الثلاثاء 21 مايو 2024

ممثل الفاو في مصر: مشروعا الدلتا الجديدة و500 ألف فدان في سيناء «إبداعية» وتسهم فى صناعة واقع جديد (حوار)

ممثل الفاو في مصر

تحقيقات4-11-2021 | 20:39

أماني محمد

- ارتفاع أسعار الغذاء عالميا بطيء ومتواصل واستمراره يجعل الوضع صعبا

- تغير المناخ من أبرز أسباب ارتفاع أسعار الغذاء

- 20 مشروعا يجري تنفيذها بين الفاو والحكومة المصرية

- مصر حققت إنجازات في قطاعات لم تكن متوقعة حيث زاد الإنتاج والفائض والصادر

- مشروع الدلتا الجديدة و500 ألف فدان في سيناء إبداعية وضخمة لخلق واقع جديد

- نسبة ناقصي التغذية في مصر منخفضة للغاية ومستقرة

- مبادرة حياة كريمة  توفر إمكانيات للأسر لتنويع الغذاء بشكل صحي ومتنوع

 

ألقت جائحة كورونا بظلالها على مختلف القطاعات في كل دول العالم، فأدت لتداعيات سلبية على ملف الأمن الغذائي في العالم، لكن رغم ذلك نجحت الدولة المصرية في الحفاظ على مستوى الأمن الغذائي خلال تلك الفترة بل والتوسع في مشروعاتها لاستكمال التنمية في مختلف المجالات وعلى رأسها الزراعة ما أدى لتأثيرات إيجابية.

وأكد الدكتور نصر الدين الحاج الأمين، ممثل منظمة الأغذية التابعة للأمم المتحدة "الفاو" في مصر، أن مصر نجحت في الحفاظ على مستويات آمنة من الإنتاج الزراعي بل وتحقيق وفرة الغذاء بشكل مستدام واستقرار الإمداد والأسعار، موضحا في حواره مع بوابة "دار الهلال"، أن تغيرات المناخ والصراعات من الأسباب التي أدت لارتفاع أسعار الغذاء عالميا، وإلى نص الحوار:

 

هناك أزمة في ارتفاع أسعار الغذاء عالميا والذي وصفته منظمة الفاو بأنه الأعلى منذ 10 سنوات.. فما هو الوضع حاليا؟

ارتفاع أسعار الغذاء عالميا هو ارتفاع تدريجي وليس مفاجئا، فالصدمات التي حدثت في الماضي كانت نتيجة ارتفاع مفاجئ في شهر أو اثنين أو ثلاثة أشهر، لكن ما حدث الآن هو ارتفاع تدريجي منذ العام الماضي حتى الآن، وهو ارتفاع بطيء لكنه متواصل، ما أدى إلى أن الأسعار في سبتمبر 2021 مقارنة بأسعار سبتمبر 2020 تكون الزيادة في المتوسط تخطت الـ30%.

فالإحساس بالزيادة ليس صدمة، لكن إذا كان الارتفاع في أشهر معدودة اثنين أو ثلاثة كان سيؤدي لأزمة أكثر، فالزيادة الحالية لا تعتبر أزمة لأنها تدريجية وخفيفة، لكن الخطورة في استمرار الزيادة ما يجعل الوضع صعبا للغاية لشرائح كبيرة من المجتمعات في مختلف الدول ما يؤدي لصعوبة الحصول على الغذاء.

 

.. وما هي الأسباب وراء ذلك؟

الأسباب كثيرة وتختلف من بلد لآخر، فهناك بلد ارتفعت الأسعار بسبب تقلبات الأمطار أو تقلبات موسمية وهناك بلدان أخرى بسبب الصراعات الداخلية لأسباب سياسية وغير سياسية أدت إلى عدم استقرار في الإنتاج أو الوفرة أو قطع خطوط الإمداد لبعض المجتمعات، وكذلك تغير المناخ الذي يعد واحدا من الأسباب التي ساهمت في هذا المجال.

 

تعقد حاليًا القمة 26 للمناخ التي تنظمها الأمم المتحدة في جلاسجو.. فما رأيكم فيها وكيف تسهم في الوقاية من هذه الأزمة؟

قمة المناخ حدث مهم، وكل القادة المجتمعين يركزون على عنصرين هامين، الأول أنه كل ما تم إنجازه حتى الآن أقل بكثير من المطلوب لتفادي أي كوارث تستتبع تغير المناخ، لذلك يصعب على الدول تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2020، والثاني هو تأكيد كل الجهات في القمة على الحاجة للوصول إلى التزام قوي وقاطع حتى يحدث التغيير المطلوب، وننتظر نهاية القمة لمعرفة التزامات الدول في المرحلة الحالية لتفي بالتزاماتها السابقة لخفض انبعاثات الغازات والمساهمة في خفض درجات الحرارة لـ1.5 درجة حسب الالتزام الموجود، فنترقب نهاية القمة.

