السبت 23 نوفمبر 2024

محافظات

الأحفاد على خطى أمجاد الأجداد.. المصريون يعيدون اكتشاف طريق المواكب الفرعونية بالأقصر

  • 24-11-2021 | 20:55

طريق الكباش

طباعة
  • دار الهلال

تستضيف مدينة الاقصر غدا الخميس حدثا عالميا يتمثل في إعادة إحياء طريق الكواكب الفرعونية بين معبدي الأقصر والكرنك المعروف بطريق الكباش.

وجاءت تلك الخطوة لتتوج عملا استمر لسنوات لاعادة احياء هذا الطريق، وهو يمثل ثاني حدث يعيد اهتمام المصريين بتاريخ أجدادهم الفراعنة بعد موكب المومياوات في ابريل الماضي، وهو ما يعبر عن حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على استعادة الاهتمام بالحضارة الفرعونية بالتوازي مع المشروعات القومية العملاقة الجاري تنفيذها في كل أنحاء مصر في مزج بين انجازات الماضي والحاضر.

وقد اعدت وزارة السياحة والاثار بقيادة الوزير الدكتور خالد العناني برنامجا احتفاليا غير مسبوق يليق بالحدث الذي ينتظر أن يجذب أنظار العالم كله نحو مدينة الاقصر التي تضم ثلث اثار العالم.

وكان "طريق الكباش" يشهد أحد أكبر الاحتفالات الدينية للاله آمون في عصر الدولة الحديثة، حيث كان آمون ينتقل خلال هذا الاحتفال من معابد الكرنك إلى معبد الأقصر عبر طريق الكباش، يرافقه موكب عظيم على رأسه الفرعون والكهنة وكبار رجال الدولة.

وكان هذا الاحتفال يقام سنويًا أثناء موسم الحصاد بداية من عصر الدولة الحديثة خلال اشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، وكان يطلق عليه عيد "الأوبت" باللغة الهيروغليفية هي "حب نفر أن أوبت" أو الأوبت الجميل، والذي كان يمثل اللقاء السنوي بين المعبود آمون رع إله الشمس وزوجته موت، خلال فترة الزواج المقدس.

وكان الاله آمون وزوجته وابنه خونسو خلال الاحتفال يحملون على أكتاف الكهنة ثم ينتقلون عبر المراكب وسط مجموعة من العازفين والموسيقيين و الجنود على العربات الحربية متجهين إلى معبد الأقصر وسط ترديد ترانيم تمجد آمون رع، ليتم بعد ذلك ذبح القرابين.

وأثناء الدولة الحديثة كانت مدة الاحتفالية 11 يوما، لكنها زادت في الأسرة العشرين لتصل إلى حوالي 27 يوما، قبل أن يعود الموكب مرة أخرى بعد انقضاء مدة الاحتفالية من معبد الأقصر إلى معبد الكرنك عبر طريق الكباش.

وقد سجلت مظاهر هذا الاحتفال أول مرة على جدران المقصورة الحمراء التى شيدتها الملكة حتشبسوت فى معبد الكرنك عام 1470 ق.م، كما سجلت مظاهر الاحتفال على كل من الجدارين الطوليين بصالة أعمدة أمنحتب الثالث، وتبدأ المناظر فى تسلسل يبدأ فى الركن الشمالى الغربى من صالة الأعمدة وتنتهى فى الركن الشمالى الشرقى.

وتظهر النقوش مراسم الموكب كاملة بدءا من خروجه من معبد الكرنك مصحوبا بحرق البخور وتقديم القرابين والزهور لآمون، ثم تحمل القوارب لتخرج من بوابة المعبد، والذى هو حالياً الصرح الثالث لمعبد الكرنك، حتى تصل إلى شاطئ النهر، حيث توضع على متن المراكب التى تبحر فى اتجاه الجنوب حتى تصل إلى معبد الأقصر.

وقد ارتبط الاحتفال بعيد الاوبت بالنيل والفيضان وكان يتم الاحتفال به فى الشهر الثانى لفصل الفيضان، وعرف المصرى القديم هذا العيد أيضاً باسم عيد أوبت الجميل أو عيد اللقاء الجميل بين آمون وزوجته موت.

وكان الاحتفال يشير الى أن نهر النيل يجدد دفع المياه، لكل الأراضى الزراعية فى مصر.

وتظهر النقوش والرسومات على جدران معبد الأقصر طقوس الاحتفال بعيد الأوبت، حيث كان آلاف البشر يجتمعون والحرس الملكى والجنود يحافظون على النظام والمتدينون قادمون من المدن المصرية،والمتطوعون يحملون الأعلام المرصوصة على الطريق وترمز لكل دولة، والفرق الموسيقية ترتدى ملابس موحدة تظهر الرشاقة والجمال والذوق والألوان وتنظيم الحركة .

كما كان الاحتفال الفرعوني يشهد قدوم فرق فن من إفريقيا والنوبة للمشاركة فى الاحتفال وكل منها تؤدى الرقصات الخاصة بها كما كانت الذبائح والقرابين تأتي من ريف مصر لتقديمها قرباناً فى هذا الاحتفال.

وبحسب المراجع التاريخية والاثرية فإن طول طريق الكباش الذي سيشهد احتفالية الغد نحو 2700 متر، ويتكون الطريق من رصيف من الحجر الرملي، تتراص على جانبيه تماثيل على هيئة أبو الهول برأس كبش، تتواجد تلك التماثيل في المسافة بين "الصرح العاشر" بالكرنك، وحتى بوابة معبد موت، وهى إحدى الرموز المقدسة للمعبود آمون.

وقد تم تشييد هذا الجزء من الطريق خلال عصر الأسرة الثامنة عشر، وقام الملك نختنبو احد من ملوك الأسرة الثلاثين بتشييد الجزء المتبقي من الطريق الذي تتراص على جانبيه تماثيل على هيئة أبو الهول برأس آدمية.

وتحيط بقواعد التماثيل أحواض زهور دائرية مزودة بقنوات صغيرة استخدمت في توصيل مياه الري للأحواض.

وفي عصور مختلفة، تم إضافة بعض الملحقات للطريق مثل: استراحات للزوارق، ومقياس للنيل ومعاصر للنبيذ المستخدم في الاحتفالات الكبرى التي كانت تقام على الطريق مثل أعياد الأوبت وعيد الوادي الجميل وحمامات وأحواض اغتسال، ومنطقة تصنيع فخار، ومخازن لحفظ أواني النبيذ.

وقد بدأت أعمال الحفائر بالطريق في الأربعينيات من القرن الماضي، وتم الكشف عن أجزاء من الطريق في الستينيات، ثم تم مواصلة العمل خلال الثمانينيات والتسعينيات حتى بداية الألفية الثالثة.

وقد تم الكشف عن باقي أجزاء الطريق خلال الفترة من 2006 حتى 2011 إلى أن توقف العمل بعد تلك الفترة لنقص الاعتمادات المالية، الا ان العمل عاد منذ فترة واستطاع الاثريون الانتهاء منه ليتم الاعلان عن افتتاحة غدا.

الاكثر قراءة