الأربعاء 8 مايو 2024

فرصة لا تعوض.. مستقبل واعد لمصر في توطين صناعة الحرير

صناعة الحرير الطبيعي

تحقيقات11-11-2021 | 23:24

أماني محمد

تعد صناعة الحرير من المشروعات الواعدة في مصر، وخاصة في محافظة الوادي الجديد لإقامة مدينة متكاملة متخصصة في هذا القطاع، فالحرير مشروع صناعي زراعي متكامل، وتعد واحة الحرير في الوادي الجديد نموذجا للنجاح في هذه الصناعة.

وخلال جولة له اليوم في الواد الجديد، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة مستمرة في تقديم الدعم اللازم لإحياء إنتاج وصناعة الحرير بمحافظة الوادي الجديد، مجددا التهنئة لأهالي المحافظة بنجاح مبادرة إنتاج الحرير الطبيعي، التي يتميزون بها، موجها بالتنسيق مع الوزارات المعنية، للتغلب على أية تحديات قد تواجه هذه الصناعة المهمة، كما أكد رئيس الوزراء أهمية العمل على توطين صناعة حل الحرير المنتج من دودة القز، مع إعداد خطة متكاملة لإعادة تفعيل إنتاج الحرير من دودة القز.

ويعد مشروع واحة الحرير شمال مدينة الخارجة من أبرز المناطق الحالية في صناعة الحرير، حيث يتكون المشروع المقام على مساحة 180 فدان على عدد من الصوب الزراعية ( توت- خضروات- نخيل) ومعامل إنتاج الحرير وتربية دودة القز، بالإضافة إلى مزرعة نخيل وثلاجات حفظ التمور بطاقة استيعابية تصل لـ2000 طن ومشروع استزراع سمكي.

 

فرصة لا تعوض

ووصف سامح أحمد مدير رابطة منتجي ومسوقي الحرير في مصر، توطين صناعة الحرير بأنه فرصة واعدة، مضيفا أن الاهتمام بهذا المجال موجود منذ عدة سنوات، فهناك تعليمات من رئيس الوزراء منذ عامين بتوطين تلك الصناعة، حيث بدأ المشروع منذ 2009 لكن مع زيادة عدد المتهمين، بدأت الدولة في 2016 تركيز الاهتمام على هذا الملف.

وأوضح في حديثه لبوابة "دار الهلال"، أنه في 2016 أجرت وزارة الصناعة اجتماعا لبحث المشكلة، والتي سببها نقص الخامات وشجر التوت والمساحات المنزرعة لتوفير المواد الخام للعاملين في تربية دودة القز، موضحا أن مصر تعاني من نقص عدد بيض دود القز، وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا في 2018 بإعفاء بيض دود القز من الجمارك وأعقبه قرارا من المالية بإعفاء هذا البيض من الضرائب.

وأشار إلى أن هذا البيض يتم استيراده من الخارج لأن الكمية المنتجة في مصر من مراكز البحوث المصرية غير كافية، موضحا أن مصر تنتج 1.5 طن من الحرير في حين أن الاحتياجات تبلغ 350 طن، وهناك فرصة خرافية أمام مصر لإنتاج الحرير وتصديره للخارج بسبب تراجع الإنتاج الخارجي بسبب التلوث وحرائق الغابات وأزمة الغذاء والطاقة.

كيفية توطين صناعة الحرير

وحول جهود وآليات توطين صناعة الحرير، أكد أحمد أن رابطة منتجي ومسوقي الحرير قدمت تصورا لوزارة الصناعة في 2016 بعمل تجمع صناعي زراعي سكني تحت مسمى مدينة الحرير المصرية، وفكرته تقوم على مبدأ قرية واحدة منتج واحد، وهو أن تكون هناك مدينة يسكن فيها المستثمرين وتضم حقوق التوت وعنبر التربية، حتى لا يهدر المربيين أوقاتهم في الانتقال أو نقل المواد الخام.

