الأربعاء 22 مايو 2024

الكتيبة‭ ‬‮١٦‬‭ ‬مشاة‭ ‬بقيادة‭ ‬مقدم‭ ‬طنطاوى‭ ‬ فى‭ ‬الأدبيات‭ ‬والفكر‭ ‬الإسرائيلى


د عبد الرازق سليمان

مقالات21-11-2021 | 14:36

د عبد الرازق سليمان

المشير‭ ‬محمد‭ ‬حسين‭ ‬طنطاوى‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬والإنتاج‭ ‬الحربي‭ ‬القائد‭ ‬العام‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭, ‬الذي‭ ‬قاد‭ ‬دفة‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬‮٢٥‬‭ ‬يناير‭ ‬‮٢٠١١‬‭ ‬لمدة‭ ‬عام‭ ‬بحكمة‭ ‬وحافظ‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬وتراب‭ ‬مصر‭, ‬ولد‭ ‬فى‭ ‬أكتوبر‭ ‬‮١٩٣٥‬‭, ‬تخرج‭ ‬في‭ ‬الكلية‭ ‬الحربية‭ ‬‮١٩٥٦‬‭, ‬وشارك‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬الحروب‭ ‬حتى‭ ‬حرب‭ ‬الاستنزاف‭ ‬وأكتوبر‭ ‬‮٧٣‬‭ ‬والعبور‭ ‬والنصر‭ ‬العظيم‭.‬

حرب‭ ‬الاستنزاف

بدأت‭ ‬بقوة‭ ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬هزيمة‭ ‬يونيو‭ ‬‮٦٧‬،‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬تصريحات‭ ‬إسرائيل‭ ‬بأن‭ ‬جيشها‭ ‬لا‭ ‬يهزم‭ ‬وأن‭ ‬أرض‭ ‬سيناء‭ - ‬حسب‭ ‬نصوص‭ ‬توراتية‭ ‬ورؤى‭ ‬حاخامات‭ ‬يهود‭ - ‬عادت‭ ‬مستسلمة‭ ‬لأصحابها‭ ‬اليهود‭ ‬حسب‭ ‬رؤيتهم‭ ‬المنحرفة،‭ ‬وبدأت‭ ‬بالفعل‭ ‬حرب‭ ‬الاستنزاف‭ ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬هزيمة‭ ‬يونيو‭ ‬‮٦٧‬‭ ‬التى‭ ‬تحمل‭ ‬مسئوليتها‭ ‬الزعيم‭ ‬جمال‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬بصفته‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬كانت‭ ‬البداية‭ ‬بأوامر‭ ‬منه‭ ‬شخصيًا‭ ‬ومع‭ ‬المخابرات‭ ‬والقوات‭ ‬البحرية؛‭ ‬ففي‭ ‬‮٢١‬‭ ‬أكتوبر‭ ‬‮٦٧‬،‭ ‬قامت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الضفادع‭ ‬البشرية‭ ‬بـ‮٣‬‭ ‬عمليات‭ ‬عسكرية‭ ‬بتدمير‭ ‬الرصيف‭ ‬الحربى‭ ‬لميناء‭ ‬إيلات،‭ ‬وتدمير‭ ‬ناقلة‭ ‬الجنود‭ ‬“بات‭ ‬يم”‭ ‬وتدمير‭ ‬المدمرة‭ ‬“بيت‭ ‬شيفع”‭.‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬الخسائر‭ ‬المادية‭ ‬الضخمة،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬خسائر‭ ‬بشرية‭ ‬موجعة،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬طلاب‭ ‬الكلية‭ ‬البحرية‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬المدمرة‭ ‬بغرض‭ ‬التدريب،‭ ‬ومعلوم‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬بالنسبة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬تعطل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والحياة‭ ‬المدنية‭ ‬لأن‭ ‬احتياطي‭ ‬الجيش‭ ‬هم‭ ‬المدنيون‭ ‬فى‭ ‬المصالح‭ ‬المدنية،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬كانت‭ ‬حرب‭ ‬الاستنزاف‭ ‬مدمرة‭ ‬وقاسية‭.  ‬

