بقلم – لواء د. سمير فرج
الجيش المصرى أعظم جيوش العالم، فهو أول من استخدم القتال بالجيوش النظامية.. وأول من قدم العجلة الحربية والخيالة التى تطورت إلى سلاح المدرعات بعد ذلك. ولقد حقق الجيش المصرى فى الماضى انتصارات كبيرة وحققت مصر على يده فتوحات كبيرة، واليوم وبعد كل هذه السنين نحاول أن نسأل أنفسنا: أين يقف جيش مصر العظيم الذى هو عماد الدولة المصرية والذى لولا هذا الجيش فى ثورات الربيع العربى لأصبحت مصر مثل باقى دول المنطقة (العراق وسوريا واليمن وليبيا).
لقد كان بناء الجيش المصرى فى العصر الحديث فى عصر محمد على مؤسس مصر الحديثة، حيث بدأ بتكوين الجيش النظامى فى عام ١٨١٥ عندما عاد من الحرب الوهابية وبدأ فى تكوين جيش من الجنود الألبان، ولكن المحاولة باءت بالفشل وفى عام ١٨٢٠ أنشأ محمد على المدرسة الحربية فى أسوان وألحق بها ألفا من المماليك ليتم تدريبهم على يد الضابط الفرنسى سليمان باشا الفرنساوى ونجحت التجربة، وبعد ٣ سنوات استقدم محمد على ٢٠ ألفا من السودانيين لتدريبهم ولكن باءت المحاولة بالفشل، ولم يجد أمامه سوى فلاحى مصر الأصلاء الذين قاوموا فكرة التجنيد فى البداية، ولكن بحلول عام ١٨٢٢ أصبح لمصر جيش قوامه ستة كتائب من الجند النظاميين يتجاوز عددهم ٢٥ ألف جندى، وزاد العدد بعد ذلك ليصل إلى ١٦٩ ألف جندى عام ١٨٣٣، ثم زاد العدد ليصل إلى ٢٣٦ ألف جندى عام ١٨٣٩، وأنشأ محمد على ديوان الجهادية، بعدها شارك فى حرب المورة فى اليونان، ثم بدأ حملته فى الشام والأناضول، وأنشأ ترسانة بولاق البحرية، ثم أنشأ ترسانة الإسكندرية، وبلغ عدد السفن فى مصر ٢٨٠ سفينة عام ١٨٣٧، وفى عام ١٨٢٥ أنشأ محمد على مدرسة الأركان حرب، وهكذا كانت بداية الجيش المصرى فى العصر الحديث وتطور بناء وتطوير الجيش المصرى، ومن هذا المنطلق كنا جميعا فى غاية السعادة والفخر عندما أعلنت منظمة (Global Fire Power (GFPتقييمها السنوى لقوة وترتيب الجيوش فى العالم، والذى احتل فيه الجيش المصرى المركز العاشر للمرة الأولى فى تاريخه، متفوقا على جيوش عدة دول مهمة «تركيا و إيران و المانيا وإيطاليا».
وهذه المنظمة لها موقع غير رسمى تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، قام بإنشائها عدد من العسكريين المتقاعدين، وتعد حاليا من أبرز المؤسسات البحثيه الأمريكية المتخصصة فى تقديم قواعد بيانات وتحاليل عن القوى العسكرية فى العالم، حيث تصدر التقارير بصفة دورية، وكذلك يصدر التقرير السنوى لترتيب الجيوش حسب قوتها على مستوى العالم.
غالبا ما تصدر هذه التقييمات بناء على ٥٠ عاملا وفق حجم الدولة والموقع الجغرافى، وخاصة إذا كان موقع الدولة يطل على بحار.
