تقدم أيمن عبد المجيد عضو مجلس نقابة الصحفيين بمذكرة إلى نقيب الصحفيين، بشأن ملاحظاته على مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، الذي من المنتظر أن تناقشه لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان خلال أيام، وتنتظر اقتراحات مجلس نقابة الصحفيين، خاصة وأنها الوحيدة التي لم ترسل مقترحاتها. وإليكم نص المذكرة:
"الأستاذ/ عبدالمحسن سلامة نقيب الصحفيين السادة أعضاء المجلس تحية طيبة وبعد،، تواجه مهنة الصحافة تحديات جمة، لأسباب عدة، أبرزها الخلل الواضح في البنية التشريعية الحاكمة لمهنة الصحافة والإعلام. وبات من الضروري إعادة صياغة تلك البنية، بما يسد الثغرات، ويصحح العوار، ويكفل الحقوق، ويلزم الواجبات، ويلاحق التطورات، التي شهدتها بيئة العمل الصحفي والإعلامي، خلال السنوات الأخيرة، عجزت عن ملاحقتها التشريعات الهرمة القائمة، فقد بلغت من الكبر عتيًا، واشتعلت موادها شيبًا، ولمَ لا وهي قوانين يعود تاريخ ميلادها للعام ١٩٧٦، آخر عمليات تجميل لها تعود إلى نحو ٢٠ عامًا تحديدًا ١٩٩٦. ولما كان مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، قابعًا الآن في حوزة مجلس النواب، ينتظر إقراره، ليكون باسم الشعب، سيفًا على من ينتهك نصوصه، درعًا واقية لمن تشمله مظلته الحمائية، وجدت من واجبي بصفتي عضوًا بمجلس نقابة الصحفيين الموقر، أمينًا على مصالح المهنة والزملاء، كغيري من الزملاء الذين شرفتهم الجمعية العمومية بمنحهم الثقة، أن أشير بالبنان، للشروخ التي شابت بنيان التشريع المقترح وفلسفته، والعوار في ملتي واعتقادي، وظني، وليس كل الظن إثم. وبعد قراءة متأنية للمشروع الذي جاء في ٤٨ صفحة تحوي ١٢٧ مادة، مقسمة إلى ستة أبواب، أقولها بكل صراحة، إن هذا التشريع المقترح في غالبية مواده المنوط بها تنظيم الصحافة، مستنسخ من القانون ٩٦ لسنة 1996، المعدل لقانون ١٩٧٦، بما تحويها من أمراض الشيخوخة وتصلب الشرايين، والعجز عن علاج ما أسفر تطبيقها السابق عنه من ثغرات، ومن ثم فهو مشروع ما لم يدخل عليه تعديلات جوهرية، مصيره كما "النعجة دوللي"، التي استنسخت فبدأت عمرها من حيث عمر أمها لحظة الاستنساخ، ففوجئ العالم بها قد شاخت في ريعان الشباب، لترحل مأسوفًا عليها بأمراض الشيخوخة قبل أوانها. أطرح عليكم نقاط القصور في التشريع المقترح بشكل دقيق، ومقترحات التعديل، لنقل ما نتوافق عليه منها، إلى البرلمان إعمالًا لحقنا الدستوري والقانوني كنقابة تمثل مصالح جموع الصحفيين، في إبداء الرأي، فيما يتصل بمهنة الصحافة، على أن أطرح النص الحالي والتعديل المقترح وفلسفته.
الباب الأول: الفصل الأول: تعريفات مادة (١) فقرة ٩ تنص على "المؤسسات الصحفية القومية: هي المؤسسات وشركات النشر والتوزيع ووكالات الأنباء التي تملكها الدولة ملكية خاصة، وتصدر صحفًا ورقية أو إلكترونية، "اقترح إضافة، ويحق لها إنتاج مواد إعلامية مرئية ومسموعة وتأسيس شركات إعلامية.
