الثلاثاء 21 مايو 2024

القائد‭ ‬العسكري‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تغيره‭ ‬السياسة‭ ‬


حسام العادلي

مقالات21-11-2021 | 14:15

حسام العادلي

في‭ ‬يناير‭ ‬2011‭, ‬خرجت‭ ‬جموع‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬تطالب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأسبق‭ ‬حسني‭ ‬مبارك‭ ‬بالرحيل‭ ‬عن‭ ‬حكم‭ ‬البلاد‭, ‬وفي‭ ‬مساء‭ ‬28‭ ‬يناير‭ ‬أعلنت‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ‭ ‬واستدعيت‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬للنزول‭ ‬إلى‭  ‬الشارع‭ ‬للتأمين‭ ‬وحماية‭ ‬المنشآت‭ ‬الحكومية‭ ‬والحيوية‭ ‬بعد‭ ‬الانتكاسة‭ ‬الشرطية‭ ‬صباح‭ ‬وظهر‭ ‬يومها‭, ‬استمرت‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬قرابة‭ ‬18‭ ‬يوما‭ ‬متصلة‭ ‬بلا‭ ‬انقطاع‭, ‬كانت‭ ‬الأوضاع‭ ‬تسير‭ ‬بشكل‭ ‬دراماتيكي‭ ‬متسارع‭ ‬ناحية‭ ‬النهاية‭, ‬وكان‭ ‬أي‭ ‬هاوي‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬التاريخ‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يستشرف‭ ‬المستقبل‭, ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬قامت‭ ‬قيامته‭ ‬ولا‭ ‬ينتظر‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يُدفن‭ ‬فقط‭; ‬وبالفعل‭ ‬وفي‭ ‬يوم‭ ‬11‭ ‬فبراير‭ ‬خرج‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ "‬عمر‭ ‬سليمان‭" ‬ببيان‭ ‬رسمي‭ ‬عرف‭ ‬إعلاميًا‭ "‬بيان‭ ‬التنحي‭" ‬كلّف‭ ‬فيه‭ ‬الرئيس‭ ‬المجلس‭ ‬العسكري‭ ‬برئاسة‭ ‬المشير‭ ‬محمد‭ ‬حسين‭ ‬طنطاوي‭ - ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬وقتها‭ - ‬بإدارة‭ ‬شئون‭ ‬البلاد‭, ‬وتولي‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬ورسمي‭ ‬بعد‭ ‬إقالة‭ ‬الحكومة‭ ‬وحل‭ ‬مجلسي‭ ‬الشعب‭ ‬والشوري‭ ‬المنتخبين‭. ‬

مصر‭ ‬على‭ ‬محك‭ ‬التفكك‭  ‬

في‭ ‬المقدمّة‭ ‬السابقة‭ ‬تبدو‭ ‬الأمور‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬مرّت‭ ‬بسلاسة‭ ‬وبشكل‭ ‬طبيعي‭ ‬يبلغنا‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬وصلنا‭ ‬إليه‭ ‬الآن‭ ‬بفضل‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬وقتها‭ ‬من‭ ‬المشير‭ ‬طنطاوي‭ ‬ومعه‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلس‭ ‬العسكري،‭ ‬ولا‭ ‬تُنبئ‭ ‬لمن‭ ‬لم‭ ‬يعايش‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬أن‭ ‬البلاد‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬محك‭ ‬التفكك‭ ‬والانهيار‭ ‬فعليًا‭ ‬للمظاهر‭ ‬والأسباب‭ ‬التالية‭ : ‬

1-‭ ‬الغياب‭ ‬الكامل‭ ‬للنظام‭ ‬السياسي‭ ‬المرفوض‭ ‬شعبيًا‭ ‬ينسف‭ ‬فكرة‭ ‬وفلسفة‭ ‬الحُكم‭ ‬ويُهيئ‭ ‬الأجواء‭ ‬للفوضي‭ ‬المستمدة‭ ‬من‭ ‬الفراغ‭ ‬السياسي،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬علي‭ ‬المجلس‭ ‬العسكري‭ ‬وقتها‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بالدور‭ ‬بسده‭ ‬والتكفل‭ ‬بأعبائه‭ ‬وحده‭ ‬دون‭ ‬غيره‭.   ‬