فكتيبة‭ ‬المقدم‭ ‬طنطاوي‭ ‬‮١٦‬مشاة‭ ‬شاركت‭ ‬فى‭ ‬عمليات‭ ‬خلف‭ ‬خطوط‭ ‬العدو‭ ‬لجمع‭ ‬معلومات‭ ‬عن‭ ‬مواقع‭ ‬وتحصينات‭ ‬العدو،‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬وأهم‭ ‬أحداث‭ ‬حرب‭ ‬الاستنزاف‭ ‬استشهاد‭ ‬الفريق‭ ‬عبد‭ ‬المنعم‭ ‬رياض،‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬الأركان‭ ‬العامة‭ ‬فى‭ ‬الجبهة‭ ‬فى‭ ‬السويس‭ ‬فى‭ ‬موقع‭ ‬متقدم‭ ‬أمام‭ ‬العدو،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬القائد‭ ‬دومًا‭ ‬فى‭ ‬مقدمة‭ ‬الصفوف،‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬النصر‭ ‬وهزيمة‭ ‬العدو‭ ‬واسترداد‭ ‬الأرض،‭ ‬واستشهد‭ ‬رياض‭ ‬فى‭ ‬‮٩‬‭ ‬مارس‭ ‬‮١٩٦٩‬،‭ ‬وأصبح‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬“يوم‭ ‬الشهيد‭ ‬“‭ ‬السنوي،‭ ‬تحية‭ ‬لجميع‭ ‬الشهداء‭ ‬فى‭ ‬الجنة‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

عملية‭ ‬تدمير‭ ‬الحفار‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬‮٨‬‭ ‬مارس‭ ‬‮١٩٧٠‬

كانت‭ ‬عملية‭ ‬الحفار‭ ‬أيضا‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬حرب‭ ‬الاستنزاف‭ ‬لأنها‭ ‬قضية‭ ‬تتعلق‭ ‬بالأمن‭ ‬القومى‭ ‬وكرامة‭ ‬وقوة‭ ‬مصر،‭ ‬فقد‭ ‬قامت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشراء‭ ‬حفار‭ ‬“‭ ‬كيتننج”‭ ‬من‭ ‬كندا،‭ ‬وتعاقدت‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬إيطالية‭ ‬للتنقيب‭ ‬عن‭ ‬البترول‭ ‬فى‭ ‬سيناء‭ ‬لحرمان‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬رصيدها‭ ‬البترولي،‭ ‬وتم‭ ‬إعداد‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الضفادع‭ ‬البشرية‭ ‬وعناصر‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬بأوامر‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬ومدير‭ ‬المخابرات‭ ‬العامة‭ ‬أمين‭ ‬هويدي‭ ‬ورجل‭ ‬المخابرات‭ ‬الشهير‭ ‬محمد‭ ‬نسيم،‭ ‬وتم‭ ‬تتبع‭ ‬تحركه‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬“أبيدجان”،‭

‬عاصمة‭ ‬ساحل‭ ‬العاج،‭ ‬وتم‭ ‬تدمير‭ ‬الحفار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬تمامًا‭ ‬بعملية‭ ‬ناجحة‭ ‬شارك‭ ‬فيها‭ ‬سفراء‭ ‬من‭ ‬الخارجية‭ ‬مع‭ ‬المخابرات‭ ‬ومجموعة‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭.‬

حرب‭ ‬الاستنزاف‭ ‬برؤية‭ ‬مقاتل‭ ‬إسرائيلي‭ ‬

فى‭ ‬وثيقة‭ ‬يروي‭ ‬أحد‭ ‬الجنود‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬وضراوتها‭ ‬يقول‭ ‬“إنهم‭ ‬يحكون‭ ‬لي‭ ‬عن‭ ‬حرب‭ ‬الاستنزاف‭ ‬وعن‭ ‬عمليات‭ ‬القصف‭ ‬المرعبة‭ ‬عبر‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭ ‬وعن‭ ‬النيران‭ ‬المسطحة‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬نبديه‭ ‬من‭ ‬ثقة‭ ‬فى‭ ‬التدريب‭ ‬مجرد‭ ‬عرض‭ ‬تمثيلي‭ ‬وربما‭ ‬يشلني‭ ‬الخوف”‭.‬

حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬‮٧٣‬

يقول‭ ‬الكاتب‭  ‬الإسرائيلى‭ ‬أمنون‭ ‬روبنشتين‭ ‬“أضافت‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬‮٧٣‬‭ ‬لقوة‭ ‬الكابوس‭ ‬رعب‭ ‬زوال‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬الوجود‭ ‬بُعدًا‭ ‬جديدًا‭ ‬وهو‭ ‬تعاظم‭ ‬القوة‭ ‬العربية‭ ‬وتهديد‭ ‬وجود‭ ‬إسرائيل”‭.‬