فلسفة المقترح: التطورات والأفق الاستثمارية تتطلب إتاحة الفرصة للمؤسسات القومية بما تملكه من بنية أساسية وطاقة بشرية، امتلاك قنوات أو المشاركة بها، وكذلك بث إنتاج مرئي ومسموع عبر مواقعها الإلكترونية. الفصل الثاني: حرية الصحافة والإعلام مادة (٢) تنص على: "تلتزم الدولة بضمان حرية الصحافة والإعلام والطباعة والنشر الورقي والمسموع والمرئي والإلكتروني"، اقترح إضافة: "وتضمين قانون العقوبات مواد تحدد عقوبة كل جهة أو شخص ينتهك هذا الحق"، الفلسفة من التعديل: هذا النص مستنسخ من قوانين سابقة، ولو لم تكن هناك عقوبة لن يخلو الالتزام من كونه عبارات إنشائية. الفصل الثالث: حقوق الصحفيين والإعلاميين مادة (٦) تنص على "لا يجوز أن يكون الرأي الذي يصدر عن الصحفي أو الإعلامي، أو المعلومات الصحيحة التي ينشرها أو يبثها، سببًا لمساءلته، كما لا يجوز إجباره على إفشاء مصادر معلوماته".
اقترح: "إخفاء مصادر المعلومات حق للصحفي، ولا يحق لأي جهة إجباره على إفشائها، وتتحمل الجهة المدعية في حال اتهامه بارتكاب جريمة نشر مسؤولية إثبات كذب المعلومات، أو احتواء الرأي الذي لا يجوز مساءلته بسببه، على ما يجرمه القانون"،
فلسفة التعديل: النص الوارد في القانون يتحدث عن الرأي والمعلومات الصحيحة، وبذلك لم يقدم جديدًا، لأن الوقائع يؤكد أن الخصومة القضائية مع الصحفي تولد من ادعاء أنه تجاوز حق إبداء الرأي إلى ارتكاب جرائم منها عبارات سب وقذف مثلًا، وكذا ادعاء أن المعلومات الواردة غير صحيحة، وينصب الخلاف على من المسؤول عن إثبات كذب المعلومة، هنا يجب أن تنصب مسؤولية الإثبات على مقيم الدعوى، فضلًا عن الحديث عن عدم المساءلة، لا تخلو من كونها مداعبة إنشائية خالية من المضمون، غير قابلة للتحقق، ومشوبة بعدم الدستورية، حيث تنص التشريعات على حق أي مواطن في إقامة دعوى، وهنا لن يقول المدعي إن هذا رأي، وأن المعلومات المنشورة صحيحة، بل سيمزق ستار حماية المادة للصحفي، بادعاء كذب المعلومات، وهنا سيكون على الصحفي المجاهدة في إثبات أن المعلومات صحيحة، بينما ينبغي أن يقدم المدعي ما يثبت كذبها، مع التأكيد على ضرورة انطلاق الصحفي من أدله موثوقة، حتى لا يمتلك حق الاتهام بلا دليل، وهذا دور النقابة في تنمية الضمير المهني، والتطوير، عبر التوعية القانونية.
المادة (١٠) تنص على: "للصحفي أو الإعلامي في سبيل تأدية عمله الحق في حضور المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة، وإجراء اللقاءات مع المواطنين، والتصوير في الأماكن العامة غير المحظور تصويرها، المقترح: إضافة فقرة، "ويعاقب بغرامة لا تقل عن ٢٠ ألفا ولا تزيد على ٢٠٠ ألف، كل من انتهك هذا الحق" أمل التشريعية للمقترح: ضمان حق المجتمع في المعرفة، التي كفلها الدستور، حيث يقع الصحفي من المجتمع موقع السمع والبصر، والحديث عن حق بلا عقوبة لمنتهكه، استنساخ نصي عقيم لمادة موجودة في القانون ٩٦ لسنة ٩٦، ووجودها بحالتها لم يمنع من انتهاك حق الصحفي، فماذا يفعل إذا انتقد أو كشف مخالفات في جهة أو شركة وحاول حضور مؤتمر لها فعوقب بالمنع، هل يقول يحق لي، "طيب اضرب رأسك في الحيط لن تدخل"، أما عندما ينص القانون على عقوبة عندها يمكنه تحرير محضر إثبات حالة وإقامة دعوى وتغريم المعتدي على هذا الحق. المادة (١١) تتحدث عن التزام الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية بوضع سياسة تحريرية، يتم تضمينها في عقود العمل، ولا يحوز للصحيفة أو الوسيلة إجبار الصحفي أو الإعلامي على القيام بأعمال تناقض هذه السياسة التي تعاقد في ظلها.