2-‭ ‬تحفظات‭ ‬شريحة‭ ‬ليست‭ ‬بالقليلة‭ ‬من‭ ‬الجماهير‭ ‬الغاضبة‭ ‬على‭ "‬الشرطة‭ ‬المصرية‭" ‬وهي‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأمنية‭ ‬المدنية،‭ ‬كان‭ ‬يثبط‭ ‬عملها‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬يخلق‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الفراغ‭ ‬السياسي‭ ‬فراغًا‭ ‬أمنيًا،‭ ‬تكفلت‭ ‬به‭ ‬أيضًا‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬أعباء‭ ‬جسيمة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يتطلبه‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬والاستخباراتي‭ ‬وحماية‭ ‬الحدود‭. ‬

3-‭ ‬السيولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬المصاحبة‭ ‬لمثل‭ ‬تلك‭ ‬الأحوال‭ ‬الاستثنائية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الأوطان،‭ ‬تقتضي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تعاملا‭ ‬قانونيا‭ ‬دقيقا‭ ‬وحاسما‭ ‬يضع‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬نصابها‭ ‬الديمقراطي‭ ‬المفترض‭ ‬حصوله،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فكما‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬فراغًا‭ ‬سياسيًا‭ ‬وأمنيًا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬فراغًا‭ ‬دستوريًا‭ ‬وقانونيًا‭ ‬أنتجه‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬المجلس‭ ‬العسكري‭ ‬الحاكم‭ ‬مكلّف‭ ‬به‭ ‬رسميًا؛‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بإصدار‭ ‬قرارات‭ ‬لها‭ ‬قوة‭ ‬التشريع‭ ‬الرسمي‭ ‬الخارج‭ ‬من‭ ‬قنواته‭ ‬الدستورية‭ ‬الطبيعية‭.   ‬

من‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬العناصر‭ ‬فإننا‭ ‬نستطيع‭ ‬استبيان‭ ‬أن‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬يناير،‭ ‬قد‭ ‬تفكّكّت‭ ‬بالمعنى‭ ‬الفعلي‭ ‬ماديًا‭ ‬ومعنويًا،‭ ‬وقد‭ ‬انتقلت‭ ‬المهام‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬منوطة‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬المجلس‭ ‬العسكري‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬والتشريعية،‭ ‬ولا‭ ‬تكمُن‭ ‬الخطورة‭ ‬في‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يتعين‭ ‬عليه‭ ‬إدارة‭ ‬الدولة‭ ‬الفارغة‭ ‬من‭ ‬عناصرها‭ ‬الأساسية‭ ‬فحسب،‭ ‬إنما‭ ‬الوعي‭ ‬بفكرة‭ ‬ضرورة‭ ‬التعامل‭ ‬بحذر‭ ‬شديد‭ ‬مع‭ ‬الجموع‭ ‬التي‭ ‬ثارت‭ ‬ناحية‭ ‬رفض‭ ‬فكرة‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وفق‭ ‬استخدام‭ ‬آليات‭ ‬ومفردات‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية‭ ‬والتشريعية‭. ‬فكان‭ ‬الظرف‭ ‬الراهن‭ ‬وقتها‭ ‬يقتضي‭ ‬أن‭ ‬يتعامل‭ ‬المجلس‭ ‬العسكري‭ ‬برئاسة‭ ‬المشير‭ ‬طنطاوي‭ ‬بمنتهى‭ ‬الحكمة‭ ‬والقوة‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت،‭ ‬ألا‭ ‬يتهاون‭ ‬في‭ ‬حقوق‭ ‬المواطنين‭ ‬أو‭ ‬يسمح‭ ‬باجتراء‭ ‬فئة‭ ‬على‭ ‬أخرى،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يطفو‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الأحداث‭ ‬من‭ ‬مطالب‭ ‬فئوية‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الحرج،‭ ‬إذ‭ ‬يتزامن‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المطالب‭ ‬وسائل‭ ‬الضغط‭ ‬مثل‭: ‬اعتصامات‭ ‬وإضرابات‭ ‬وتعطيل‭ ‬للمواصلات‭ ‬وقطع‭ ‬للطرق‭. ‬اجتاز‭ ‬المجلس‭ ‬العسكري‭ ‬بوصفه‭ ‬أمينا‭ ‬على‭ ‬البلاد‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬العثرات‭ ‬لحين‭ ‬انتخاب‭ ‬سلطة‭ ‬جديدة،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الجبهة‭ ‬الداخلية‭ ‬ودولاب‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي‭ ‬المعطل،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬أنه‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬العلاقة‭ ‬المتينة‭ ‬بين‭ ‬الشعب‭ ‬والجيش‭ ‬بما‭ ‬لم‭ ‬يخل‭ ‬بهيبته‭ ‬واحترامه‭ ‬وقوته‭ ‬لكي‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يستكمل‭ ‬مسيرته‭ ‬في‭ ‬البناء‭ ‬والعطاء‭. ‬

