الخميس 6 فبراير 2025

جاءنا البيان التالى « 2»

  • 12-6-2017 | 14:32

طباعة

بقلم : إقبال بركة

ضرب المدفع ثم أذن المؤذن لصاة المغرب، وجلست إلى مائدة الإفطار مع ابنى وابنتى أحاول أن أبتلع بعض الطعام بعد يوم شاق وطويل حاولت فيه بكل جهدى أن أوفق بن مهامى المتعددة، الاستيقاظ مبكرا لأعد إفطار الطفلين وملابسهما ثم اصطحابهما بالسيارة إلى مدرستهما بالزمالك ثم الذهاب بسرعة إلى عملى فى وسط البلد، وفى الثالثة بعد الظهر أعود إلى المدرسة لاصطحاب الطفلن إلى البيت واستكمال الأعمال المنزلية التى لا تنتهى ثم إعداد وجبة الإفطار..الخ، ولم يكن من السهل على شابة فى بداية الثلاثينات من عمرها أن توفق بن مهام الأم والأب والمعلمة والسائق والطباخ والخادمة.. الخ، ولكنه قدر المرأة فى كل زمان ومكان كنت أؤديه بلا كلل.

يوم أعلن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر تنحيه عن الحكم لم أشعر بنفسى إلا وأنا فى الشارع أهتف مع الجماهير الرافضة لتنحى الرئيس، وكنت يومها حاما فى شهرى التاسع أتوقع أن تفاجئنى آلام الوضع فى أى لحظة، كانت سنوات ما بعد هزيمة 1967 أصعب فترة فى حياتى وحياة كل من عرفت من أبناء جيلى، سكن الغضب فى أعماقنا جذوة لا تنطفئ كلما خبت أشعلها الغضب والإحباط والصدمة من الهزيمة أمام الجيش الإسرائيلى، ست سنوات والهزيمة بطعم الحنظل تلاحقنى كشبح مخيف ولا تبرح بالى، أفكر فيها ليل نهار دون أن أجد حلا سوى الحرب.. ورغم الدعاية الضخمة للجيش الإسرائيلى أنه «الجيش الذى لا يُقهر ،» والتخويف المستمر من «بُعبع » خط برليف، كنت أشارك زوجى حلمه بالانتقام وأصارحه برغبتى فى المشاركة فى القتال مع الجيش المصرى، وقد سبق أن تدربت على حمل السلاح والتنشين فى الحرس الوطنى وأنا طالبة بالمدرسة الإعدادية، أى أن الحلم لم يكن مستحيلا، وكان يحكى لى عن الشباب الذى استمر تجنيده منذ عام 1967 ويتحرقون شوقا لمواجهة العدو.

«إن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة » عبارة عبد الناصر ترسخت فى وجدان الشباب، واعتصم طاب الجامعات ليرغموا السادات على تحقيق وعده بالحسم، ومرت الأيام والشهور ثقيلة معبأة بغيوم الغضب والثورة، ونحن نتابع أخبار الحرب الباردة بن القوتن الأعظم ونشعر أنهما قد تآمرا ضد مصر وأنهما استقرا على أن تظل إسرائيل رازحة على قلب مصر فى سيناء.

انتهيت من مراجعة الدروس مع ابنى وفتحت الراديو لأتابع أخبار الحرب، وسمعت المذيع يقول بصوته الجهور الواثق «هنا القاهرة.. جاءنا الآن من القيادة العامة للقوات المسلحة البيان التالي: نجحت قواتنا في اقتحام قناة السويس في قطاعات عديدة واستولت على نقاط العدو القوية بها ورفع علم مصر على الضفة الشرقية للقناة.. هنا القاهرة »، أحرك المؤشر لأتأكد من إذاعة البى بى سى أن القوات المصرية عبرت قناة السويس بنجاح وحطمت حصون خط بارليف، وتوغلت 20 كم شرقا داخل سيناء، فيما تمكنت القوات السورية من الدخول إلى عمق هضبة الجولان وصولا إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا، وأقفز إلى جهاز التليفزيون لأشاهد عبور الجنود البواسل وكأنى أتوقع أن ألمح وجه زوجى بينهم!

ونستكمل الذكريات فى الأسبوع المقبل بإذن الله

    الاكثر قراءة