بعد أن أبهر المصريون من جديد العالم باحتفالية افتتاح طريق الكباش كان لابد أن يخرج علينا كباش العصر بما يكدر صفو فرحة المصريين وفخرهم بالاحتفال الذي خرج بروح مصرية خالصة أكسبته بريقا لا يضاهي وجاذبية لا تبارى ولم لا فمن في عالمنا اليوم يملك مثل هذا المسرح التاريخي الكبير الذي يسمى إداريا بمحافظة الأقصر فنحن نرى بعض بلدان العالم من حولنا وهي تنفق المليارات لمجرد لفت النظر ووضع قدم لها على خريطة السياحة العالمية على الرغم من أنها لا تملك من التاريخ ورصيده ما نملكه نحن.
كالعادة خرج كباش العصر يصرخون أليس نحن أولى بهذه الأموال التي أنفقت لنبني بها المدارس والمستشفيات في استخدام للغة ساقطة كريهة لم تخرج يوما من فم مخلص باحث عن الأفضل لمصر وشعبها بل تخرج من باعث عن منغص أو مثير للغضب ليقتات به ويحقق أهدافه المنحطة التي عادة ما تتستر بغرض دنيء قائم على معلومة مغلوطة أو مشوهة تكسب كذبته نوعا من الخداع الذي يوفر لها قدرا من المصداقية المؤقتة.
وعلى الرغم من أن كباش المرشد ورئيسهم المعزول الذي حكم مصر عاما كاملا لم يقوموا فيها برصف شارع أو بناء كشك إلا أنهم يرتدون اليوم ثوب الأمين على المال العام المراقب له وظنوا وفق قدراتهم الذهنية المحدودة أن إنفاق مصر على هذا الاحتفال مال مهدر أو سوء إدارة وإسقاط لفقه الأولويات والحقيقة أن تلك العين العوراء التي تبصر بها تلك الكباش تعودت اجتزاء النصوص وجرف السياقات وباتت لها مهارة في قلب الجمل والعبارات فلم تبصر عين أحدهم أو أذنه قرار الرئيس السيسي الذي أصدر توجيهاته بتعجيل تنفيذ مبادرة حياة كريمة لأهالي أسوان عقب مرور المحافظة بأحوال جوية سيئة بل زار الرئيس بشخصه أهالي البلدة الطيبة مواسيا ومؤكدا مساندة الدولة وأجهزتها لهم في محنتهم وهو ما يؤكد أن الدولة المصرية التي كانت أقدامها تتثاقل في سنين مضت نتيجة قلة مواردها وتعاظم جراحها باتت اليوم أكثر خفة وحركة وأعظم قدرة على تلبية طموحات أبنائها وتأمين احتياجاتهم.
لم ير كباش العصر كيف استطاعت تلك الاحتفالية أن ترفع من نسبة الحجز السياحي للمحافظة ليسجل زيادة 60 ألف زائر عقب ساعات من الاحتفال وهو ما يعني انتعاشا سياحيا يسهم في تشغيل أبناء المحافظة التي تعد السياحة مصدر رزقها الأكبر ولو كان هؤلاء الكباش يضمرون لأهلها الخير لاستقبلوا تلك الاحتفالية وما أنفق عليها بأنها محاولة جادة وقوية لإزاحة شبح الكساد السياحي الذي يعانيه العالم جراء جائحة كورونا ولأدركت أن لمصر قيادة رشيدة تجعل من تحركها دائما رصيدا مضافا لشعبها يستطيع كل منصف أن يراه واضحا مجسما.
مازال بيننا كباش كثيرون ينتمون إلى عصر مضى ما زالت قوانينه تحكمهم وتسيطر على خيالهم فهم يأبون ويرفضون دائما إدراك أن مصر باتت اليوم تعيش عصرا جديدا، قوامه التحرك الرشيد المتناسق القائم على التخطيط الدقيق والاستغلال المتكامل لتحقيق أفضل النتائج وليس تلك العقلية الجامدة التي ترى نص الصورة وتتجاهل نصفها الآخر كما تفعل تلك الكباش التي لا تفكر إلا في ما يقدم إليها من العلف.
لاشك أن المكاسب التي تحققت من احتفالية طريق الكباش أكبر بكثير مما أنفق عليها من أموال ولا شك أيضا في أنها ستعود بمردود اقتصادي عظيم على حركة السياحة دون الحاجة إلى حملات ترويجية مباشرة قد تأتي بثمارها أو لا تأتي.
وأخيرا علينا جميعا أن نصم آذاننا حين نستمع لمنطق تلك الكباش التي تحاول تعطيلنا وإشغالنا وإلهاءنا عن طريقنا فقد تجاوز الزمن فكرهم القاصر وعجز عن تحقيق أوهامهم بقدرتهم على إعادة الساعة إلى الوراء وستبقى مصر صفحتهم مغلقة لا تفتح إلا لاستلهام العبر منها أو لتقديم المزيد من الشكر لله عز وجل أن أسقطهم وفضحهم في جوف دارهم ففي النهاية لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.