الخميس 16 مايو 2024

الشاعر شعبان يوسف: السياسة والدين من أسباب انفصال المثقّفين (حوار)

13-6-2017 | 21:58

حوار: أحمد فيصل

  • غطرسة يوسف إدريس ودعمه سياسيا حطمت أدباء جيله
  • الإبداع واحد من أقوى أسلحة مواجهة الإرهاب

أكد الشاعر، والأديب شعبان يوسف  أن السياسة والدين من أسباب انفصال المثقّفين عن رجل الشارع، مشيرا إلى أن الإبداع، واحد من أقوى الأسلحة التي يمكنها أن تواجه الإرهاب.

وهاجم في حوار مع «الهلال اليوم»، الأديب الكبير الراحل يوسف إدريس، معتبرا أنه كان السبب في أفول نجم الكثير من أدباء جيله، بسبب علاقته القوية بالرئيس الراحل أنور السادات، وكذلك ما كان يتمتع به من غطرسة، وإلى الحوار. 

حدّثنا في البداية عن نشأتك ومدى تأثيرها في تشكيل ميولك الشعرية والثقافية؟

أنا من مواليد 7 / 4 / 1955، تخرجت في كلية التجارة الخارجية، ونشأت في فترة مشحونة بالحراك والصراع السياسي في أعقاب ثورة يوليو 1952، كان والدي صرّافا ذو ثقافة دينية تقليدية ككثير من آباء تلك الفترة، وكان مشجعا للثقافة بشكل كبير، كما كانت لي شقيقة تشاركني دومًا في قراءة الروايات والأشعار.

أمّا عن أول ما استفزّ فيّ طاقاتي وأثار ذائقتي الفنية، فكان "روبين هوود"، و"أرسين لوبين"، الذي كان قاسمًا مشتركا في تأثيره على خيال الأدباء والشعراء.

هل تختلف حاجتك إلى الآخر قارئًا كان أو مستمعًا باختلاف جنس الكتابة؟ وهل تختلف مراجعتك لما تكتب ما بين الشعر والنقد؟

حاجتى إلى القارئ واحدة في كل الأحوال، سواء كنت أكتب شعرًا أو نقدًا ، فلا قيمة للكتابة بدون قارئ ، والقارئ هو المرآه التي تعكس للكاتب مدى جودة وقيمة عمله، أمّا عن مراجعتي، فالأمر يختلف أحيانًا باختلاف نوع الكتابة، لأن الشعر لا يحتاج بحثًا بقدر ما يحتاج استغلال تلك اللحظة التي تنبعث فيها شرارة الخلق، بخلاف النقد الذي يحتاج تدقيقًا، وتمحيصًا، وإعادة للنظر.

لماذا اخترت الراحل يوسف إدريس بالذات لتكتب عنه وعن ضحاياه على حد تعبيرك؟

يوسف إدريس كاتب عظيم بلا شك، لكن السلطة السياسية "بروزت" إدريس وكرّست جهودها لإبرازه على نحو ساهم في خفوت أسماء أدبيّة أخرى، ما كان لها أن تخفت في عالم القصّة، لولا وجوده على الساحة كمصطفى محمود وصلاح حافظ وغيرهما، ويكفي أن تعرف أنه الكاتب الوحيد الذي كان في مقدوره أن يمسك بسماعة التليفون ويتصل برئيس الجمهورية وهو مازال شابّا في الثامنة والعشرين من عُمره، وهو الكاتب الوحيد الذي كلّفه الرئيس الراحل أنور السادات بإنجاز كتابين له، أحدهما كان باللغة الإنجليزية عن قناة السويس، والآخر كان عن الاتحاد القومي أول تنظيم سياسى نشأ بعد ثورة يوليو.

كيف ترى الارتباط بين المثقّف ورجل الشارع اليوم؟  

بالتأكيد المثقّف معزول عن رجل الشارع البسيط لاعتبارات كثيرة، كما أن السياسة أو السلطة الحاكمة تمعن دومًا في تعزيز حالة الانفصال تلك، إلى جانب الدين ممثلًا في رجاله، غير أنني ألقى باللوم أيضًا على المثقفين أنفسهم، فهم غالبًا ما يحتمون بأبراجهم العاجيّة دون أي محاولة للتعبير عن هموم الجماهير جديّا، وعليهم التخلّى عن ذلك العالم الموازي، لأن الثقافة لا معنى لها دون تأثير واقعي ملموس في حياة الشعب.

نُشر منذ فترة حوار قديم للكاتب الأمريكي الراحل إرنست هيمنجواي قال فيه إن الصحافة يمكن أن تفيد الكاتب حتى مرحلة معيّنة فهل توافقه الرأي؟ وهل أفادتك الصحافة ككاتب وشاعر؟

بالتأكيد يمكن للصحافة أن تفيد الكاتب وتمدّه بمادة بالغة الثراء للكتابة، وهيمنجواي نفسه استفاد كثيرًا من عمله كمراسل حربي، واستطاع تحويل تقاريره الصحفيّة إلى أعمال فنيّة مهمة، وكذلك كان الأمر مع جارسيا ماركيز، فقد ظلّ صحفيًا حتى نهاية حياته، وبالنسبة لي، فقد انجذبت كثيرًا للصحافة في واقع الأمر، ورأيت فيها وسيلة للتعبير عن المُدهِش، والمستبعَد، والمهمَّش، فلابد أن نعترف أن ثقافتنا على مدى قرن كامل هي ثقافة استبعاد وتهميش بامتياز، يكفي أن أحدّثك عن الراحل محمد ناجي أعظم كُتّاب الرواية في جيل السبعينات والثمانينات من وجهة نظري، هذا الرجل لم يلق عُشر ما يستحقّه من تقدير، الأمر يختلف باختلاف شخصية الكاتب بالتأكيد، والصحافة أداة مهمة ولا شك في ذلك.

في سياق نشر كتابك الأخير عن الراحل فرج فودة هل ترى أن الإبداع وحده قادر على مواجهة الإرهاب؟

الإبداع ليس السلاح الوحيد في مواجهة الإرهاب، ولكنه أحد القوى التي لا غنى لها في كل الأوقات، واحتفاؤنا بفرج فودة ليس سوى دليل على ذلك، فهذا الرجل كان يكتب رغم رفض أغلب المؤسسات لنشر كتاباته لئلا يطالهم بطش الجماعات الإسلامية، ورغم كل المصاعب كان مثالًا للمثقّف المهموم بقضايا الشارع طوال وقته.