الجمعة 21 يونيو 2024

علمها القرآن واللغات الهندية .. جودي دنيش تواجه العنصرية بـ «فيكتوريا وعبدول»

17-6-2017 | 10:00

كتبت : نيفين الزهيري

منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراراته ضد العرب والمسلمين والجدل الاعلامي والعالمي الذي ظهر بسبب أحاديثه الجريئة عن الدين والعرق، حتى وُصفت تصريحاته بأنها دعوة مباشرة للعنصرية، والتفرقة بين البشر بحسب العرق والدين، وهو ما جعل هوليوود تبحث بين العديد من القصص حول ما يمكن تقديمه للجمهور ليغير من الصورة التي حاول ترامب ترسيخها في العقول، بالإضافة إلي توضيح صورة أوضح عن الإسلام وأنه ليس مقتصرا علي الجماعات الإرهابية التي تتاجر به في العالم لتثير حالة من الرعب والخوف، ومن أوائل هذه الأفلام فيلم "فيكتوريا وعبدول" والذي يعرض في سبتمبر القادم في العديد من دور العرض حول العالم وهو إنتاج بريطاني أمريكي مشترك، والمأخوذ عن رواية "فيكتوريا وعبد الكريم: القصة الحقيقية لأقرب مقربي الملكة"، للكاتبة شراباني باسو أصدرتها عام 2010، وهي تحكي عن جوانب خفية من شخصية الملكة فيكتوريا التي حكمت بريطانيا في ذروة عظمتها بين عام 1837 حتى وفاتها في عام 1901، وهي ثاني أطول فترة حكم لملك بريطاني.

الفيلم تقوم فيه بدور الملكة فيكتوريا النجمة البريطانية جودي دينش، بينما يقوم بدور عبدول او عبدالكريم الممثل الهندي الشاب علي فضل والذي يعد من الوجوه الجديدة في هوليوود بمشاركاته القليلة، ويشارك في بطولة الفيلم عدد كبير من النجوم منهم اوليفيا ويليامز وميشيل جامبسون وايدي ايزارد وسيمون كالو، بينما يقوم بإخراجه ستيفن فريرز، وقام بكتابة السيناريو له الكاتب المسرحي لي هول.

وتتطرق الرواية بشكل كبير إلى علاقة الملكة بهذا الرجل الهندي، الذي أرسل لها كهدية لتنشأ بينهما علاقة حاول عدد كبير من أعضاء العائلة المالكة إنهاءها، خاصة وأن هذه العلاقة تطورت بشكل كبير لدرجة أنها طرحت العديد من التساؤلات حول ما اذا كانت علاقة خادم بسيدته؟ أم نائب قوي بالملكة؟ أم حالة حب بين رجل حنون وسيدة فقدت زوجها؟، وهي الاسئلة التي يحاول الفيلم الإجابة عنها ويفسر علاقتها بهذا الشاب المسلم الهندي الذي أرسل من بلاده لخدمتها عندما كانت بريطانيا "الإمبراطورية التي لا يغيب عنها الشمس"، فتحول إلى معلم كان له الفضل في تعريفها بالقرآن بناء على رغبتها.

وتظهر فيكتوريا في عدد من المشاهد وهي تصف نفسها بطريقة كوميدية متحدثة عن حياتها كملكة تبلغ من العمر 81 عاماً، تحكم ما يزيد علي مليار شخص في العالم منذ 6 عقود، ويظهر كل ما حولها مملاً إلى حد النوم على مائدة الطعام، ليظهر لها "عبد الكريم" فيتبدل كل شيء منذ اللحظة الأولى للقائهما، فقد كسر الخادم الغريب أول قاعدة للتعامل مع الملكة، وهي عدم النظر إلى عينيها، لكنه فعل، بل وابتسم، ويتطور الأمور، ونجد أن الملكة وجدت السلوى في روح خادمها غريب الوجه واليد واللسان، فتحول إلى مرافق أثارت علاقته معها تساؤلات مَن حولها في البلاط الملكي، ووصل الأمر حتى تجسس ولدها عليهما.

تصبح العلاقة صداقة تحكي فيها الملكة لعبد الكريم عن حياتها المجهولة للكثيرين، وتلجأ إليه طالبة إجابة لسؤال وجودي عن معنى استمرارها في الحياة، بينما كل من حولها يموتون، فيجيبها بحكمة: "إنه الواجب يا جلالة الملكة.. نحن هنا من أجل هدف عظيم"،منذ تلك اللحظة يتحول المرافق إلى معلم، طلبت منه الملكة بنفسها تدريسها القرآن الكريم ولغة الأردو التي يتحدث بها سكان بلاده (لغة نسبة كبيرة من مسلمي الهند).

لكن الأمر لم يرق لمن حولها، وبلغ الأمر أن اتهموها بالجنون، لتدافع عن نفسها بكل عنفوان قائلة: "إنها خيانة.. قد أكون صاحبة مزاج حاد، جشعة وبدينة وأجلس على هذا العرش دون إرادة مني، لكني بالتأكيد لست مجنونة"،ثم تتوالى الأحداث ليصبح عبدول (كما كانت تسميه) صديقاً للملكة، فلا شيء يمنعه من ذلك بعد أن استقال من منصبه، ومنح الملكة أجمل لحظات السعادة التي لم تشعر بها من قبل، حسب وصفها.