حرب‭ ‬المزرعة‭ ‬الصينية

وفى‭ ‬وثيقة‭ ‬أخرى‭ ‬يقول‭ ‬الأديب‭ ‬والكاتب‭ ‬الكبير‭ ‬أهارون‭ ‬ميجد‭ - ‬أديب‭ ‬معاصر‭ ‬يتبنى‭ ‬فكرة‭ ‬حق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬فى‭ ‬أرضهم‭ ‬وأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬توفر‭ ‬الأمان‭ ‬المزعوم‭ ‬لليهود‭ ‬وهو‭ ‬يساري‭ ‬معروف‭ ‬“‭ ‬فى‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬‮٧٣‬‭ ‬فى‭ ‬الخامسة‭ ‬بعد‭ ‬الظهر‭ ‬كانت‭ ‬كتيبة‭ ‬المدرعات‭ ‬التى‭ ‬يخدم‭ ‬بها‭ ‬الضابط‭ ‬يواب‭ ‬فى‭ ‬سيناء‭ ‬قد‭ ‬تلقت‭ ‬أمرا‭ ‬بالتقدم‭ ‬عبر‭ ‬منطقة‭ ‬المزرعة‭ ‬الصينية‭ ‬التى‭ ‬انبعثت‭ ‬منها‭ ‬نداءات‭ ‬يائسة‭ ‬من‭ ‬المظليين‭ ‬الذين‭ ‬حُوصروا‭ ‬هناك‭ ‬تحت‭ ‬نيران‭ ‬الجيش‭ ‬الثانى‭ ‬المصري‭ ‬دون‭ ‬غطاء‭ ‬وتكبدوا‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة،‭ ‬وكانت‭ ‬هناك‭ ‬جثث‭ ‬القتلى‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬دعم‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬سهلي‭ ‬رملي،‭ ‬وحدث‭ ‬ارتباك‭ ‬شديد‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المرابطة‭ ‬بالموقع‭ ‬قامت‭ ‬بضرب‭ ‬واستهداف‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬انقطاع‭ ‬التواصل‭ ‬اللاسلكي‭ ‬وصعوبة‭ ‬الرؤية‭ ‬ودانات‭ ‬الصواريخ‭ ‬المصرية”‭.‬

وهنا‭ ‬نذكر‭ ‬قتال‭ ‬عناصر‭ ‬الكتيبة‭ ‬‮١٦‬‭ ‬مشاة‭ ‬بقيادة‭ ‬المقدم‭ ‬طنطاوي‭.‬

شهادة‭ ‬باحث‭ ‬عسكرى‭ ‬عربى‭ ‬عراقي‭:‬

يقول‭ ‬العميد‭ ‬الركن‭ ‬حسن‭ ‬مصطفى‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ ‬“معارك‭ ‬الجبهة‭ ‬المصرية”‭ ‬دخل‭ ‬اسم‭ ‬المعركة‭ ‬الصينية‭ ‬تاريخ‭ ‬حرب‭ ‬العاشر‭ ‬من‭ ‬رمضان‭ ‬من‭ ‬أوسع‭ ‬أبوابه‭ ‬على‭ ‬ضراوة‭ ‬قوات‭ ‬مصر،‭ ‬فقد‭ ‬جاء‭ ‬فى‭ ‬كتاب‭ ‬التقصير‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬كتاب‭ ‬بعنوان‭ ‬“همحدال”‭ ‬بالعبرية‭ ‬نشر‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬يعترف‭ ‬بالتقصير‭ ‬والإهمال‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الاستخبارات‭ ‬العسكرية‭ ‬“أمان”‭ ‬وفشل‭ ‬أصحاب‭ ‬القرار”‭.‬

إنها‭ ‬كانت‭ - ‬حرب‭ ‬المزرعة‭ ‬الصينية‭ - ‬من‭ ‬أصعب‭ ‬المعارك‭ ‬التى‭ ‬خاضتها‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلى،‭ ‬وكانت‭ ‬كتيبة‭ ‬المشاة‭ ‬بقيادة‭ ‬المقدم‭ ‬أ‭. ‬ح‭ ‬محمد‭ ‬حسين‭ ‬طنطاوى‭. ‬

تحية‭ ‬لروحه‭ ‬وروح‭ ‬كل‭ ‬شهيد‭ ‬دافع‭ ‬عن‭ ‬عزة‭ ‬وتراب‭ ‬مصر،‭ ‬وتحية‭ ‬للشهيد‭ ‬بطل‭ ‬الحرب‭ ‬والسلام‭ ‬محمد‭ ‬أنور‭ ‬السادات‭.‬