أكد الدكتور نظير عياد، أمين البحوث الإسلامية، خلال مشاركته في فعاليات المؤتمر العلمي الخامس لكلية اللغة العربية بأسيوط، والذي تعقده تحت عنوان الأصول الفلسفية للعلوم الإنسانية قديمًا وحديثًا، بالتعاون مع الأمانة العامة لمجمع البحوث الإسلامية، أن الفلسفة كانت وما زالت هي الطريق الأمثل للوقوف على القواسم الحضارية المشتركة بين الإنسان على اختلاف مذهبِه ولونِه وعِرقِه، وأبرزت لنا منهجية سديدة للإفادة مِن هذه القواسم لبناء مجتمع حضاري يقوم على قيم: "العدل"، و "الحرية"، و "المساواة"، و "التسامح"، و "الإخاء"، وغيرها من القيم والمبادئ التي يحتاج إليها أيّ مجتمع حضاري كحاجتِه للطعام والشراب.
أشار الأمين العام إلى أن علاقة الفلسفة بالعلوم الطبيعية والإنسانية تُعنى بالتوجيه والتنظير والتأصيل للنظريات الأخلاقية والاجتماعية التِي تنقل هذه العلوم مِن حالة راكدة إلى أُخرى حيوية متجددة.
وأوضح عيّاد أن الحديث عن إسهامات الفلسفة في تشييد الحضارات الإنسانية قد أخَذ حيِّزًا كَبيرًا فِي الدراسات العلمية والفلسفية القديمة والمعاصرة، لافتا إلى أن الدراسات أكدت أن الحضارات الإنسانية تَزْدَهِر بالفلسفة لأنَّهَا هي التِي تُجدد أسلوبَها، وتحرِّك فِي تَجرِبَتِها، وتحقق لها الاستقرار، وتضمن لَهَا الاستمرارية والفاعلية، وتعزِّز قيمها ومبادئها وأخلاقَها بين أفراد المجتمع.
كما أكد ضرورة اعتبار الفلسفة وأصولِها وأساليبِها طريقًا مِن أهم الطرُق الناجعة لتجديد الخطاب الديني، وتصحيح المفاهيم، وتحقيق غايات الدِّين ومقاصدِه التِّي تتفق وغايات الفلسفة، وأهمية تجديد الفلسفة وتوثيق الصلة بينها وبين الوحي الإلهي، من خلال فلسفة الإسلام الرشيدة التِي استمدَّها الفلاسفة المسلمون مِن نصوص القرآن الكريم والسنة النبويَّة المطهرة، واستطاعوا مِن خلالِهما صياغة النظريات الفلسفية المعتبَرة التي أسهمت في بناء الحضارة الإسلامية المجيدة.
واختتم عياد - كلمته - بالدعوة إلى أهمية انفتاح الفلسفة الإسلامية المعاصرة علَى الفلسفات الأُخرى؛ وذلك بهدف الإفادة مِنها، وضرورة تدريس مادة "الفلسفة" للباحثين والدارسين، حتى يتكون عند هذا الباحث مَلَكة فلسفية تجعله قادرًا على الانتقال بالفكرة البحثية من الإطار التقليدي في المنهج والنتائج إلى التجديد في البحث ومخرجاته، وضرورة أن تشتبك الفلسفة مع واقع المجتمع ومشكلاته، لا أن تظَل قابعة في أعماق الماضي وجذور التاريخ، أو حبيسة التنظير والتأصيل في الإطار العلمي والأكاديمي فقط.