الرواية المأخوذ عنها الفيلم تتطرق بشكل كبير إلى علاقة الملكة على وجه الخصوص، برجل هندي أرسل لها كهدية لتنشأ بينهما علاقة حاول عدد كبير من أعضاء العائلة المالكة تقويضها، والتي أكدت الكاتبة شراباني باسو انها كانت تبحث عن بعض المعلومات لأحد كتبها التي صدرت من قبل، فعلمت أن الملكة فيكتوريا كانت تحب الكاري وكان لديها بعض الخدم الهنود، وفي زيارة لمنزل اوزبورن في جزيرة وايت رأت صوراً لعبد الكريم، كان يبدو كنائب لها أكثر منه خادماً ورأت ألبوم صور اتضح لها من خلاله أنه كان مقرباً جداً من الملكة، فقررت أن تبحث في الأمر.

وكشفت المذكرات التي كتبتها الملكة لمدة 13 عاما بعنوان مذكرات هندوستان بالاضافة الي الأرشيف الملكي، كيف أن الشاب عبد الكريم فكر في الاستقالة من وظيفته بعد وقت قصير من التحاقه بها، لأنه كان يعتقد أنها وظيفة ذات مستوى متدن، ولكن الملكة توسلت إليه كي يبقى قريباً منها.

وكان عبد الكريم شاباً لم يتجاوز الـ24 من عمره عندما حط رحاله في بريطانيا قادما من ولاية «أجرا» فى الهند في مهمة هي خدمة المائدة الملكية في حفل اليوبيل الذهبي للملكة فيكتوريا عام 1887.

وقد جاء عبد الكريم إلى الحفل الملكي الباذخ باعتباره «هدية من الهند إلى الملكة»، بعد أربع سنوات من وفاة حبيب الملكة جون براون.

وخلال أقل من عام نجح الشاب المسلم في ترسيخ أقدامه كواحد من أهم المتنفذين في البلاط الفيكتوري، وأصبح معلم الملكة ومستشارها لشئون الهند.

وكما كان جون براون، أصبح عبدالكريم صاحب نفوذ واسع في حياة الملكة التي استخلصته وجعلته موضع ثقتها وكاتم أسرارها، ونجح عبدالكريم في الخروج من دائرة الخدم إلى دائرة الحاشية المقربة من الملكة، وذلك على خلاف براون.

كما تشير الكاتبة باسو الى أن الخطابات التي كتبتها الملكة فيكتوريا لعبد الكريم خلال السنوات التي عاشها في بريطانيا وحتى وفاتها عام 1901 تؤكد عمق علاقتها معه، حيث كانت تلك الخطابات تحمل توقيعات مثل «أمك المحبة»، «أقرب صديقة لك». ومن المثير أن فيكتوريا كانت توقع بعض خطاباتها لعبدالكريم بقبلات متلاحقة على الورق.

وتشرح الكاتبة أنه عندما مات زوجها الأمير ألبرت، حزنت فيكتوريا عليه بشدة، وقالت إنه كان زوجها وصديقها المقرب وأباها وأمها، ولذلك فمن المرجح أن عبدالكريم كان يقوم بدور مماثل لتلك الأدوار كلها بالنسبة للملكة، وقد بلغ نفوذ عبد الكريم في حياة الملكة فيكتوريا حدا جعلها توصي بمنحه شرف المشاركة ضمن صفوف النبلاء وكبار رجال الدولة في مراسم دفنها في قلعة «وندسور"، وفي نهاية المطاف أصبح عبدالكريم السكرتير الفعلي للملكة فيكتوريا، رغم أن البروتوكولات الملكية تضم منصباً رسمياً لسكرتارية الملكة.

واكدت انها عندما بدأت في البحث، كانت فكرتها عن الملكة فيكتوريا أنها سيدة متجهمة، ترتدي السواد، وتكرر عبارة "هذا غير مسلٍ"، كانت تمثل الإمبراطورية بالنسبة لها، وسحق الثورات، والاستيلاء على الماسة "كوهينور"، لكن مع التقدم في البحث، اكتشفت أنها كانت تقدمية، وكانت تسبق عصرها، فقد تعلمت اللغة الأردية (لغة المسلمين بالهند)، وكانت تكره العنصرية، بل وتصدت لعائلتها ورئيس وزرائها دفاعاً عن عبد الكريم، كما أدركت أيضاً أنها كانت تحب الهند والهنود للغاية، وأنها كانت تتطلع للسفر إلى الهند، لترى تاج محل، لكنها لم تتمكن من ذلك. كانت رومانسية جداً، وهو ما سيظهر في الفيلم حيث سيشاهد الجمهور جانبا مختلفاً من شخصية فيكتوريا.

وحول اختيار الكتاب لتقديمه في السينما قالت باسو " اختيرت القصة مباشرة بعد أن نشرت. كما سمعها لي هول - الكاتب المسرحي والسيناريست -، على راديو BBC 4، وأعجبته القصة، فتبنى الفكرة، هو وزوجته البارونة بيبان كيدرون، وهي المنتجة، وقد تحمست جداً للمشروع. بعد ذلك، انضمت أفلام BBC للمشروع، ثم المخرج ستيفين فريرز، ثم جودي دنيش التي تقوم بدور الملكة".

الفيلم تم تصويره في العديد من الأماكن في المملكة البريطانية منها اسكتلندا ومتحف السكك الحديد البريطاني ولندن وبالاضافة الي التصوير في مدينتى دلهي وأجرا بالهند.