وتنص الفقرة الثانية من المادة على: "وإذا طرأ تغير جذري على سياسة الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية التي يعمل بها الصحفي أو الإعلامي أن يفسخ تعاقده معها بإرادته المنفردة، وذلك بشرط إخطارها بعزمه على فسخ التعاقد لهذا السبب قبل تركه العمل بثلاثة أشهر على الأقل". أتخيل الزميل بلجنة الصياغة، الذي عكف على إدخال تعديل طفيف على هذه المادة المستنسخة ليشمل الإعلام إلى جوار الصحافة، وقد عصف ذهنه، ليصرخ وجدتها مهللا بـ"بإرادته المنفردة"، قبل أن يرسم على وجهه ابتسامة النصر، مطلقا زفيرا، مائلًا بظهره للخلف ليمل بمقعده، رافعًا يديه لأعلى "متمطعًا" لتجديد نشاط أنسجته، ليتولى بعد ذلك إقناع اللجنة. معذرة للخروج عن النص، أعود للمقترح وفلسفته، اقترح إضافة، "وتلتزم الصحيفة أو الوسيلة بتعويضه بما يعادل أجر ٥٠ شهرًا من الأجر الشامل المنصوص عليه بالعقد، وحال الخلاف حول مدى تغير السياسة التحريرية من عدمه تشكل لجنة من أربعة أعضاء يختار المجلس الأعلى للإعلام أحدهم، والوسيلة أحدهم، والنقابة المقيد بها الصحفي أو الإعلامي أحدهم، والهيئة المنوط بها الإشراف على الوسيلة العضو الرابع، وهي الهيئة الوطنية للصحافة إذا كان الخلاف مع صحيفة، والهيئة الوطنية للإعلام في حالة الوسيلة الإعلامية، وتتولى مهمة الفصل في مدى التغير في السياسة التحريرية من عدمه على أن تصدر تقريرها في غضون شهر، واتخاذ ما يلزم لتمكين صاحب الحق من الحصول عليه" فلسفة التعديل المقترح: عندما تجيز المادة للصحفي أو الإعلامي، فسخ عقده بإرادته المنفردة، فهي تعاقبه هو على مخالفة ارتكبها مالك الوسيلة لنصوص العقد، فأما أن يواصل الصحفي أو الإعلامي العمل في وسيلة تناقض توجهاته، ويخالف ضميره المهني، أو يستقيل، بل وتحمي مصالح المالك بإلزام الصحفي بإخطاره قبل ثلاثة أشهر على الأقل.
فماذا يكون الحال إذا تعاقدت مع صحيفة أو وسيلة تتبنى توجهات ليبرالية داعمة للدولة المدنية، وتحوّلت إلى توجه داعم للتطرف مثلًا، استقيل بلا حقوق، أم أخالف ضميري، إذًا يجب تحميل من خالف العقد، وهو شريعة المتعاقدين، بسداد أجر ٥٠ شهرًا، لحماية الزملاء. مادة (١٥) تنص على: "لا يجوز فصل الصحفي أو الإعلامي إلا بعد إخطار النقابة المعنية بمبررات الفصل وانقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ هذا الإخطار، تقوم خلالها النقابة بالتوفيق بينه وبين جهة عملة، ولا يجوز وقف أجره وملحقاته خلال فترة التوفيق"، التعديل المقترح: "ولا يعتد بالفصل إلا بموافقة النقابة المعنية بصفتها طرفا ثالث في العقد"، الفلسفة: لا يعتد بالفصل التعسفي، وموافقة النقابة لن تأتي إلا بعد رفض الصحفي أو الإعلامي للحلول الموضوعية”.