مقبرة الأميرة "شيوه كار" التي حرفها المصريون لتصبح "شويكار، صرح معماري مملوكي، مصممة من أفخم أنواع الرخام الإيطالي؛ بتكلفة اقتربت من 100 ألف جنيه، وقت تصميمها قبل وفاة الأميرة شويكار في فبراير 1947؛ صممها رسام إيطالي على شكل سرير، مغطى بملاءة، وعليه وسادة، وكل ذلك منحوت من الرخام الأبيض الناصع، وعلى جوانبه باقات ورود منحوتة من الرخام، ما يعطيك إحساسًا عند رؤيتها أنه ورد حقيقي، ويعلو هذه التحفة الفنية الرائعة "التاج الملكي".
وفي هذا المكان دفن الملك فاروق الأول، إثر وفاته، قبل أن يتم نقل رفاته في عهد الرئيس الراحل أنور السادات إلى مسجد الرفاعي بميدان القلعة حاليًا.
هذه التحفة الفنية الرائعة، قامت وزارة الأوقاف بتأجيرها لـ"عم صادق محمد محمود" موظف الأوقاف الذي بلغ من الكبر عتيًّا، طبقًا للوثيقة التي حصلت "الهلال اليوم" على نسخة منها، ويعيش هو وأسرته في غرفتين وصالة بمدخل الضريح، مقابل 200 جنيه حق انتفاع، منذ ما يزيد عن خمسة وثلاثين عامًا.
أسرة عم صادق الفقيرة يقع في عهدتها هذا المدفن الملكي بكل ما يحتويه من مبان أثرية برخامها المميز، وأبوابها الخشبية الغاية في الروعة والجمال؛ ما دفعها للذود عن هذا المكان من اللصوص، الذين لا يغمض لهم جفن منذ سنوات طويلة؛ لسرقة الضريح؛ حيث ترك من دون حماية من قبل الدولة.
وتستعين الأسرة المقيمة بالضريح بأربعة كلاب حراسة؛ بعد تعرض المدفن للعديد من السرقات، والسطو المسلح الذي نجت منه الأسرة بأعجوبة على يد أربعة من اللصوص؛ ولم يحرك ذلك ساكنًا من قبل المسئولين لتعيين حراسة على الضريح؛ لحمايته من السرقة، والسطو المتكرر.
وتمارس الأسرة البسيطة داخل هذا الضريح حياتها الطبيعية، وتستغل حديقة الضريح الواسعة في تربية الطيور من البط والأوز يمرح في الحديقة الغناء بأشجارها وورودها، وأيضًا "غية حمام" المعلقة في الحائط الملاصق لغرفتي المعيشة عند مدخل الضريح، ونشر غسيل الأسرة داخل حديقة الضريح؛ ووضع أوانيها وأدواتها المعيشية البسيطة في حديقة الضريح؛ هذا فضلًا عن تدمير السور الخارجي الخلفي للمقبرة؛ حيث توجد ورشة سيارات؛ ما أدى إلى تشويه السور بالزيوت، والشحوم المخلفات، وغيرها.
وزارة الأوقاف لم تكتف فقط بتأجير المدفن الملكي لأسرة عم صادق المتواضعة؛ وإنما سمحت لأناس عاديين لا علاقة لهم بهذا الضريح من قريب أو بعيد؛ فهناك مقبرة تحمل اسم الشيخ "عوض سكر"؛ وطبقًا لأسرة عم صادق يوجد حوالي 50 مدفنًا لأهالي عاديين غير معروفين لا علاقة لهم بالأسرة المالكة.
من جانبه أوضح الدكتور رأفت النبرواي أستاذ الآثار والمسكوكات الإسلامية، عميد كلية الآثار السابق بجامعة القاهرة، طبقًا للقانون كل الآثار الإسلامية من مساجد وأضرحة وخلافه تؤول مليكتها لوزارة الأوقاف، وتتنازل عنها وزارة الأوقاف لوزارة الآثار بعد مرور المدة القانونية التي تبلغ مائة عام، منبهًا أن هناك ازدواجية في ملكية الأماكن الأثرية؛ من مساجد ومنازل وأضرحة، وعندما تتعرض لسرقات تضيع المسئولية بين الوزارتين، واستنكر النبرواي تأجير وزارة الأوقاف لاستراحة المقبرة لأسرة تقيم فيها، وتهدر قيمة الأثر، متهمًا وزارة الأوقاف بالإهمال في التعامل مع الأماكن الأثرية التي ما زالت تابعة لها، منبهًا أنها قامت بتأجير عدد كبير من الأثار الإسلامية؛ منها محلات ومكتبات في المساجد التابعة لولايتها؛ من أجل المال؛ لافتًا إلى أن حصيلة عائد التأجير يعود إلى وزارة الأوقاف؛ ما يعد تفريطًا في تاريخنا، وإهدارًا لحضارتنا وآثارنا؛ فما زالت 80% من الآثار الإسلامية تابعة لوزارة الأوقاف، تتصرف فيها كيفما تشاء.
ونفى الشيخ جابر طايع المتحدث الرسمي لوزارة الأوقاف، علمه بتأجير غرفتين وصالة بمقبرة الأميرة شويكار، لـ"صادق محمد محمود "مقابل 200 جنيه شهريًّا.
يذكر أن الأميرة شويكار ابنة الأمير إبراهيم فهمي باشا، ووالدتها الأميرة نجوان حفيدة أحمد رفعت باشا الابن الأكبر لإبراهيم باشا بن محمد علي باشا، وهي الزوجة الأولى للأمير أحمد فؤاد بن الخديو إسماعيل، أنجبت منه الأمير إسماعيل، الذي توفي قبل أن تبلغ سنه عامًا، وأنجبت منه الأميرة فوقية.