الأحد 19 مايو 2024

تاريخ الجيش المصرى فى مكتبة الإسكندرية أبطال الصمود والنصر

14-6-2017 | 13:56

بقلم –  محمود عزت

منذ عهد محمد على باشا ومع بداية تكوين جيش مصرى يتولى الدفاع عن أمنها الخارجى والداخلى ويصد عنها أى عدوان أصبح للجيش المصرى دور وبطولات عديدة سجلها فى تاريخ مصر الحديث والمعاصر، ومن هذا المنطلق أخذت مكتبة الإسكندرية على عاتقها مهمة توثيق تاريخ الجيش المصرى ورجاله، حيث يوثق مشروع ذاكرة مصر المعاصرة، الحياة فى مصر خلال القرنين الميلاديين التاسع عشر والعشرين، من خلال أرشفة وتوثيق تاريخ مصر من خلال الصور والأفلام والطوابع والعملات والصحف والمجلات والوثائق والدراسات التاريخية التى كتُبت خصيصًا لهذه الذاكرة، وتعد ذاكرة مصر أكبر مستودع ومكتبة رقمية فى الوطن العربى، حيث تضم أكثر من ١٢٠ ألف وحدة متنوعة ما بين الصور والوثائق والفيديو والصوتيات والأرشيف الصحفى، فهى ذاكرة كل المصريين بلا استثناء، بدءًا من الفلاح البسيط والعامل المجد، إلى الملوك والرؤساء، بدءًا من الأحداث الهامة إلى يوميات المصريين.

أما عن الجيش المصرى فى ذاكرة مصر المعاصرة فلقد مر بسلسلة من التطورات خاصة فى القرن العشرين بدءا من حرب ١٩٤٨ وحتى حرب ١٩٧٣، تجعل متصفحها يعيش مع المصريين كيفما عاشوا، فى لحظات حزنهم وأفراحهم، فى انتصاراتهم وانكساراتهم.

ففى أثناء العدوان الثلاثى على مصر عام ١٩٥٦م، نجد مصر رافضة الإنذار البريطانى – الفرنسى وأعلنت تصميمها على القتال حتى آخر جندى، وقد ردت الدول المعتدية بضرب المدن المصرية بالقنابل ودكت الطائرات البريطانية والفرنسية عدة أماكن فى بورسعيد – لكن صمود المدافعين عن بورسعيد وتضافر القوة الشعبية مع القوات العسكرية المدافعة عن المدن أذهل العالم كله.

ولأن معركة ١٩٦٧ انتهت بنكسة عربية وكان على مصر أن تعمل على إعادة بناء قواتها المسلحة والاستعداد لإزالة العدوان والنكسة. وبالطبع كان لابد وأن يمر وقت قبل أن تكون مصر مستعدة لاستئناف القتال– لكن كان واضحا أن «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة» وإسرائيل لم تكن مستعدة لأن ترد ما اغتصبته من الأرض العربية.

أما عن حرب أكتوبر ١٩٧٣ والتى تعد رابع مواجهة عسكرية بين الدول العربية وإسرائيل، ولقد جاءت بعد فترة طويلة من التخطيط بين البلاد العربية، وبتنسيق بين مصر وسوريا، وضغط مصرى على الاتحاد السوفيتى لتعويض الأسلحة والمعدات التى فقدت فى حرب ١٩٦٧، وقد بدأت الحرب فى الساعة الثانية وخمس دقائق من بعد ظهر يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣، حيث كانت إسرائيل لاتزال تبدو أمام العالم قلعة عسكرية منيعة لا يمكن اقتحامها، ولكن هذه الأوهام الإسرائيلية لم تلبث أن تبددت منذ الساعات الأولى من القتال، فقد نجحت القوات المصرية فى اقتحام قناة السويس واجتياح حصون خط بارليف، وعلى الجبهة السورية نجحت القوات السورية فى عبور الخندق الصناعى الذى أقامته إسرائيل، واندفعت كالسيل الجارف تشق طريقها فى مرتفعات الجولان.

وهكذا انهارت نظرية الأمن الإسرائيلى بكل أسسها ومقوماتها، وتقوضت سمعه الجيش الإسرائيلى الذى ذاعت شهرته فى الآفاق بأنه الجيش الذى لا يقهر، وأصيب الشعب الإسرائيلى بصدمة عنيفة وصفها بعض المحللين العسكريين بالعبارة الشهيرة «زلزال فى إسرائيل».

