السبت 23 نوفمبر 2024

(مكرررررررررررررررررررر) .................... سطوة حضور الغائب" قراءة  في عصافير الروح "

  • 8-6-2017 | 14:50

طباعة

 رمضان أحمد عبد الله
يحظى الغائب بسطوة حضوره دائماً، بل يعتبر هو محور الأحداث واهتمام الأبطال في مجموعة "عصافير الروح"للقاص سمير فوزي الصادرة عام 2015. و يفرض هذا الحضور سطوته في كل قصص المجموعة العشر، و سطوة الحضور للغائب إنسانية بالدرجة الأولى؛ ففي قصة "زيارة" تناجي (صديقة) زوجة المخبر رفاعي زوجها وتحكي لها همومها وكأنها لم تجد في الحياة سواه في رقدته بالقبر يسمع لها و يشير عليها كما اعتادت في حياته، فتبث همومها عن ابنتها التي حاضت وتريد منعها من إكمال دراستها بدافع القلق. و في طريقها للقبر تتذكر ما رواه لها عندما طلبت مقبرة على الناصية يخبرها رفاعي أن مقابر الناصية ليست لمثلهم الفقراء و مما تبثه له في مقبرته  ووفائها له، فهي التي استدرجت إسماعيل ابن صاحب المطحن الذي يسير وراءها وفضحته على الملأ  قائلة " هي التي تنام جنب واحد زي رفاعي تبص لواحد زيك". 
 و في قصة (العباءة)  يحضر الأب المتوفى بتاريخه، فهو الذي وافق أهل زوجته على زواجه بدلاً من ابن عطيات الداية الذي حضر في ليلة مطيرة موهماً الأسرة أنه صديق والدهم و طلب  ابنتهم للزواج من ابنه محسن المقيم بالسعودية، و اتضح كذبه و يسرق عباءة أبيهم التي هي بمثابة رمز للتاريخ و التي ورثها الابن عن أبيه، فابن  عطيات جاء انتقاماً من الأب المتوفى ليسرق تاريخ الأسرة، فتمثل العباءة و الأب حضوراً  تاريخياً هاماً، فابن عطيات يتحمل عناء الحضور والسير في ليلة ممطرة ليأخذ التاريخ و ينتقم من تفضيل الأب عليه من قبل أهل الزوجة. 
                                                                                 
و تبلغ سطوة حضور الغائب مداها في المتوالية القصصية و التي حملت عنوان المجموعة "عصافير الروح "، ففي أجزائها الستة تواصل البطلة ملك بحثها عن الذي زارها واحتوى مشاعرها بعد أن بحثت في دولابها عن قمصان نومها و برفاناتها  ولم تجدهما، فليس أمامها سوى إطفاء الأنوار و النوم ليقتحمها ذاك الغائب المجهول بفحولته ويستمر بحثها عنه باستدعائها كل من عرفته على مدى حياتها، وتنخر في ذاكرتها علها تصل إليه و تتذكر و ليد الشاب الأسمر من خلال علاقة تقليدية من البلكونة و الذي أصبح ضابطاً بالجيش وتدرك أنه ليس هو الذي زارها ليلاً، و تعود الذاكرة إلى "كيمو"شبيه الزنوج في زيارته لخالته زوجة أبيها و الذي يغني لها و هي ترقص أمامه واشترط ارتداءها النقاب ليتزوجها لكنها ترفض، وفي الذاكرة ما يزال سمير صاحب الصيدلية المواجهة لسوبر ماركت المصريين الذي عملت فيه بعد حصولها على دبلوم التجارة و بمرورها على الصيدلية وجدت سمير أصلع تغطي عينيه نظارة طبية سمكية فتسرع الذاكرة إلى نزار ابن زوجها الذي تشم رائحة رجولته في ملابسه الداخلية وتحاول منع أبيه إسناد أمور التجارة إليه، ويصاب نزار في حادثة يحتاج على أثرها إلى نقل دم و لا تتوافق فصائل الدماء إلا فصيلة دمها تمنحه الدم و تظل إلى جواره حتى نهاية حياته..
 
و في جملة الغيابات يغيب الدفء الأسري الذي يفتقد الصول  "مغاوري" كما تفتقد زوجته "أم شلبي" التي  تسخر منه وتصرخ فيه  دائماً بأنه ليس رجلاً، و تضع  معيشة بناتها وأزواجهن وأولادها معها مقابل حياتها مع مغاوري الذي تطرده من بيته لرفض شروطها، ويضيع حق مغاوري بعد رضائه  أخيراً، و بحضور السلطة ممثلة في المأمور الذي يرجو أم شلبي بأن تعيد بيت  مغاوري مقابل تطليقها لكن مغاوري ينهار فليس له إلاها  و يعتذر مقبلاً رأس أم شلبي، فمغاوري لا أهل ولا عائلة له إضافة إلى فقدان رجولته، وهذا ما دفعه للاعتذار و تنازله عن توبيخ أم شلبي له الدائم. .

و تستمر أم سلمى في قصة "بائعة الخضرة" عامين بحثاً عن زوجها الذي تعرف في النهاية أنه متزوج وله ولد كما يستمر المحامي في البحث عن أم سلمى بعد أن افتقدها أسبوعاً لا يعرف أخبارها، فهي كانت بمثابة قناة إعلامية يعرف من خلالها   أخبار شارعه، فمن خلالها عرف قصة أم الزين و التي هجرها زوجها بعد إصابتها بحكة جلدية على أثرها تركها الزوج "رمضان الفرارجي" و قصة "مريان" والتي وهبت نفسها لحبيبها أحمد و المحبوسة بالكنيسة لحبس رغبتها في الدخول إلى الإسلام، و حكاية بنت أم السعد التي هجرها زوجها سلمان الفران لإصابتها بتليف في الكبد. كل هؤلاء غائبون عن الحضور الفعلي إلا من  خلال ما يحكي لأم سلمى و التي أصبحت بدورها غائبة عن الحضور حتى آخر القصة تأتي للمحامي ليرفع لها قضية ضد زوجها الغائب الحاضر..   
 
". يقول الكاتب في قصة "عصافير الروح  
أكثر ما يخجلها الآن عندما تتذكر أنها أغلقت حجرته بالمستشفى وخلعت ملابسها الخارجية دخلت إلى جواره في الفراش تحتضنه ظناً أن حرارة جسدها ستبعث الحياة في شرايينه الممتلئة بدمها
وجدت نفسها تحتضن فراغاً، مجرد وجه رأته لأول مرة منذ الحادث يبتسم ابتسامة بلهاء، فرت من المستشفى و لم تعد إليه ثاني.ة.
.
 

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة