قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن الملف الليبي يكتسب أهمية كبرى لنا كشركاء في منطقة البحر المتوسط وإننا نتطلع جميعا إلى استكمال مسار الحل في ليبيا من خلال مرافقة الليبيين إلى غاية تحقيق كافة أهدافهم في استقرار بلادهم واستعادة سيادتها وأمنها، ومستمرون في التأكيد على أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها وضرورة خروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب منها حتى تستعيد الدولة الليبية عافيتها وسيادتها الإقليمية على أراضيها.
جاء ذلك في كلمة أبو الغيط أمام المنتدى الإقليمي السادس للاتحاد من أجل المتوسط المنعقد في برشلونة اليوم الاثنين.
وبالنسبة للأزمة السورية اعتبر الأمين العام للجامعة أن هذه الأزمة تظل بتبعاتها الإنسانية والسياسية التحدي الأكبر للمجتمع الدولي وبشكل خاص للفضاء الأورومتوسطي الذي تحمَّل هذه التبعات بشكل مباشر ولا يمكن التغاضي عن خطورة تدهور الأوضاع الإنسانية للسوريين بسبب استمرار هذا النزاع الذي لا يجب السماح بإطالة أمده، مؤكدا أن كل الأطراف مطالبة بمراجعة مواقفها من أجل إيجاد حل سياسي لهذه الأزمة التي دفع ثمنها جيل بأكمله.
وأضاف أن اجتماعنا في مدينة برشلونة العريقة ونحن نحتفل باليوم العالمي الأول لإقليم البحر المتوسط هو بمثابة رسالة تأكيد لعمق الروابط التاريخية التي تربط ضفتي المتوسط ضمن إطار الاتحاد من أجل المتوسط الذي يمثل منصة فريدة للحوار والتعاون في المنطقة الأورومتوسطية وإننا نتطلع إلى مساهمة المفوضية الأوروبية في إعادة إطلاق الشراكة الاستراتيجية بين شمال وجنوب المتوسط بما يخدم شعوب المنطقة في الأمن والاستقرار والرفاه.
وقال أبو الغيط "لقد شهدت السنوات الماضية تصاعداً لافتاً في مستوى ونطاق العلاقات بين ضفتي المتوسط، خاصة فيما يتعلق بالتعاون المشترك في مجال الطاقة والغاز، ولاشك أن هذا التعاون، الذي يشمل عدداً من الدول في جنوب وشرق وشمال المتوسط، يمثل ركيزة مهمة وقاعدة انطلاق واعدة للتعاون بين هذه الدول في مجالات أخرى متعددة، بالإضافة للطاقة وبحيث يكون منتدى غاز شرق المتوسط نموذجاً متكرراً في تكامل وتنسيق السياسات الاقتصادية وتعزيز الاستثمارات التي تخلق الوظائف وتمنح الأمل لملايين الشباب".
وأكد أن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تظل حريصة على دعم وتعزيز التعاون العربي الأوروبي على كافة المستويات، ونستمر في بناء العلاقة المؤسسية رفيعة المستوى بين الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي التي وضعت لبنتها الأساسية عام 2019 خلال القمة العربية الأوروبية الأولى في شرم الشيخ، ونتطلع إلى عقد الاجتماع الوزاري في مطلع العام القادم في القاهرة والقمة الثانية في بروكسل في نفس السنة والتي ستمثل بلا شك محطة مهمة في طريق بناء علاقة استراتيجية نأمل أن تساهم إيجابا في تحقيق الازدهار والرخاء لهذه المنطقة الغنية بكل مقومات التقدم والاستقرار.
وأشار أبو الغيط الى حجم التحديات التي تواجهها منطقتنا والتي تفاقمت في العقد الأخير نتيجة للأزمات التي مست عددا من الدول العربية، مشيرا إلى أن ذلك لا يجب أن ينسينا أهمية القضية الفلسطينية وأولويتها على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث لا تزال الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة تثير بالغ القلق في ظل غياب أي أفق لتسوية حقيقية وفق مقررات الشرعية الدولية، ونسمع طروحات حول تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين باعتبارها حلا للنزاع، مؤكدا أن هذا الطرح مصيره الفشل لأنه مرفوض عربيا وفلسطينيا ولا يعدو أن يكون مسكناً وقتياً للهروب من استحقاقات التسوية وفق حل الدولتين.
وتحدث أبو الغيط عن قضية الهجرة غير النظامية قائلا "إنها تمثل شواغل مفهومة لدى عدد من الدول المتوسطية معتبرا أن الهجرة تعد من أعقد قضايا عصرنا، بسبب أبعادها المتعددة والمتشابكة من الاقتصاد إلى السياسة والثقافة ولا يمكن تناول قضية على هذه الدرجة من التعقيد والخطورة سوى بمنطق شامل وفلسفة إنسانية رحبة، تنطلق من المصالح المشتركة وتراعى شواغل جميع الأطراف".
وقال إن المطلوب والمأمول هو النظر لظاهرة الهجرة، ليس من منطلق أمني ضيق أو بمنطق تشييد الجدران وبناء الأسوار وإنما يتعين التعامل مع الظاهرة على نحو يعالج أسبابها العميقة وليس فقط أعراضها دون أن تستخدم كورقة سياسية للضغط أو قضية انتخابية لإحراز النقاط كما نرى مؤخراً بكل أسف في بعض المناطق.
وأكد أبو الغيط مجددا على الأهمية التي توليها الجامعة العربية للاتحاد من أجل المتوسط والآليات المنبثقة عنه، وبما يسهم في تعزيز التعاون والحوار المثمر بين ضفتي المتوسط.