كان لحرب أكتوبر تداعيات سياسية، فلولا الحرب ما استطاع السادات أن يبدأ مسيرة التسوية السلمية، فقد كانت الحرب بمثابة تحريك للمياه الراكدة، وفتحت المجال لعقد صلح بين مصر وإسرائيل، فلا شك فى أن تطورات الحرب هى التى اقتضت من كلا الطرفين بأن السلام العادل هو السبيل الوحيد لإتاحة الفرصة للتنمية والتقدم والاستقرار فى المنطقة، وكان السادات قد أعلن أن حرب أكتوبر هى آخر الحروب.

رغم مرور ما يقارب ٣٦ عامًا على وفاة الرئيس محمد أنور السادات، إلا أن سيرة الرجل ما تزال ملء السمع والبصر والحديث عنه لا ينقطع فى مختلف وسائل الإعلام وفى المؤلفات والدراسات العربية والأجنبية.. والسبب فى ذلك يرجع بلا شك إلى ارتباط اسم هذا الرجل بحدثين يؤرخ لهما بأنهما من أبرز أحداث القرن العشرين، وهما العبور العظيم والنصر الرائع الذى تحقق فى السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ والمبادرة التاريخية للسلام فى عام ١٩٧٧ والتى انتهت بتوقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، اللبنة الأولى فى مسيرة السلام الشامل بين العرب وإسرائيل.

ولأن حياة الرئيس السادات تستحق أن يصدر عنها عدة سجلات مصورة؛ فهى حافلة بالمعارك والمواقف، فضلاً عن الشجاعة والحكمة والقدرة السياسية. ولذلك خرج هذا السجل الوثائقى المصور «السادات رئيسًا»، معبرًا عن الإنسان والرئيس والأب والقائد.

ويمثل هذا السجل عرفانًا وتقديرًا للقائد الذى كان بطلا شجاعًا فى اتخاذه قرار الحرب وقرار السلم، والرجل الذى جاد بحياته من أجل نصرة وطنه.كما يتيح فرصة الإبحار فى حقبة هامة من تاريخ مصر، منذ أن تولى السادات الحكم عام ١٩٧٠ إلى لحظة اغتياله فى عام ١٩٨١، لتطوى بها صفحة من تاريخ مصر اعتمادا على استعراض أهم الأحداث فى كل عام ثم الانتقال للحياة الخاصة للرئيس السادات. «فهو يعد عملا ممتدًا فى الفلسفة التى أقيم عليها مشروع ذاكرة مصر المعاصرة، وهى إعادة قراءة التاريخ بصورة تتناسب مع تطلعات الأجيال القادمة، وهو ما نحاول أن نكون مثابرين من أجله».

ولأن متحف السادات هو أول متحف من نوعه عن الرئيس السادات يقام فى مكتبه الإسكندرية، وهو يأتى فى إطار توثيق المكتبة لتاريخ مصر الحديث والمعاصر. صدر الكتالوج المصور «متحف السادات»، والذى يضم بين صفحاته شرحا وافيا لمقتنيات متحف السادات بمكتبة الإسكندرية، يضم الكتالوج وصفا كاملا لصور المتحف ووثائقه، وهو مكون من ٢٤٠ صفحة بالألوان ومقسم إلى عدة أقسام؛ منها الأوسمة والنياشين، الإهداءات، الملابس، الصور الفوتوغرافية، المدونات الخطية، والكتب والمؤلفات.

وفى سابقة هى الأولى من نوعها فى عمر مجلة ذاكرة مصر، المجلة الثقافية الربع سنوية التى تصدر عن مكتبة الإسكندرية؛ قررت أسرة التحرير أن يكون العدد الخامس عشر من المجلة «عدد تذكارى خاص بمناسبة مرور ٤٠ عامًا على نصر أكتوبر ١٩٧٣». ليكون بمثابة سجل وثائقى مصور ينفرد بنشر مجموعة من الصور النادرة التى تنشر لأول مرة عن حرب أكتوبر ١٩٧٣. وقد ضم العدد كثيرًا من الوثائق والصور التى تنفرد بها ذاكرة مصر ومنها صور لتدريبات الجنود والضباط على عبور قناة السويس، والتى حصلت عليها ذاكرة مصر من أرشيف أسرة المشير محمد عبد الغنى الجمسي. بالإضافة إلى توثيق مصور لقادة حرب أكتوبر، وشهداء الحرب الذين ضحوا من أجل تراب الوطن فى أكتوبر ٧٣. والتوجيهات الاستراتيجية الصادرة من الرئيس محمد أنور السادات بخصوص الحرب.

