الخميس 9 مايو 2024

ومضات قنديل مع أفكار المبدعين


نجلاء أحمد حسن

مقالات13-12-2021 | 22:38

نجلاء أحمد حسن

جولة ممتعة بين أفكار  المبدعين جمعها الأديب الكبير والكاتب الصحفي المتميز الأستاذ محمود قنديل بين دفتي كتابه ( حوارات حول الإبداع ) . حاور فيها أعلام الفكر والثقافة والأدب وكل منهم  شاهدا على عصره، وانتقل كنحلة تجمع رحيق، بين أفكار عمالقة  الفكر والفن والسياسة  والأدب،  فنجده بدأ بفكر د صلاح فضل، شيخ الأدباء حول البنيوية التي أصبحت منجزا معرفيا في الوعي الأدبي والنقدي، مارا  بالأدب العربي وقضية إنصاف المرأة العربية، حتى وصل إلى قضايا التطرف والإرهاب، إلى راي السادات في مقولة لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين والذي نقده الشيخ الشعراوي.

ويسير بنا الكاتب الكبير محمود قنديل ليصل للمفكر الكبير د. جابر عصفور وحواراته  حول قضايا التنوير والحرية في الثقافة والإبداع، بين تجديد الخطاب الديني الذي مازال يشغل المجتمع العربي؛ حول  قضية التنوير واجتثاث أفكار التطرف والعنف  المظلم، الذي يعاني منها المجتمع، والذي كانت له نظرة استباقية التقطها المحاور المحترف محمود قنديل، وسجل تلك الاستباقية التي شغلت فكر د جابر عصفور منذ تلك الحقبة وكم أثرت أفكار تلك النفوس الداعية للتطرف حتى عصرنا الحالي.

وحول قصيدة النثر التي أثارها فكر عصفور بانها حق مشروع للمبدع فليبدع خارج اطار الوزن والقافية فلها قيمتها الجمالية  الكامنة.  فمهمة النقد تفسير النص وشرطه بأن يتمتع  ذلك الناقد ببراعة تناول النص بقراءة جيدة .

ويسبح بنا الكاتب الكبير محمود قنديل حول فكر د صلاح السروي  الناقد الاكاديمي  الذي اثرى حياة الثقافة بإسهامات جادة وعميقة  في كتابه (تحطيم الشكل خلق الشكل في الشعر المصري المعاصر)  وسؤال في كتابه (المثاقفة وسؤال الهوية مساهمة في نظرية الأدب المقارن  ) وقضايا قصيدة النثر الشائكة.

ونجد اللغة الفكرية المصطبغة بالثقافة الروسية، واضحة في حوار الكاتب الكبير محمود قنديل في حديثه مع د .احمد علي الهمداني  المترجم اليمني والشاعر الذي غاص في أفكار العديد من الثقافات  وعلاقته بالمشهد اليمني في ثورات الربيع العربي. والجدير بالذكر أن الهمداني قد منحه بوتن وسام بوشكين العالمي الذي نقله من المحلية إلى العالمية رغم أن مصر هي التي شكلت ثقافته ونظرته إلى الحياة والناس، وأردف الهمداني بنصيحة ذهبية بان الماضي يوصل الحاضر وأن التراث هو مرآة لامعة تضيئ المعاصر ولا يمكن الاستغناء عنها في حياة الفكر الأدبي.

ومازالت  متعة الرحلة مستمرة بقيادة الأديب الكبير محمود قنديل ؛ بان توقف عند احدى رموز السعادة الدكتورة أماني الجندي، المتخصصة بالتراث الشعبي الذي قدمته من خلال ثقافة الطفل عبر حكايات وقصص الأطفال من منظور التراث الشعبي وفنون الفرجة الشعبية ولك أن تتخيل قيمة الأراجوز في حياة الطفل قديما وحديثا فمازال يعيش في وجدان الجميع كبارا تربوا عليه وصغارا يمثل لهم خيالا واسعا وذكريات ممتعة.

وتحدثنا د أماني الجندي عن أهمية التراث الشعبي،  وأن المثقف الجيد يستطيع بذائقته الفطرية الاستمتاع به رغم تيارات التدني الفني التي يواجهها المجتمع المعاصر.

