كان قوم نوح ــ عليه السلام ــ من الأقوام التي كفرت بخالقها واتخذت من دونه آلهة تعبدها، وقد ذكر لنا القرآن الكريم أسماء من هذه الآلهة المزعومة، في قوله تعالى: «وَقَالُوا لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَتَذَرُن وَدا وَلاَسُوَاعا وَلاَيَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً»، وأدهشت قصة سفينة نوح الكثير منا، وهناك من يتساءل حول المكان الذي رست فيه سفينه نوح، وفي هذا الصدد ستوضح بوابة «دار الهلال» المكان الذي رست فيه سفينة نوح، وهي كالآتي:
مكان إرساء سفينة نوح
أشار الله -تعالى- إلى المكان الذي رست عليه سفينة نوح -عليه السلام-؛ وهو جبل الجوديّ الذي ورد في القرآن، حيث قال الله -تعالى-: (وَقيلَ يا أَرضُ ابلَعي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقلِعي وَغيضَ الماءُ وَقُضِيَ الأَمرُ وَاستَوَت عَلَى الجودِيِّ وَقيلَ بُعدًا لِلقَومِ الظّالِمينَ)، والجودي هو جبل في العراق في مدينة الموصل يقع بالقرب من التقاء نهري الدجلة والفرات، وقيل إنّه في مدينة الكوفة.
بناء سفينة نوح وموقف قومه منها
بناء نوح عليه السلام السفينة
استمرّ نوح -عليه السلام- في دعوة قومه إلى توحيد الله -تعالى- وعبادته ألف سنة إلّا خمسين، ورغم هذه الفترة الطويلة في الدعوة إلّا أنّه لم يؤمن معه إلّا قليل، حيث كانوا يزعمون أنّ هناك ثلاثة أسباب تمنع نبوّة نوح -عليه السلام-:
أوّلها: إنّ نوح -عليه السلام- بشر، ولو أراد الله -تعالى- أن يبعث نبياً لكان أحد الملائكة، حيث قال الله -تعالى-: (فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَـذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً).
ثانيها: عدم سماعهم بمبعثه -عليه السلام- من آباءهم وأجدادهم، حيث قال الله -تعالى- على لسانهم: (مَّا سَمِعْنَا بِهَـذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ).
ثالثها: اتّهام نوح -عليه السلام- بالجنون، وانتظارهم موته للتخلّص من دعوته، حيث قال -تعالى- على لسانهم: (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ)، كما اتّهموه أيضا بالضلال، حيث قال الله -تعالى-: (قالَ المَلَأُ مِن قَومِهِ إِنّا لَنَراكَ في ضَلالٍ مُبينٍ).
وعندما يئس نوح -عليه السلام- من هداية قومه وإيمانهم وأخذوا باستعجاله بالعذاب الذي كان يتوعّدهم به، أوحى الله -تعالى- إليه بالدعاء عليهم، فقال الله -تعالى- على لسانه: (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ)، ثمّ أمره الله -تعالى- بصناعة سفينة ليركبها مع أهله والذين آمنوا بنبوّته وصدّقوه فينجوا من الغرق والطوفان ويهلك الكافرين، حيث قال الله -تعالى-: (وَاصنَعِ الفُلكَ بِأَعيُنِنا وَوَحيِنا وَلا تُخاطِبني فِي الَّذينَ ظَلَموا إِنَّهُم مُغرَقونَ).
فأخذ قومه يستهزئون به لقيامه بصنع سفينة في وسط اليابسة بعيداً عن الماء، ولأنّه أصبح نجارا بعد أن كان نبيّا، قال الله -تعالى-: (وَيَصنَعُ الفُلكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيهِ مَلَأٌ مِن قَومِهِ سَخِروا مِنهُ قالَ إِن تَسخَروا مِنّا فَإِنّا نَسخَرُ مِنكُم كَما تَسخَرونَ* فَسَوفَ تَعلَمونَ مَن يَأتيهِ عَذابٌ يُخزيهِ وَيَحِلُّ عَلَيهِ عَذابٌ مُقيمٌ).