تحل اليوم ذكرى ميلاد الفيلسوف العربي ابن حزم الأندلسي، ويعد من أشهر علماء الأندلس والمسلمين بسبب حدة ذكاءه وسعة علمه، تميز ابن حزم عن أقرانه فكان أكثرهم شهرًة وأكثرهم إخلاصًا للعلم.
ولد في 7 نوفمبر 994م في قرطبة في اسبانيا، وصاحب الفنون والمعارف، فليسوف الفقه والأدب والشعر والتاريخ، مؤلف كتاب " طوق الحمامة" أشهر الكتب في تاريخه، الفقيه، الحافظ، وأكبر العلماء تأليفًا بعد الطبري، ابن حزم الأندلسي.
نشأ في بيت عُرف بالتنعيم والترف، ووجد نفسه وسط كتب نفيسة وعريقة في الأدب والفلسفة منذ نعومة اظافره، بالإضافة إلى براعة والده في الأدب والنثر والشعر وتطرقه إلى بعض الأمور في المنطق والفلسفة وهذا ما مثالًا له.
بدأ ابن حزم الأندلسي في صباه بدراسة المنطق والتحصيل، والحديث على يد يحيى بن مسعود، والفقه على يد شيوخ قرطبة، هذا ما جعله ملمًا بكثير من أمور الفقه والأحكام والقضايا الفلسفية، كما كان شافعي المذهب وانتقل بعده إلى المذهب الظاهري حتى عُرف بـ " ابن حزم الظاهري".
كان يعتمد المذهب الظاهري لـ ابن حزم على رفض القياس الفقهي الذي يعتمد عليه الفقيه الإسلامي، بل يحتم وجود دليل من القرآن والسنة قبل الحكم على القضايا، ويعد هذا انطلاقه له في التمسك بالدين والشريعة دون قبول قياس أو استحسان، وبفضل هذا يُعرف إنه صاحب أول مشروع كامل لإعادة تأسيس الفكر الإسلامي ودراسة أصول الفقه.
عرف ابن حزم الأندلسي بالفصاحة والحدة في خصومة نقاده، واختلف مع الكثير من الفقهاء في قضايا فلسفية، وجرت بينهم المناظرات ومنافرات أدى بعضها إلى تشريده ونفيه عن بلاد قرطبة، ووصل البعض الآخر إلى حرق أجزاء من مجلداته، وعلى الرغم من ذلك كان له آراء واجتهادات أثرت المجتمع العربي والإسلامي.
غيّر ابن حزم الأندلسي النظرة السائدة للمراة والتي تتسم بالدونية أو المهانة بل حرص على تصوير مشاعرها واحترامها، وطالب بحقها في المساواة بينها وبين الرجل حتى وإن كان زوجها، وحقها في توليها المناصب المختلفة وقدرتها على الدخول إلى القضاء.
يعد كتابه " طوق الحمامة" من أشهر الكتب التي تناولت مسائل الحب والعشق، وصور من خلاله الحب في قلب الإنسان مستخدمًا التحليل النفسي والملاحظة والتجربة، لذا فهو قاموس شامل لقواعد الحب من الناحية التحليلة، ويتضمن الكتاب ثلاثين بابًا، بدأ ابن حزم الأندلسي بذكر علامات الحب ومنها إدمان النظر إلى المحبوب، حب الحديث عنه، والاضطراب عند رؤيته، وختم الكتاب بباب " التعفف" والبعد عن المعصية والفاحشة وضرورة الخوف من الله والتفكير قبل أي عمل.
عاش الأندلسي حياته مليئة بالعلم والفكر، وهذا ما جعله يتطرق إلى جميع الفنون، فلا تجد فنًا لم يبرع به، وشكّلت مؤلفاته إرث عتيق للمكتبة العربية وللباحثين بعده، وصفه ابن القيم الذي تتبع كتبه بـ " سيف الحجاج ولسان ابن الحزم شقيقان"، وكان وصفًا دقيقًا ولهذا السبب وقع في خصومة مع فقهاء عصره.
له أكثر من أربعة مائة مجلد في الفنون المختلفة، منها كتاب " النبذ في الأصول"، كتاب " الرد على المالكية"، كتاب " المعلى في شرح المحلى"، كتاب "التحقيق في نقض كلام الرازي" ، رسالة " التوفيق على شارع النجاة باختصار الطريق".
وكتاب " الرد على من كفر المتأولين من المسلمين"، وكتاب " التلخيص لوجوه التخليص، كتاب " الأخلاق والسير"، وكتاب " الرسالة الباهرة"، وكتاب " الفصل في الملل والأهواء والنحل"، وكتاب "مختصر في علل الحديث".