النفق‭ ‬السياسي‭ ‬المظلم‭  ‬

كانت‭ ‬مهمة‭ ‬المشير‭ ‬طنطاوي‭ ‬ومن‭ ‬خلفه‭ ‬المجلس‭ ‬العسكري‭ ‬شاقة‭ ‬ليس‭ ‬تأسيسًا‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬المجتمعي‭ ‬فقط‭ ‬بمحاولات‭ ‬ترميمه،‭ ‬والوصول‭ ‬بسفينة‭ ‬الوطن‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان‭ ‬الذي‭ ‬يستطيع‭ ‬الشعب‭ ‬مواصلة‭ ‬الحياة‭ ‬وبشكلها‭ ‬الهادئ‭ ‬والطبيعي‭ ‬فحسب،‭ ‬إنما‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الشر‭ ‬من‭ ‬يستهدف‭ ‬تلك‭ ‬المسيرة‭ ‬المخلصة،‭ ‬ألا‭ ‬وهُم‭ ‬الذئاب‭ ‬المسيّسة‭ ‬التي‭ ‬تتوارى‭ ‬خلف‭ ‬شعارات‭ ‬برّاقة‭ ‬تومض‭ ‬في‭ ‬عين‭ ‬الجماهير‭ ‬لاقتناص‭ ‬مغانم‭ ‬سياسية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الوطن،‭ ‬إذ‭ ‬يقفون‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬نداءات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدستورية‭ ‬وتسليم‭ ‬السلطة‭ ‬وكأنّ‭ ‬المجلس‭ ‬العسكري‭ ‬قد‭ ‬اغتصبها‭ ‬أو‭ ‬يسعى‭ ‬للاحتفاظ‭  ‬بها‭. ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬أطلقت‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬اصطلاح‭ "‬القوي‭ ‬السياسية‭"‬،‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬أية‭ ‬مشكلة‭ ‬أو‭ ‬فض‭ ‬اشتباك‭ ‬إنما‭ ‬كانت‭ ‬كمن‭ ‬يصب‭ ‬النفط‭ ‬فوق‭ ‬النار،‭ ‬بتأجيج‭ ‬مشاعر‭ ‬الناس‭ ‬وتقليبهم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يتخذه‭ ‬المجلس‭ ‬العسكري‭ ‬من‭ ‬قرارات،‭ ‬وقد‭ ‬ظهرت‭ ‬تلك‭ ‬القوى‭ ‬في‭ ‬أشكال‭ ‬متعددة‭ ‬منها‭ ‬المدنية‭ ‬ومنها‭ ‬المتأسلمة‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين،‭ ‬وبالقطع‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬عناصر‭ ‬المعادلة‭ ‬السياسة‭ ‬وقتها‭ ‬كان‭ ‬متورطًا‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المقايضات‭ ‬السياسية‭ ‬الرخيصة،‭ ‬إنما‭ ‬كانت‭ ‬السمة‭ ‬العامة‭ ‬هي‭ ‬الغالبة‭ ‬وقلة‭ ‬قليلة‭ ‬منهم‭ ‬التزمت‭ ‬جانب‭ ‬الصالح‭ ‬العام‭ ‬وعانت‭ ‬كثيرًا،‭ ‬وتلك‭ ‬الشخصيات‭ ‬النادرة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يلفظها‭ ‬الشعب‭ ‬في‭ ‬الفترات‭ ‬التالية‭ ‬بعدما‭ ‬تم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬الجانب‭ ‬الشائه‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الوجوه‭ ‬الذئبية‭ ‬المتوارية‭ ‬والتي‭ ‬ألف‭ ‬الناس‭ ‬رؤيتها‭ ‬بشكلها‭ ‬المثالي‭ ‬المزعوم‭. ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬حركة‭ ‬يناير‭ ‬على‭ ‬عفوية‭ ‬ما‭ ‬نادت‭ ‬به‭ ‬الجموع‭ ‬الغاضبة‭ ‬من‭ ‬تردي‭ ‬الأحوال‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬إبان‭ ‬2011،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بريئة‭ ‬تماما‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الاتهامات‭ ‬والشكوك‭ ‬التي‭ ‬تحوم‭ ‬حولها،‭ ‬وشأنها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬شأن‭ ‬كل‭ ‬الثورات‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬الميلاد‭ ‬حتى‭ ‬تكتمل‭ ‬باسترداد‭ ‬الشعب‭ ‬لوعيه‭ ‬وقيامه‭ ‬بثورته‭ ‬الكاملة‭. ‬

