خلال فعاليات الموسم الثقافي الخامس بعنوان: "تصرفات الحاكم وخطورة الافتئات عليها"، بمقر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، اليوم السبت، بمشاركة محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والمستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، رئيس تحرير صحيفة اليوم السابع، ورئيس تحرير صحيفة الوفد، وقيادات الدعوة بالديوان العام ومديري المديريات الإقليمية، أكد وزير الأوقاف أن هذا اللقاء شديد التفرد والتميز، والذي يشهد انطلاق الموسم الثقافي الخامس للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، متزامنًا مع إطلاق وزارة الأوقاف عددًا من المبادرات كمبادرة "سكن ومودة" والتي تهدف إلى معالجة كثير من القضايا الأسرية وخاصة العلاقة بين الزوجين وقدسية الحياة الزوجية ، ومبادرة "حق الطفل" والتي تهتم بثقافة الطفل.
وتابع بأن قوة الرئيس قوة للدولة، وأن مساحة الحرية والديمقراطية الواسعة في عهد الرئيس السيسي هي التي مكنتنا من تناول موضوعات كانت قبل ذلك من المحظورات، وأننا لا نخشى أهل الشر لأن حجتنا ناصعة وأباطيلهم واهية، وقضية بناء الوعي الرشيد واجب العصر، فهناك أمران في غاية الخطورة أضرا بالخطاب الديني الرشيد هما الجهل والمغالطة الأول: داء يجب مداواته بالعلم، والثاني: داء خطير يحتاج إلى تعرية أصحابه وكشف ما وراء مغالطتهم من عمالة أو متاجرة بالدين ، وأن من أخطر القضايا التي لعبت عليها أو بها جماعات أهل الشر "تصرفات الحاكم" سواء بالافتئات عليها أم بمحاولة تشويه تصرفاته ولو كان في عدل سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).
كما أكد وزير الأوقاف أن كل ما يحقق مصلحة العباد ويرتضيه أهل الحل والعقد ويحقق مصلحة الدولة يدخل في إطار قاعدة أنه حيث تكون المصلحة المعتبرة فثمة شرع الله، مشيرًا إلى أن هناك فرقًا بين تصرفات العالم وتصرفات المفتي وتصرفات القاضي وتصرفات المجالس النيابية وتصرفات رئيس الدولة.
وقد أدرك علماؤنا القدماء طبيعة الفرق بين ما هو من اختصاص الحاكم وما هو من اختصاص العالم، وفرقوا بدقة بين ما تصرف فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) بصفة النبوة والرسالة من شئون العقائد والعبادات والقيم والأخلاق، وما تصرف فيه (صلى الله عليه وسلم) باعتبار الحكم أو القضاء ، فالنبي (صلى الله عليه وسلم) لم يكن نبيًّا ورسولا فحسب ، إنما كان نبيًّا ورسولا وحاكمًا وقاضيًا وقائدًا عسكريًّا.
فما تصرف (صلى الله عليه وسلم) فيه باعتباره حاكمًا أو قائدًا عسكريًّا أو قاضيًا بقي من شروط وضرورات التصرف فيه توفر الصفة الأخرى وهي كون المتصرف حاكمًا أو قائدًا عسكريًّا أو قاضيًا بحسب الأحوال.
ومما تصرف فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) باعتباره رسولاً وحاكمًا معا قوله (صلى الله عليه وسلم): ( مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ )، يقول الإمام أبو حنيفة (رحمه الله): "هذا منه (صلى الله عليه وسلم) تصرف بالإمامة - أي بصفته حاكمًا -، فلا يجوز لأحد أن يحيي أرضًا إلا بإذن الإمام، لأن فيه تمليكًا، فأشبه الإقطاعات، والإقطاع يتوقف على إذن الإمام فكذلك الإحياء".
وعليه فلا يجوز لأحد أن يضع يده على قطعة من الأرض ويقول أحييتهــا فهي لي وبيني وبينكم حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، نقول له: إن النبي (صلى الله عليه وسلم) تصرف في ذلك بصفته حاكمًا، فلا يجوز لغير الحاكم إصدار مثل هذا القرار المتعلق بالحق العام، أو المال العام أو الملك العام، وإلا لصارت الأمور إلى الفوضى وفتح أبواب لا تسد من الفتن والاعتداء على الملك العام، وربما الاحتراب والاقتتال بين الناس، إنما يجب أن يلتزم في ذلك بما تنظمه الدساتير والقوانين التي تنظم شئون البلاد والعباد.