الجمعة 24 مايو 2024

بطلة «المومس الفاضلة» تقدم «الذباب» أمام سارتر في مصر... صورة نادرة

الفنانة سميحة أيوب

فن18-11-2021 | 22:54

خليل زيدان

في دارسة نقدية مستفيضة، ألقى الدكتور محمد مندور الضوء على مسرحية "المومس الفاضة" والتي أكدنا بالأمس في بوابة دار الهلال أنها عرضت في النصف الثاني من نوفمبر 1958، وهذا ما يوكده أيضا مقال مندور في مجلة البوليس عدد 7 ديسمبر 1958، أي بعد أيام من عرض المسرحية على مسرح دار الأوبرا المصرية.

 

أكد مندور أن المخرج لم يستطع إلقاء الضوء على الأهداف الرئيسية للرواية، وترك الجمهور في حيرة الفهم، كما أشار إلى أنه لم يكن هناك داع لبعض المشاهد التي تشتت فهم المتلقي، وأيضا لم يكن على البطلة سميحة أيوب أن تؤدي بعض الإشارات والإيماءات التي تعزز دور الغانية أو المومس، كما ذكر أن سارتر لم يكن أبدا ليستخدم مضمون الجنس أو البغاء والإثارة أبدا في كتاباته، فهو فقط اختار الإسم وتلك الشخصية لخدمة المضمون الوجودي وهو العنصرية التي يتمتع بها البيض في ذلك الوقت، وأيضا ازدراء الزنوج وإلحاق التهم بهم وظلمهم من خلال سيدة بيضاء، وكان يمكن لسارتر اختيار شخصية أخرى لروايته، لكنه فضل الغانية لأنها في نظر المجتمع سهلة المنال وتميل نحو من يقدم لها الكثير من الدولارات، وأكد مندور أن الغانية نفسها في رواية سارتر رفضت الظلم وقاومته حتى ولو لنصرة البيض .

 

وبعد ذلك المقال النقدي لمندور الذي وصف العمل فيه أنه مهترئ وينقصه الكثير من عناصر التركيز على الأهداف الرئيسية، وأن به الكثير من الجمل والحوارات التي تشمئز منها النفس كان يجب حذفها، نصل من خلال ذلك إلى قناعة نجوم المسرح القومي أنفسهم بأن الأداء لم يكن جيدا، والدليل على ذلك أن المسرحية لم يعاد عرضها أمام سارتر نفسه عندما جاء إلى مصر.

 

من المعروف أن جان بول سارتر حضر إلى مصر بعد دعوة تلقاها من المثقفين المصريين، الذين ازدادوا قناعة أنه متعاطف مع مصر والقضايا العربية، وذلك بعد تصريحاته عقب العدوان الثلاثي على مصر، وإدانته لفرنسا نفسها .. وبالفعل لبى سارتر الدعوة وجاءت معه سيمون دي بفوار وكلود لانزما مدير تحرير مجلة العصور الحديثة وكان سارتر رئيس تحريرها .. ومن خلال مقال مطول للكاتبة الصحفية عايدة الشريف بمجلة الدوحة تحت عنوان "حدث وأنا أرافق سارتر والمثقفين في بلدي" أكدت أن سارتر جاء إلى مصر في مارس 1967 وقضى بها 16 يوما زار معظم معالم مصر وأثارها الخالدة، منها معبد الكرنك وأهرامات مصر وخان الخليلي وجامعة القاهرة وجريدة الأهرام ، ولبى الكثير من دعوات المثقفين.

 

قبل سارتر دعوة نجوم المسرح القومي على حفل شاي، وفي المسرح قدمت سميحة أيوب فصلا من مسرحية "الذباب" حيث قامت بدور اليكترا، وقام فاروق الدمرداش بدور أورست بدلا من طارق عبد اللطيف، وفي نهاية الفصل قدم فاروق الدمرداش التحية لسارتر بالفرنسية ، فيشكره ثم يعتلي سارتر المسرح ليشكر سعد أردش مخرج العمل ويهنئ الممثلين على إبداعهم .. وهنا نتساءل .. ماذا لو قدم المسرح القومي مسرحية "المومس الفاضلة" بدلا من مسرحية "الذباب"، هل كان إخراج العمل وأداء الممثلين سيعجب سارتر نفسه، أم كان سيلمس الأخطاء التمثيلية والحوارية والإخراجية التي وجهت للمسرحية في دراسة مندور النقدية؟ يبدو أن تلك المقالات النقدية هي ما أقنعت نجوم المسرح القومي بتقديم عمل آخر غير "المومس الفاضلة".