جاء الترتيب هذا العام على أساس روسيا فى المرتبة الأولى تليها الصين فالهند، وحلت بريطانيا فى المرتبة الخامسة يليها فرنسا ثم اليابان فى المرتبة السابعة، كوريا الجنوبية فى المرتبة الثامنة ثم إسرائيل فى المرتبة التاسعة ووصلت مصر إلى المرتبة العاشرة، وبعدها جاءت ألمانيا ثم إيطاليا وتركيا وإيران.
وبناء على هذا التقييم، حصل الجيش المصرى على المركز العاشر عالميا والأول عربياً وأفريقياّ، والملفت للنظر أن الصين جأءت مثلاً فى المرتبة الاولى فى التصنيف عالميا من حيث القوات العسكرية العاملة، يليها الولايات المتحدة ثم الهند وبعدها روسيا، وعلى مستوى الدول العربية جاءت الجزائر الأولى من حيث القوى العسكرية العاملة يليها مصر ثم العراق ثم السعودية.
وعلى أية حال ينتظر العسكريون فى كل العالم التقرير السنوى الذى يصدرهInternational Institute of Strategic Studies ويصدر بعنوانMilitary Studies وهو ميزان القوى العسكرية فى العالم.
وهذا التقرير يعتبر الأقوى عالميا من حيث المصداقية ودقة التفاصيل فى حجم القطع العسكرية، نوعية التدريب، واستخدام التكنولوجيا العالمية.
ولقد تقدمت القوات المسلحة المصرية مؤخرا بعد شراء القمر الصناعى العسكرى من فرنسا... وهذا الذى أدخل مصر فى دوائر الدول العسكرية التى تعتمد على النقلة النوعية الجديدة فى مجال تكنولوجيا المعلومات.
وبناء علية جاءت مصر على رأس القائمة لتكون القوات المسلحة المصرية هى الأولى أفريقياً ويليها الجزائر ثم إثيوبيا وفى المركز الرابع نيجيريا وفى المركز الخامس جنوب أفريقيا وبعدها أنجولا وفى المركز السابع المغرب والثامن السودان، ولقد تميزت مصر فى هذا المجال بقدرات التصنيع الحربى، وكذلك حجم القوات غير العسكرية لدعم تأمين الجبهة الداخلية ويقصد بها قوات الأمن المركزي.
أما صفقات الأسلحة الجديدة التى أبرمتها مصر مع فرنسا بطائرات الرافال وحاملة المروحيات ميسترال.
ثم القمر الصناعى للمعلومات ثم صفقة الغواصات الألمانية وهى أحدث انواع الغواصات فى العالم.
ثم صفقات الأسلحة من روسيا للطائرات مج ٢٣ والسوخوى وصواريخ الدفاع الجوى، كما تميزت مصر بجميع أعمال التدريب المشترك، والتى تتم مع الدول الغربية والدول العربية.
كذلك جاءت خطط رفع درجات الأستعداد، وخطط الطوارئ وخطط الاستدعاء للاحتياطى فى مصر، وبالطبع إسرائيل لتكون إحدى العوامل المؤثرة فى تحديد الترتيب، كما أن إعداد القادة ورفع مستواهم.
وتجىء فى النهاية الروح المعنوية لهذه الجيوش، وهذا البند لم يكن محدداً فى بند التقييم من قبل.. لكن جاءت حرب أكتوبر ٧٣ لكى تجبر هذه المراكز.. لكى يكون العامل المعنوى لرجال هذه الجيوش أحد العوامل الرئيسية فى التقييم.
وهكذا استعرضنا تقييما لقدرة القوات المسلحة المصرية التى ننتظر منها أكثر فى حماية الأرض والمكتسبات الاقتصادية والاستثمارية المصرية، وخاصة حقول البترول والغاز الطبيعى فى شرق البحر المتوسط، كذلك تأمين مياه حوض النيل من منابعها فى وسط أفريقيا وتأمين قناة السويس من خلال مسارات الملاحة البحرية فى مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وبذلك سوف تظل القوات المسلحة حجر أساس فى تحقيق الأمن القومى المصرى فى كافة المجالات.