المشير‭.. ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مصر‭   ‬

عادةً‭ ‬ما‭ ‬يتمتع‭ ‬القادة‭ ‬العسكريين‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬شتى‭ ‬الميادين،‭ ‬وفقا‭ ‬لما‭ ‬يتلقوه‭ ‬من‭ ‬تدريبات‭ ‬وتهيئة‭ ‬نفسية‭ ‬لإدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬الحرب،‭ ‬ولا‭ ‬تنفصل‭ ‬تلك‭ ‬القدرات‭ ‬المكتسبة‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬المدنية‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بالسياسة‭ ‬المجردة،‭ ‬وقد‭ ‬تجلى‭ ‬ذلك‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬القدرة‭ ‬والاقتدار‭ ‬الذي‭ ‬أدار‭ ‬به‭ ‬المشير‭ ‬طنطاوي‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬شئون‭ ‬البلاد،‭ ‬فقد‭ ‬تحمل‭ ‬المسئولية‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬دقيق‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬عوامل‭ ‬الانهيار‭ ‬عديدة‭ ‬وعصية‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭. ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يحدق‭ ‬بالوطن‭ ‬من‭ ‬حصارات‭ ‬عديدة‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬اقتصادي‭ ‬خانق،‭ ‬انفلات‭ ‬أمني‭ ‬محقق،‭ ‬أزمة‭ ‬دستورية‭ ‬وقانونية‭ ‬محتملة،‭ ‬غياب‭ ‬لمؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬وتعطُل‭ ‬لكل‭ ‬أجهزتها‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬المدنية‭ ‬الفاعلة،‭ ‬قوى‭ ‬ظلامية‭ ‬تدعي‭ ‬سياستها‭ ‬وتطلق‭ ‬شعارات‭ ‬مزعومة‭ ‬تسعى‭ ‬للنيل‭ ‬من‭ ‬استقرار‭ ‬الوطن‭. ‬تمكن‭ ‬المشير‭ ‬طنطاوي‭ ‬بحكمة‭ ‬السياسي‭ ‬واقتدار‭ ‬العسكري‭ ‬النبيل‭ ‬أن‭ ‬يخطو‭ ‬خطوات‭ ‬ثابتة‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬المسار‭ ‬الديمقراطي‭ ‬لمصر،‭ ‬وبالفعل‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بإخلاص‭ ‬وأمانة‭ ‬من‭ ‬النوايا‭ ‬وتسليم‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬يونيو‭ ‬2012‭ ‬وكان‭ ‬القائد‭ ‬العسكري‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تغيره‭ ‬السياسة،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬للإخوان‭ ‬رأي‭ ‬آخر‭ ‬بعدما‭ ‬تسلموّا‭ ‬زمام‭ ‬السلطة‭ ‬ليعكسوًا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬ضمائرهم‭ ‬ليرتد‭ ‬عليهم‭ ‬الشعب‭ ‬وهو‭ ‬صاحب‭ ‬الحق‭ ‬الأصيل‭ ‬في‭ ‬السيادة‭ ‬لتكتمل‭ ‬الثورة‭ ‬وتتحقق‭ ‬بشكلها‭ ‬الأصيل‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬يونيو،‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬الرئيس‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسي‭.‬