ذكرت صحيفة (فاينانشيال تايمز) البريطانية في عددها الصادر اليوم /الجمعة/ أنه في الوقت الذي يحاول فيه مسئولو الصحة في جميع أنحاء العالم احتواء الانتشار السريع لمتغير أوميكرون، المُتحور من فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) والذي تم اكتشافه حتى الآن في أكثر من 50 دولة في ست قارات، يواصل العلماء التفكير في أصوله.
وينبع لغز السؤال، حسبما قالت الصحيفة في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي، من كيفية ظهور "مجموعة كاملة من الطفرات تحت أجهزة التليسكوب "، وفقًا لما ذكره ديفيد ستيوارت، أستاذ البيولوجيا البنيوية في جامعة أكسفورد.
وتقول سارة أوتو، أستاذة علم الأحياء التطوري في جامعة كولومبيا البريطانية إن السمات الجينية لأوميكرون تحمل تشابهًا أكبر مع أشكال الفيروس الذي انتشر العام الماضي أكثر من السلالات الأحدث، مثل بيتا ودلتا، ورجحت بأن أوميكرون كان مختبئا لمدة عام كامل ولم يظهر إلا الأن.
في السياق نفسه، أوردت الصحيفة أن "الجهود المبذولة لشرح مكان وكيفية تطور أوميكرون أدت في حقيقة الأمر إلى ظهور نظريات متنافسة. والرأي الأكثر شيوعًا بين علماء الفيروسات هو أن المتغير قضى شهورًا في التحور داخل جسم شخص مصاب بضعف المناعة وعدوى مزمنة، فيما تشمل الأفكار الأخرى احتمالية أنه تطور بشكل سريع نتيجة كثرة استخدام الأدوية المضادة لـ كوفيد وانه تحول إلى نوع حيواني قفز لاحقًا إلى البشر.
وقال ريتشارد ليسيلز ، طبيب الأمراض المعدية بجامعة كوازولو ناتال في ديربان، إنه بالنظر إلى أن جنوب إفريقيا واجهت الموجة الأولى من عدوى أوميكرون، فمن المحتمل أن تعود جذور هذا المتغير إلى مكان ما في المنطقة.
وأشار ليسيلز إلى أن فريق بحثي من جنوب إفريقيا كان يعمل معه اكتشف مريضًا بفيروس نقص المناعة البشرية /الإيدز/ غير معالج في أواخر العام الماضي أصيب لاحقا بـ كوفيد-19 لأكثر من ستة أشهر، ما أدى ذلك إلى سلسلة من الطفرات التي أثرت على بروتين سبايك، وهو جزء مهم من تكوين الفيروس ومتواجد في معظم طفرات أوميكرون، فيما لاحظت دراسة بريطانية عملية مماثلة لدى مريض كوفيد مصاب بسرطان الدم.
وأوضح ليسيلز، في هذا الشأن، أن الاستجابة المناعية لمريض فيروس نقص المناعة البشرية غير المعالج ستكون "أضعف من أن تتخلص من الفيروس لكنها قوية بما يكفي لدفع عملية التطور". وقال إن هذه العملية ستسمح للفيروس التاجي بالطفرة دون أن يتم "التقاطه" لأن العديد من هؤلاء المرضى لا يعانون من أعراض وبالتالي لا يتم اختبارهم. وقال: من المرجح أن يكون هذا المسار التطوري نادرًا ولكنه سبب معقول لظهور أوميكرون".
تجدر الاشارة، حسبما قالت الصحيفة في تقريرها، إلى أن أكثر من نصف عدد المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية حول العالم، وعددهم 37.7 مليون مصاب، يعيشون في شرق وجنوب إفريقيا. وفي جنوب إفريقيا وحدها، هناك حوالي 1.9 مليون شخص مصابون بفيروس نقص المناعة البشرية الذي لم يتم اكتشافه أو معالجته أو السيطرة عليه بشكل كافي، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز.
في هذا الشأن، قال جوناثان لي، مدير مختبر هارفارد/ بريجهام المتخصص في علم الفيروسات في بوسطن، إنه من "المذهل" ظهور نوعين مختلفين من متغيرات كورونا- بيتا وأوميكرون - في جنوب إفريقيا، وهي منطقة بها "أعداد كبيرة من الأفراد الذين يعانون من ضعف المناعة نتيجة عدوى فيروس نقص المناعة البشرية"، مشيرا إلى أن "الاصطدام بين أعداد الحالات المرتفعة وانخفاض توافر وتوزيع اللقاحات المضادة لكورونا ربما تكون جميعها أسباب منطقية لتفشي متغيرات جديدة من الفيروس قد تكون أشد عدوى وفتكا وانتشارا في هذه المنطقة من العالم، ومنها إلى سائر البشرية.