دشن الرئيس عبدالفتاح السيسى يوم الخميس الماضى قانون الاستثمار الجديد، والذى جاء بعد ولادة متعثرة استمرت نحو عامين لفض الاشتباك بين الوزارات الحكومية واختصاصاتها المتداخلة من جانب وحسم الجدل الذى ثار داخل مجلس النواب حوله من جانب آخر خاصة فيما يتعلق بعودة المناطق الحرة الخاصة من جديد بعد إلغائها عام ٢٠١٥ واعتماد الإعفاءات الضريبية والمزايا الجمركية كوسيلة لجذب الاستثمارات الأجنبية من جانب آخر .
وإذا كانت الوزيرة النشطة الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى والتى تعد من أنشط وزراء حكومة المهندس شريف إسماعيل بما اكتسبته من خبرات عالمية وعلاقات دولية من خلال عملها السابق بالبنك الدولى بدأت تسابق الزمن، هى واللجنة التى ترأسها لسرعة الانتهاء من إعداد اللائحة التنفيذية للقانون ورفعها لرئيس مجلس الوزراء لإصدارها قبل الموعد المحدد لها بـ ٩٠ يوماً.. فإن نجاح القانون الجديد فى تحقيق الأهداف التى تسعى مصر إليها لا يتوقف فقط على ما تتضمنه لائحته التنفيذية من تفسيرات واضحة، وشفافية لكافة مواد القانون وخاصة إنشاء مراكز خدمات المستثمرين فى كافة محافظات الجمهورية، والتى تتولى تلقى طلبات المستثمرين وإنجازها وتحديد توقيتات محددة لإصدار الموافقات والتراخيص، وإن تتم معظم تعاملات المستثمرين إلكترونياً للحد من البيروقراطية والروتين اللذين يمثلان عقبة كؤود فى مواجهة الاستثمار فى مصر ومواجهة أى فساد فى هذا الشأن خاصة بعد الفشل الذريع الذى منى به نظام الشباك الواحد الذى تم الترويج له من قبل دون أن يحقق أى نجاحات فى التيسير على المستثمر على أرض الواقع بعدما وصلت الفترة الزمنية للحصول على تراخيص إنشاء الشركات الاستثمارية إلى نحو ٣ سنوات مما أدى إلى تراجع مضطرد فى الاستثمارات الأجنبية خلال السنوات الماضية .
وإذا كانت مصر تستهدف تحقيق استثمارات أجنبية مباشرة لا تقل عن ١٠ مليارات دولار سنوياً بعد إصدار هذا القانون لخلق فرص عمل فى المجتمع من جانب وزيادة موارد البلاد من النقد الأجنبى وزيادة الصادرات المصرية.. فمن هنا جاءت عودة نظام المناطق الحرة الخاصة من جديد فى القانون الجديد والتى ألغيت فى عام ٢٠١٥ لعدم جدواها الاقتصادية مع وضع الضوابط التى تحكم عملها لتحقيق أهدافها فى زيادة الصادرات المصرية للخارج بدلا من تهريب إنتاجها للسوق المحلى وضرب الصناعة الوطنية وزيادة موارد البلاد من النقد الأجنبى بدلا من تحقيق عجز فى ميزان المدفوعات بعدما زادت وارداتها من الخارج عن صادراتها للخارج حسب آخر التقارير، ومن هنا يقع على اللائحة التنفيذية مسئولية وضع النصوص الواضحة التى تعظم من فوائد هذه المناطق على الاقتصاد القومى وتحقيق أهدافه، وتتلاشى السلبيات التى أدت إلى إلغائها عام ٢٠١٥ ولاسيما أن القانون الجديد استحدث العمل على توطين التكنولوجيا فى مصر بالنص على إنشاء المناطق التكنولوجية ومنحها إعفاءات ومزايا لما تحققه من عائدات اقتصادية ضخمة وخلق المزيد من فرص العمل وزيادة الصادرات المصرية للخارج .
وإذا كان القانون الجديد حدد الإعفاءات والمزايا الممنوحة للمستثمرين فى القانون الجديد لتتراوح ما بين ٣٠ إلى ٥٠٪ لخلق بيئة جاذبة للاستثمار تنافس نحو ٣ آلاف منطقة حرة عالمية وخاصة أن الظروف مهيأة الآن لصالح مصر فى هذا المجال بعد تعويم الجنيه المصرى وخلق العديد من الآليات التى تحمى المستثمرين بداية من إعادة تحويل أموالهم للخارج فى أى وقت بجانب حل المنازعات الاستثمارية بسهولة ويسر ومنحهم الإقامة فى مصر طوال فترة المشروع الاستثمارى بجانب توفير البنية الأساسية التحتية اللازمة لمشروعاتهم بداية من الطرق إلى الطاقة والعمالة الرخيصة وخريطة واضحة للاستثمار والمزايا الممنوحة فى كل منطقة لجذب الاستثمارات العربية والأجنبية والمحلية للمحافظات الأكثر احتياجاً لهذه المشروعات .
يبقى أن القانون وحده لا يكفى وإنما نترجم نصوصه فى لائحة واضحة وهذه واحدة، أما الأهم فهو تهيئة المناخ الجاذب للاستثمار، واستكمال بقية التشريعات المرتبطة بقانون الاستثمار ومراعاة التجربة الكورية والصينية الناجحة فى هذا الشأن ولاسيما التجربة الإماراتية فى «جيل على» بدبى.