان طه حسين قد توفي في 28 أكتوبر من العام العظيم الذي شهد انتصارنا المجيد في حرب أكتوبر الخالدة 1973، وولد الدكتور طه حسين في نوفمبر من العام 1889، وكانت حياته تعبيرا عن العطاء اللانهائي والفاعل والممتد، ويعد طه حسين أحد أبرز وجوه التنوير في حياتنا الثقافية.
ويمثل منجزه الفكري والإبداعي تعبيرا حقيقيا عن روح مصر البهية والمتجددة، ويعد منتدى المستقبل للفكر والإبداع إحدى اهم الحلقات النقدية في الثقافة المصرية والعربية، وتعضيد الثقافة الوطنية، ويطمح المنتدى كما جاء في بيانه التأسيسي"إلى أن يكون أعلى تمثيلات الموضوعية عبر إعادة الاعتبار لمفهوم القيمة من خلال تقديم النماذج الإبداعية المعبرة عن القيم الطليعية المتجددة.