وكيف رأيت مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة وكلمته خلالها؟

سعدت بمشاركة مصر في القمة، لأنها شاركت بوفد كبير والجميع يعلم أن مصر طلبت استضافة قمة المناخ القادمة 2022 ونأمل لمصر التوفيق وكل المؤشرات تشير إلى أن مصر قد تنال تأييد الدول الأعضاء لاستقبال القاهرة القمة المقبلة، وهذا ما يأمله الجميع لأن مصر لها دور كبير على المستوى العالمي والإقليمي، وكذلك لأنها تتبنى أجندة خاصة في ملف المياه، وأتمنى إبراز تأثر المياه بتغير المناخ بشكل أكبر إذا استضافت مصر القمة، لأن المياه هي جزء من تغيرات المناخ وترتبط ارتباطا مباشرا بتغيرات المناخ، لكن الاهتمام بها في المناقشات الحالية أقل وضوحا، لكن مصر تهتم بهذا الملف بشكل كبير.

 

وكيف أثرت جائحة كورونا على الأمن الغذائي على مستوى العالم وكذلك قطاع الزراعة؟

جائحة كورونا كانت تحديا واختبارا حقيقيا لأن المطلوب واضح للغاية يتخطى الأفراد والدول، فهناك حاجة للتعاون بين الدول المختلفة، وتعاون كل أطراف المجتمع للعمل سويا، وهو أمر يتماشى مع ما تنادي به قمة نظم الغذاء، التي أكدت أن نظم الغذاء تحتاج إلى العمل على مستويين عمل متناسق بدءا من الإنتاج إلى المائدة إلى الاستهلاك، وفي الوقت نفسه تعاون كل أطراف المجتمع، فكل فرد في المجتمع والدول المختلفة له دور، ولا بد من تكاتف الجهود لمواجهة التحديات في ملف الغذاء.

 

وفيما يخص مشروعات التعاون بين منظمة الفاو والحكومة المصرية.. ما هي أبرزها؟

الفاو تعمل مع الحكومة المصرية في الكثير من المشروعات، ولدينا برنامج قُطْري للتعاون بين المنظمة والحكومة المصرية، الذي يعطي أولويات وموجهات عامة، لكن الأنشطة والمشاريع تأتي حسب الأولويات ووفرة التمويل، فالقيادة على مستوى الاستراتيجية للحكومة المصرية وفي قطاع الزراعة لوزارة الزراعة، ودور الفاو هو مساعدة الحكومة ووزارة الزراعة والجهات القائمة على القطاع والأمن الغذائي لإضافة ما يمكن إضافته لهم حتى ينجزوا مهامهم، فدورنا مساعد لتقديم التوصيات والدعم الفني.

وهذا الدور المساعد، يمكن أن يكون في مجموعة من المشروعات كل منهم له دور في موقع معين مثل الثروة الحيوانية أو الأسماك أو المرأة الريفية، فالمشروعات متعددة لكن تركز على إضافة شيء للاستراتيجية للخطة الكبيرة التي تتبناها الحكومة المصرية، ونأمل أن نسهم إيجابيا ودافعا في هذا المجال، وهي تقريبا 20 مشروعا يجري تنفيذهم حاليا.

 

وما رأيك في المشروعات التي تنفذها مصر للتنمية الزراعية؟

نحن في الفاو نؤكد أهمية الإنجازات الكبيرة التي حققتها الزراعة في مصر خاصة في السنوات الأخيرة، وهذا ليس مجاملة لأحد ولكن الواقع الفعلي، فمصر خلال السنوات الأربع الماضية وخاصة في فترة كورونا، ظل الإنتاج الزراعي في مستوى مرتفع ولم ينخفض مقارنة بالإنتاج في الفترة ما قبل الجائحة بل زاد النمو، وفي الفترة ذاتها حدثت إنجازات في قطاعات لم تكن متوقعة حيث زاد الإنتاج والفائض والصادر في بعض القطاعات، ما أدى إلى وفرة الغذاء بشكل مستدام واستقرار الإمداد والأسعار، وهذا في فترة جائحة ككورونا يعد إنجازا كبيرا.

فمصر حققت أرضية ضرورة رئيسية للمستقبل في مجالات رئيسية، مثل مشروعات التوسع الأفقي والرأسي في الفترة الأخيرة، وجزء منه بدأت ثماره تأتي، وكذلك المجهود الكبير في إعادة استخدام المياه لزيادة الرقعة الأرضية وهو مشروع ضخم ستظهر نتائجه في المستقبل، وهو بالنسبة لبلد بها تحديات في المياه والرقعة الأرضية إنجاز كبير.

