الجمعة 1 نوفمبر 2024

عبد الباسط عبد الصمد.. الصوت الذي أبهر الجميع من أول تلاوة له

13-6-2017 | 22:22

في بقعة طاهرة بصعيد مصر عام 1927 ولد الشيخ عبد الباسط عبد الصمد بقرية المراعزة مركز أرمنت بمحافظة قنا، فوالده هو الشيخ محمد عبد الصمد أحد الأتقياء الحفظة للقرآن والمجودين له وكان موظفًا بوزارة المواصلات، وجده أيضًا الشيخ عبد الصمد من أشهر القراء بمحافظة قنا، وقد ألحقوا عبد الباسط عند بلوغه العاشرة من عمره بالكتاب وأوفدوه إلى طنطا ليتعلم القراءات على يد الشيخ محمد سليم حمادة، وبعد عامين أتم القراءات وانهالت عليه الدعوات من كل صوب لجمال صوته وبراعته في الوقف والابتداء .

التحق الشيخ عبد الباسط ووالده بركب من أهل الصعيد ليصل إلى القاهرة عام 1951 للمشاركة في المولد الزينبي، وفي إحدى الليالي التي يضج بها المسجد الزينبي بكبار مشاهير القراء، من بينهم الشيخ الشعشاعي والشيخ مصطفى إسماعيل وأبو العينين شعيشع وعبد العظيم زاهر، إستأذن والد الشيخ عبد الباسط أن يسمحوا لابنه أن يتلو القرآن لمدة عشر دقائق، فأذنوا له وبدأ الفتى يتلو سورة الأحزاب، وما إن بدأ حتى عم الصمت واتجهت إليه الأنظار، وبعد لحظات انقلب سكون المسجد من الصمت إلى صيحات التكبير والاستحسان لصاحب هذا الصوت الذي بدأ في تجسيد معاني الآيات، وخيل للحاضرين أن أرجاء المسجد تخشع وتهتز من رهبة وجلال صوت القارئ الجديد الذي امتدت تلاوته إلى ساعة ونصف بدلاً من الدقائق العشرة المتفق عليها.

اجتاز الشيخ عبد الباسط اختبارات الإذاعة المصرية في نفس العام بعد أن دفعه بعض الشيوخ للالتحاق بها، وهكذا بدأ صوته يسري إلى كل مكان في مصر وبدأ طريقه مع الشهرة، ومع كبار القراء أمثال الشيخ محمود خليل الحصري ومصطفى إسماعيل لبى دعوات كثير من الدول الإسلامية بزيارتهم والمشاركة في مؤتمرات القراء العالمي على مدى سنوات متتالية، وأيضًا قضاء شهر رمضان كاملًا في ماليزيا وأندونيسيا والهند للتلاوة وتعليمهم أصول القراءات، ونال أرفع الأوسمة عند قراءته في لبنان وباكستان والمغرب، كما زار الشيخ عبد الباسط كثير من الدول مثل فرنسا وأمريكا ونيجيريا وعند سماع صوته أسلم على يده العديد من الناس في تلك البلاد .

ومن الطرائف التي حدثت له عند زيارته لأوغندا، حيث أقيم له شادرًا كبيرًا في الأدغال أحسنوا فيه استقباله، وبعد أن أتم الربع الأول وجلس يستريح، فإذا بأحد المواطنين يجر بقرة في يديه ويصر أن يدخل بها على الشيخ عبد الباسط ليهديها له رغم أنها كل ما يملك، مكافأة له على المتعة الروحانية التي أمتع بها مسلمو أوغندا، كادت الدموع أن تفر من عيني الشيخ عبد الباسط وشكر الرجل ورفض هديته، وأبلغهم أن هديته هي ما رآه من مشاعر طيبة واستحسان لصوته، وفي ليلة أخرى في أوغندا بعد أن فرغ من تلاوته، تقدمت منه مذيعة السهرة القرآنية وتمتمت بكلمات غير مفهومة والدموع تملأ عينيها ووجهها يكسوه الخشوع، فتساءل الشيخ عما بها فترجم له القائمون على الحفل بأن تلاوته هزت وجدانها وترغب في أن تشهر إسلامها وتزور بيت الله الحرام، فرح الشيخ وعلى الفور اتصل بأحد أصدقائه المسئولين في الديوان الملكي السعودي لتسهيل سفرها وإقامتها، وبالفعل لبوا طلبه ومن الطريف أن السيدة لم تبرح مكة وظلت تدعو أبناء أفريقيا وأوغندا للإسلام حتى رحيلها .