وأكد ضرورة أن تضم المدينة كل الخدمات حتى لا يحتاج المربي إلى الخروج للخارج، مضيفا: "نعمل على هذا التصور في الوادي الجديد منذ 2020 بعدما حصلنا على قطعة أرض في الداخلة وبدأنا العمل بها، فالمجال يحظى على اهتمام كبير من الكثير لأنه من مصادر الدخل العالي ويحقق أرباحا في أول عام والتكلفة الخاصة به تستمر لـ20 عاما.

وأوضح أن تقنيات الصناعة في مصر فهي متوفرة، فهناك ماكينات حل إنتاج خيط حرير حديث، ويمكن تصنيع مثله في مصر بأي عدد نحتاجه من الماكينات، مضيفا: "جودة الخيط عالية، وعند تصديره للخارج أعجب به المستوردين، لأن الحرير المصري يتميز بأن لونه الطبيعي لامع وناعم، بعكس الحرير في الخارج الذي يتسم بكونه خشن، والسبب في ذلك أن الظروف الطبيعية المناخية والتربة والمياه والعمالة في مصر مناسبة للغاية".

وأكد أن مشروع الحرير من المشروعات التكاملية المتداخلة التي يجري استغلال كل جزء من مكوناتها، حيث يجري استغلال أوراق أشجار التوت فى تربية دود القز مع بيع التوت، أما فروع الشجر فيجري استغلالها فى تربية فطر عيش الغراب، واستخدام فضلات دود القز لإطعامها للأسماك، والدود الناتج عن الشرنقة يتم إطعامها للأسماك والدواجن وهي مصدر عالي للبروتين ما يحل أزمة العلف، وكذلك زراعة بعض المحاصيل مثل البرسيم وغيره.

تاريخ صناعة الحرير في مصر

وتعود صناعة الحرير في مصر إلى عهد محمد علي باشا، ويوضح رئيس اتحاد منتجي الحرير أن نجاح هذا المشروع في عهد محمد علي كان لافتا، ففي العام الثاني لدخول هذه الصناعة مصر أنتجت إنتاجا يفوق الصين التي كان الحرير مكتشفا بها منذ 3 آلاف عاما، موضحا: "أول اكتشاف للحرير كان في الصين، لكن عندما دخل مصر كان إنتاجها أعلى ما أنتجته الصين ذاتها".

"أمامنا فرصة لا تعوض"، يضيف سامح أحمد، مؤكدا أن كل الظروف الآن تتيح لمصر الدخول بقوة والحصول على مكانة متقدمة في إنتاج الحرير عالميا، مشددا على ضرورة الإسراع في تذليل العقبات للتوسع في عمل مشروع الحرير، من خلال التوسع في استيراد بيض دودة القز وعمل بروتوكولات مع الدول المتقدمة لإدخال تقنيات حديثة.

وأشار إلى أهمية التوسع في إنتاج شجر التوت الهندي عالي الجودة القزمي، الذي يكبر بسرعة في خلال 6 أشهر، ويزرع في الفدان الواحد 7 آلاف شجرة، تمكن من تربية عدد كبير من البيض ويخرج عائدا كبيرا، موضحا أنه يجب أن يكون هناك أماكنا معتمدة في التدريب العملي لضمان نجاح المشروعات.

 

 

صناعة عالية الربحية

ومن جانبه، قال الدكتور محمد فتحي سالم، أستاذ الزراعة الحيوية بجامعة السادات، إن صناعة الحرير مشروع كبير وعملاق ويحتاج  إلى أيدي عاملة، والشجر المناسب له يزرع في الدلتا، موضحا أن مصر إذا اهتمت بهذه الصناعة فيمكنها أن تتفوق فيه بشكل كبير، وخاصة أن صناعة الحرير من الصناعات المربحة والتي تحقق أرباحا عالية تصل إلى 8 أضعاف المادة الخام.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الحرير الطبيعي غالي التكلفة وتتسيده دول محددة في الصناعة والزراعة، موضحا أن أشجار التوت هي أحد مصادر تربية دود القز المنتجة للحرير، ولتحقيق إنتاج مكثف نحتاج لغابات شجرية لتوسيع زراعة وتربية دودة القز وبالتالي النهوض بصناعة الحرير لأنها كثيفة العمالة.

Egypt Air