تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنانة برلنتي عبد الحميد، التي بدأت مسيرتها الفنية عام 1952، أي عام ثورة يوليو، وكان لها ذكريات عن أحداث ما قبل الثورة، روتها بنفسها لمجلة الكواكب في عدد 22 يوليو 1958 تحت عنوان "كنت غريبة في وطني"، وفي السطور التالية نسردها في ذكراها.
فجر الثورة
مع البيان الأول لثورة يوليو 1952 قالت برلنتي إنها في ذلك الصباح كانت تتقلب في فراشها في نوم مضطرب حتى وصل إلى أسماعها صوت الراديو حيث يتم إذاعة خبر قيام الثورة، ونهضت واقفة تنصت إلى ما يذاع ثم تملكتها فرحة عارمة لم تشعر بها من قبل، وفي تلك اللحظة عادت بها الذكريات إلى يوم قريب.
أغراب في القطار
قبل أن يمضي شهر على حريق القاهرة، كانت برلنتي حسبما أكدت أنها كانت تستقل القطار من القاهرة إلى الإسكندرية، وجاء مقعدها مقابل لمقعد آخر في القطار، حيث جلس أمامها رجل وزوجته ومعهما إبنتهما فتاة ناضجة جلست بجانبها .. وطال الصمت على المسافرين، فإذا بالرجل يقطع الصمت بحديث يبدي فيه سخطه عن الحالة السياسية في أعقاب حريق القاهرة، فقد كان التجول ممنوعا بعد السادسة مساء والناس تدور أحاديثهم عن الفساد السياسي وحماقات فاروق والبوليس السياسي يحصي على الناس كل كلماتهم وأحاديثهم وحركاتهم .. وأبدى الرجل المسافر معها ضيقه من تلك الحالة ، فأيدت الرجل في أقواله حيث أكدت أنها أيضا كانت تضيق بنفس الحالة ، واشتركت معهما الفتاة ليحصوا عددا من حوادث كثيرة عن الظلم والإستهتار بحقوق الوطن، فنظرت الأم إلى ابنتها نظرة ذات معنى فأوجز الإثنان في حديثهما.
البوليس السياسي في القطار
وتابعت برلنتي: قبل أن نصل إلى الإسكندرية تسلل إلى المكان الذي نجلس فيه اثنان جلسا معنا، وحاولا أن يستدرجانا بالحديث عن السياسة .. ونظرت إليهما وأدركت أنهما من رجال البوليس السياسي، ويريدان الإيقاع بنا، ورفضت أن أتحدث وشعرت أني غريبة في وطني.
وتختتم برلنتي بأن تفاصيل تلك الواقعة تتابعت في ذهنها وهي تقف بجانب الراديو منذ ستة أعوام، وكان صوت المذيع ينبعث قويا فيه تفاؤل ونشوة ، فقد كان اليوم هو 23 يوليو عام 1952، ومع إعلان الثورة حمدت الله وقالت أنها الآن تشعر الآن أنها في وطنها.