أما عن إشكالية المقارنة بين الكتاب الورقي والكتاب الاليكتروني، فتتحدث د الجندي عن حميمية الورق كعنصر مادي بين يدى القارئ وتطرقت إلى أهمية الإيداع والترقيم الدولي للكتاب للحفاظ على حقوق الملكية الفكرية للمبدع.

وتأتي أهم محطات الفكر النسوي وحوارات حول  المرأة ومعاناتها التاريخية والثقافة العنصرية التي تواجهها  في حوار الكاتب اللامع الأستاذ محمود قنديل مع الدكتورة هبه عبد العزيز وسلوى بكير   وحوارات جادة حول كتاباتهن (انوثة محرمة) لهبة، وحالة التسلط الذكوري حول مجتمع المرأة واثره في المجتمع العربي ورواية (الصفصاف والاس)  لسلوى بكير والمزاوجة بين صورة  المرأة إبان الحملة الفرنسية  كحضارة إسلامية تم غزوها ثقافيا  بواسطة الحضارة المسيحية المتمثلة في الحملة الفرنسية على المجتمع المصري

ويأتينا المثقف الفطري والذي صف نفسه بانه فنان يقدس المكان كخزينة تجمع بين الماضي والحاضر، المبدع عز الدين نجيب الذي اسهم في رصد الثقافة الشعبية من خلال قصور الثقافة التي جابت القرى والنجوع  من سيناء إلى النوبة، مرورا بعصور سياسية ممتدة من  ناصر والسادات ومبارك ومازال  نجيب ساقية تسقي الثقافة علما وفنا ومعرفة، وهو عضو مؤسس بنقابة الفنانين التشكيليين واتحاد كتاب مصر، ومديرا لتحرير مجلة شموع، وقد تحدث عن المسافر خانة ذلك الصرح التاريخي الهام، الذي انهار باحتراقه أواخر التسعينات  وقد كان يضم مراسم لمجموعة هائلة من الفنانين وشهد مشارب وتوجهات ومدارس فنية مختلفة.

ونجد  الحوار الممتع يأخذنا  بنعومة إلى الكاتب الكبير والقاص سمير المنزلاوي ابن محافظة كفر الشيخ ،  وهو أديب يتناول فكرة أهمية المكان؛ في رواياته المتميزة (موسم الرياح – شعاع هرب من الشمس – الدكان) و(جدتي تحكم العالم ليلا)،  وهو منظور متميز بالاكتمال الفني نحو حاكمة العالم التي تتنبأ بالمستقبل بعد أن يسود الهدوء بل ويصدق تنبؤها وهو يعكس قدسية مكانة الجدة في وجدان العالم،  فقد اهتم أدب المنزلاوي بشخصية العمل الفني،  فهو يغوص في مكنوناتها، ليظهر المعايشة الحميمة والحب المتبادل.  فالشخصية في أدب سمير المنزلاوي مكتملة، فكرا، ووجدانا، وجسدا يشتاق، وعقلا نابضا بالحب أو الكراهية، فهي توليفة بشرية طازجة وساخنة، لا زيف فيها ولا افتعال تندمج في تضاريس أرض الواقع، لتنتج في النهاية تجسيدا ممتعا يقنع القارئ ويتذوقه العقل وقد يتوحد معه وقت الأحزان ويسعد قلبه وقت فرح الأعياد في حياة الطفل .

وعن نعت سمير المنزلاوي القراءة بأنها نوعا من الإنتاج الأدبي نجد فكرا جديدا وطاقة نور جديدة كل من قراء فهو مبدع 

حوارات الإبداع لا تنتهي  ومازال في جعبة الكاتب الكثير من المتع، وكل حوار مولد للدلالات التي تغمر فكر القارئ وتطرح تساؤلات. هل هي براعة المحاور الكاتب الصحفي الكبير محمود قنديل وتناوله لتلك القضايا الأدبية والاجتماعية في حياة الأدباء؟  أم هي لغة أديب يعلم الخط الفكري لمن حاوره ليخرج للقارئ متعة فكرية ونزهة عقلية تمتزج بالنشوة والسعادة  والسهولة رغم ضخامة الأفكار، أثناء تلك الرحلة الممتعة التي يسلط الأديب الكبير والصحفي اللامع محمود قنديل ضوء  قنديله المحمود اللامع حول أفكار مبدعين العصر التي  أضاءت سماء الفكر والإبداع العربي.

 

Egypt Air