وما رأيك في المشروعات الجاري تنفيذها مثل الدلتا الجديدة وزراعة 500 ألف فدان سيناء وغيرها؟

هذه المشروعات إبداعية، فلم يكن أحدا في الماضي يتصور أن إعادة استخدام المياه سيكون في زيادة الرقعة الزراعية بهذه الكمية، وفي البعد الثاني هو الجانب التنموي، فالمشروع ضخم لخلق واقع جديد، وهذا ما يؤكد أن مصر دخلت في المجال وحققت فارقا كبيرا في فترة وجيزة، وهذه المشروعات ستظهر نتائجها في المستقبل، وسيكون لها أثرا كبيرا على التنمية ووفرة الغذاء والريف.

 

وكيف تقيمون وضع الأمن الغذائي في مصر؟

الأمن الغذائي له العديد من الأبعاد الأول والأساسي هو نسبة ناقصي التغذية وهو معيار تقيس به منظمة الفاو الوضع، ففي مصر نسبة ناقصي التغذية منخفضة للغاية وظل لأكثر من 10 سنوات دون الـ5%، وهذا يعد وضعا مستقرا، ونحن لا يهمنا المستوى في بعض الأحيان ولكن استقراره، فاستمرار الوضع الحالي لنحو 10 سنوات أقل من 5% يؤكد أن الوضع مستقر ولا يعني تحديا كبيرا من حيث الجوع، بمعنى أوضح "لا أحد ينام بدون غذاء"، وهو أمر معروف أيضا في الثقافة المجتمعة.

لكن تحدي الأمن الغذائي في مصر هو تحدي نوعي، فالتحديات في التغذية، فقد يكون هناك قطاعا كبيرا يستهلكون كميات كافية من الطعام ولا يعانون من الجوع لكن الطعام ليس مغذيا بالشكل الكافي، وهو أمر يتضح أكثر في الأطفال والرضع والمرضعات، وهذا المؤشر به أداء أقل بعض الشيء.

فنسبة التقزم في الأطفال في مصر عالية بعض الشيء، وهو ما يتطلب مجهود أكبر، وهو أمر يتماشى مع البرامج التي تقوم بها مصر مثل مبادرة حياة كريمة وقبلها كل برامج الاهتمام بالفئات الأكثر احتياجا، بما يساعد في توفير إمكانيات للأسر التي تحتاج إلى تنويع الغذاء بشكل صحي ومتنوع يضمن أن التغذية تكون بشكل أفضل، فالتغذية ضعيفة لأن الإمكانيات المادية محدودة لشراء الغذاء الصحي.

 

هناك مبادرة للكشف على السمنة والتقزم والأنيميا بين الأطفال.. فهل تساعد على تحسين مستوى التغذية؟

بالتأكيد، هذه المسوحات تساعد على تحديد مواطن الإشكال وأولوياتها والفئات الأكثر تضررا بما يساعد على خطة الدولة المصرية ووضع سياساتها لحل المشكلة بشكل أفضل.

 

وفيما يخص الفاقد من الغذاء.. فقد تم تقديره بتريليون دولار سنويا فما الأسباب؟

الفاقد من الغذاء مشكلة عالمية، لثقافة التعامل مع الغذاء، والسلع دائما وخاصة الخضر والفاكهة الفاقد فيها عالي للغاية لأنها لا تتحمل التخزين لفترات طويلة ويجب تخزينها في شروط معينة واستهلاكها في زمن معين، وتحتاج إلى ثقافة من المواطنين في التعامل مع هذه السلع بشكل يمكنهم من تقليل الهدر فيها.

هذه المشكلة عالمية التعامل معها يمكن أن يتم بخطوات بسيطة والآخر يحتاج إلى تكنولوجيا ومجهودات أكبر، الجزء الأسهل هو الوعي العام فالجميع من أفراد المجتمع من الطلاب والأمهات والعاملين في المصانع والفنادق يجب أن يعوا المشكلة لتخفيض الهدر، ويستهلكوا على قدر احتياجاتهم، أما الجانب الثاني هو وضع سياسات سليمة لضمان الإرشاد والتوجيه والضبط والرقابة حتى لا يزداد الفاقد، وكذلك استخدام تكنولوجيات معينة منها التبريد والنقل لتقليل الفاقد، وكذلك التخزين في المكان السليم وهو أمر يحتاج إلى إمكانيات واستثمارات وتكنولوجيا يمكن أن يقلل من الفاقد.

 

بالنسبة للفاقد عند المستهلك كيف يمكن التعامل معه وتقليله باعتباره صاحب النصيب الأكبر من الهدر؟

وفقا لتقرير الفاو الفاقد الأكبر من الطعام على مستوى المستهلك، فالعلاج على مستوى المنتج والمصدر والمصنع يحتاج إلى آلية للاستثمار أما على المستهلك فالأمر يعتمد على الوعي فيجب أن يزداد وعيه بأهمية التوفير وخاصة في المنطقة العربية بجانب تغيير بعض أنماط الغذاء والاستهلاك، وهذا الوعي مسئولية أجهزة الإعلام والثقافة والمؤسسات الدينية.