حث خبراء دوليون في مكافحة الفساد، حكومات العالم على تكثيف العمل لمكافحة الفساد في الأحداث الرياضة، ومحاصرة الجريمة المنظمة في الرياضة، منبهين إلى أن مصداقية الرياضة على المحك ما لم تبذل الجهود لمكافحة الرهانات غير القانونية، والتلاعب بالمسابقات.
جاء ذلك في جلسة خاصة بعنوان (حماية الرياضة من الفساد.. معا الكل كسبان)، عقدت على هامش فعاليات اليوم الثاني للدورة التاسعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، في مدينة شرم الشيخ، شارك فيها مدير إدارة المعاهدات بمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة جون برادنولينو، وأندريه افتيسيان سفير الهيئة الدولية لمناهضة الفساد من روسيا، والكسندور كورتيز ممثل إيطاليا لدى منظمة الأمم المتحدة في فيينا.
وأجمع الخبراء الدوليون على ضرورة وضع "نزاهة الرياضة" في قلب مرحلة التعافي من جائحة كورونا؛ هو أمر أساسي لضمان خروج الرياضة - كما المجتمع - من هذا التحدي بأكبر قدر ممكن من القوة.
واعتبر المجتمعون أن الرياضة مهددة بسبب الفساد المتفشي والجريمة الذين يسببان تخفيض مساهمتها الإيجابية في المجتمع، مشيرين إلى أن الفساد في الرياضة ليس بجديد، فقد ظهرت الأنشطة الاحتيالية في المسابقات والمؤسسات الرياضية منذ الألعاب الأولمبية القديمة وازدادت الأنشطة الإجرامية بشكل ملحوظ في العقدين الماضيين.
ورأوا أن النمو السريع للرهانات الرياضية القانونية وغير القانونية - إلى جانب التقدم التكنولوجي- أدى إلى تغيير طريقة لعب الرياضة واستهلاكها؛ الأمر الذي جذب المجرمين أكثر فأكثر.
وأكدوا أن الإعلان السياسي للجمعية العامة للأمم المتحدة - في دورتها الخاصة لمكافحة الفساد، والتي عقدت في وقت سابق من هذا العام - أبرز حاجة المنظمات الرياضية والمنظمات الدولية والإقليمية والأشخاص المكلفين لتنفيذ القانون إلى التعاون سويا لمكافحة الفساد، بشكل فعال.
وقال جون برادنولينو إن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة يقدم المساعدة من خلال برنامجه الخاص بحماية الرياضة من الفساد والجريمة، مشيرا إلى أن البرنامج يعد ركيزة أساسية في برنامجه العالمي لمكافحة الفساد، حيث يقدم الدعم للحكومات والمنظمات الرياضية والأطراف المعنية لمعالجة مشكلة الفساد والجريمة في الرياضة.
واستعرض المجتمعون، فضائح الفساد البارزة التي شهدها المجال الرياضي، ما أنتج دفعا متزايدا للعمل على معالجة المشكلة، ويتضح هذا من خلال تبني مجموعة العشرين في شهر أكتوبر من هذا العام، مبادئ عالية المستوى تتعلق بمعالجة الفساد في الرياضة.
وفي السياق، أشار تقرير لمكتب الأمم المتحدة للإعلام في فيينا إلى أن التلاعب بالمسابقات الرياضية والرهانات غير القانونيّة المرافقة لها يشكل تهديدا خطيرا لنزاهة الرياضة وعملية تجارية ضخمة عابرة للحدود مع ما يصل إلى 1.7 تريليون دولار سنويا يقدر أنه يتم المراهنة عليها في أسواق المراهنات غير الشرعية، لافتا إلى أن النطاق المالي يجعل من المراهنات غير القانونية الدافع الرئيسي للفساد في الرياضة ومسار رئيسي ومهم لعمليات غسيل الأموال، وقد أتت جائحة كوفيد-19 لتزيد من عوامل الخطر.
وأظهر التقرير أن انتشار المقامرة عبر الإنترنت وازدهار العملات المشفرة إلى جانب العديد من عمليات المراهنة غير القانونية والعابرة للحدود يشكل تحديا.
وأطلق مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة – في اليوم العالمي لمكافحة الفساد، الذي يصادف التاسع من ديسمبر الجاري – تقريرا عالميا حول الفساد في الرياضة أظهر - لأول مرة – حجم ونطاق وتعقيد الفساد والشبكات الإجرامية في الرياضة الوطنية والدولية.
ورصد التقرير تهديدات الفساد التي تواجه الرياضة، وحلل اتجاهات ممارسات الفساد في الرياضة، وبحث في كيفية استخدام الأطر القانونية لمعالجة المشكلة، وقد ساهم في إعداد التقرير ما يقارب من 200 خبير من الحكومات والمنظمات الرياضية والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية.
وأظهر التقرير العالمي، الحاجة الملحة لتقوية وتعزيز الأطر القانونية، وتطوير ووضع السياسات، وزيادة التعاون، وتعزيز فهم الترابط بين الفساد والجريمة المنظمة في الرياضة، وتطوير قدرات الكيانات الحكومية والمنظمات الرياضية المختصة.
وقدّم مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أكثر من 150 نشاطا بما في ذلك زيادة الوعي بخطورة الفساد في الرياضة، وبناء القدرات والمساعدة الفنية، لأكثر من 7500 مستفيد مباشر من أكثر من 130 دولة منذ عام 2017.
وذكر مكتب الأمم المتحدة للإعلام أن التعاون الوطني بين أجهزة تنفيذ القانون، وسلطات العدالة الجنائية، والمنظمات الرياضية أمر مهما للغاية من أجل الكشف عن الفساد في الرياضة والإبلاغ عنه ومنع بذلك التلاعب بالمسابقات.. وقال: "من المهم أن يبلغ الرياضيون وغيرهم من الأشخاص عن الأساليب المستخدمة من قبل الذين يتلاعبون في المباراة، من خلال آليات مفتوحة وسرية وبطريقة متخفية، وقد يصاب هؤلاء الأشخاص المحتملين الذين بلغوا عن المخالفات بالإحباط أو يشعروا بالخوف من الانتقام أو الاعتقاد بأن ذلك لن يحدث فرقا".