وفى هذا العدد الخاص تم نشر مجموعة من الصحف المصرية الصادرة أثناء الحرب واستعراض مانشيتاتها وأهم الأخبار الواردة فيها، بالإضافة إلى خرائط سير عمليات الحرب ومراحلها. ولا يخلو العدد أيضًا من الطرائف فهو يضم مجموعة من الرسوم الكاريكاتورية الخاصة بفترة ما قبل وأثناء الحرب. ومجموعة من الطوابع البريدية الصادرة فى ذكرى حرب أكتوبر. وملف خاص عن البيانات العسكرية الصادرة من الإدارة العامة للقوات المسلحة لتوثيق الحدث يوما بيوم. فالهدف من هذا العدد هو اصطحاب الأجيال التى لم تعاصر الحرب فى جولة مصورة حية ليعيشوا لحظات النصر العظيم الذى حققه الجيش المصرى فى معركته لاسترداد سيناء. ويذكر أيضًا أن العدد يضم توثيقا لأشهر رجال الحرب ومنهم الفريق أحمد إسماعيل والمشير محمد عبدالغنى الجمسى والفريق سعد الدين الشاذلى من خلال استعراض سيرتهم الذاتية وأعمالهم الجليلة التى قدموها لمصر. كما احتوى العدد حوارا خاصا مع اللواء باقى زكى صاحب فكرة تدمير خط بارليف باستخدام المياه. بالإضافة إلى مجموعة من المقالات الهامة ومنها «سلاح البترول ودوره فى حرب ٧٣»، و»الحرب النفسية وأثرها على إسرائيل».

وفى أكتوبر ٢٠١٤ أصدرت مجلة ذاكرة مصر عددا خاصا بعنوان «أبطال الصمود والنصر»، وثق فيه تاريخ وصفحات لرجال من العسكرية المصرية ضحوا من أجل مصر وأمنها ومنهم الفريق أول محمد فوزي، والفريق أول عبدالمنعم رياض، والفريق أول كمال حسن علي، والمشير أحمد بدوي، والفريق حلمى عفيفى عبدالبر. وانفرد هذا العدد بنشر مجموعة من الصور نشرت لأول مرة للتدريب العملى بالقناطر الخيرية على عبور قناة السويس فى ٩ مارس ١٩٧٣م.

ومؤخرًا، كتاب «المدفعية المصرية الابتكار والتطور من العصر المملوكى إلى عصر محمد علي»، من إعداد الدكتور المصطفى محمد الخراط، والكتاب هو الإصدار السابع عشر فى سلسلة «ذاكرة مصر المعاصرة». ويرصد تطور تقنيات سلاح المدفعية عبر العصور، ويقيس أثر تطور التقنيات فى كثافة استخدام الجيوش للمدافع، لاسيما فى العصر المملوكى الذى شهد اهتمامًا خاصًا من قبل السلاطين المماليك بصناعة المدافع، وأشار سراج الدين إلى أن اهتمام السلاطين المماليك بصناعة المدافع لا يشير فقط إلى اهتمامهم بالصناعات العسكرية، بل يقدم صورة للمدى الذى بلغته مصر فى هذا العصر من الاهتمام بمختلف العلوم. الإصدار يتناول أحوال المدفعية المصرية منذ دخولها الجيش المملوكى وتطورها خلال فترة الحكم العثماني، وصولًا إلى فترة حكم محمد على والإصلاحات التى قام بها لتطوير الجيش المصرى من الناحية العامة والمدفعية من الناحية الخاصة.

 وقدم المؤلف فى بداية الكتاب، تمهيدًا حضاريًا لمفهوم الأسلحة ومراحل تطورها، وظهور الأسلحة النارية بمفهومها القديم، ودور العلماء المتخصصين فى ابتكار مسحوق البارود والأسلحة النارية بمفهومها الجديد، والتى بدأ استخدامها بشكل منتظم مع منتصف القرن الثامن الهجري، وصولًا إلى القرن التاسع الهجرى الذى شهد اهتمامًا واسعًا بدراسة الأسلحة النارية بأسلوب علمى والعمل على تطويرها.

ويتناول الكتاب المدفعية المصرية من عدة جوانب، أهمها الجانب التطورى لها من حيث دراسة التقنيات الخاصة بالمدافع التى لعبت دورًا كبيرًا فى حسم المعارك، وتغيير منظومة الدفاع للتحصينات الحربية، كما عمل على إبراز دور علماء المسلمين فى تطوير فن المدفعية خلال العصور التى تناولها المؤلف، للوقوف على الدور الحقيقى والفعال لعلماء المسلمين والذى ساهم بلا شك فى تطوير المدفعية على مر العصور.

وجار حاليًا توثيق تاريخ سلاح المشاة ضمن إصدارات مكتبة الإسكندرية وإسهاماتها فى توثيق إنجازات الجيش المصري.