الأربعاء 22 مايو 2024

سمير الفيل: القصة الفائزة قدمت الواقع المأسوي في قالب ساخر (حوار)

19-6-2017 | 23:00

أكد الكاتب والقاص سمير الفيل أن حصوله على جائزة الدولة التشجيعية لعام 2016 يمثل مسئولية كبيرة لاختيارات دقيقة لأعماله القادمة، وعبّر "الفيل" عن سعادته البالغة لحصول مجموعته القصصية "جبل النرجس" على الجائزة، وقال في حوار لـ"الهلال اليوم" عقب حصوله على الجائزة أن الرواية عبّرت عن شجون جيل بأكمله، مشيرًا إلى أن انحيازه لنجيب محفوظ ويوسف إدريس شكّل تجربته الإبداعية منذ البدايات، ونصح جيل الكتاب من الشباب بالاستفادة  من التاريخ دون أن الوقوع في حبائله.. وإلى نص الحوار:

في البداية.. كيف وصلك خبر الحصول على الجائزة؟
لم أكن في القاهرة، حيث أقيم في مدينة دمياط واتصل بي بعض الأصدقاء من الكتاب، مهنئين بحصولي على جائزة الدولة التشجيعية في مجال المجموعة القصصية، وسعدت جدًا بالخبر، وأفكر في تقديم عمل جديد على مستوى المجموعة الفائزة لكن بموضوع جديد.

ألا تُعرفنا على تجربتك الإبداعية؟
بدأت الكتابة منذ عام 1969 أيام حرب الاستنزاف، وكان ذلك من خلال قصيدة بعنوان "واحد من الناس"، وقدمني وقتها الشاعر الكبير الراحل عبد الرحمن الأبنودي في ندوة ثقافية في "كفر البطيخ"، وفي حرب أكتوبر أصدرت رواية بعنوان "رجال وشظايا"، وفازت بالجائزة الثانية على مستوى الجمهورية، ونشر لي وقتها الدكتور عبد القادر القط وكان رئيس تحرير مجلة "إبداع" أول قصة قصيرة، وأدين له بالفضل.

لم أكتب بعدها حتى عام 2001 أصدرت مجموعة قصصية من 14 قصة قصيرة من بينها "جبل النرجس، الأستاذ مراد، اللمسات، حمام طير، وصندل أحمر". وتوالت المجموعات القصصية وقدمت للترشح للجائزة عام 2001 لكنها لم تفز لأنه سبق أن فازت في نفس العام في مسابقة بالمجلس الأعلى للثقافة حتى العام الفائت تقدمت بـ"جبل النرجس" وفازت بالجائزة . وحاليا أنا على المعاش وكنت مدرسا للتاريخ.

في رأيك ما الحيثيات التي أهلت قصة "جبل النرجس" للفوز بالجائزة؟
هي تجربة حية في الكتابة تعالج شخصيات من واقع مدينة دمياط تتعرض لتحولات اجتماعية عبرت من خلالها عن أبناء جيلي فأنا مواليد 1951 وعشت الحرب والهزيمة، تلك الشخصيات تعرضت لمهانة النكسة فأرادت الانفلات من الواقع المشحون بالهزائم وحين جاء نصر أكتوبر لم يجن هذا الجيل ثمرة الانتصار، بسبب استيلاء رجال الأعمال على المشهد.

أشار بعض النقاد بتفرد اللغة وجماليات القصة الفائزة بالجائزة.. كيف جاء ذلك؟
في أعمالي بوجه عام أحرص على أن تكون الكتابة ذات أفق جمالي خاص وهو ما تحقق في "جبل النرجس" حيث حرصت على أن تكون اللغة غير ممعنة في الحساسية أو الرهافة بل جاءت اللغة متقشفة نوعا ما لتقترب من واقع الأحداث، وكذا كمحاولة لرؤية العالم من زاوية غير مألوفة.

تتسم كتاباتك بقدر من السخرية رغم جدية الموضوعات التي تطرحها.. لماذا؟
أرى أن العالم ملئ بالعنف ومشاهد القتل، ولكي يعلو الكاتب على ذلك الواقع عليه أن يفرد مساحة في كتابته للسخرية منه وتقديمه من خلال لغة بديلة، و"جبل النرجس" حققت بنسبة كبيرة هذا المفهوم؛ فالإنسان المصري في المجمل يحمل محنة القهر والفقر ويختبئ في ذاته أو ينقل هذا في قالب ساخر ليتحمل واقعه.

ما تأثير البيئة في حياة المبدع.. وهل لانتصار كتاباتك لقيمة العمل علاقة بمدينتك دمياط؟
قال الشاعر الكبير حسن فتح الباب رحمه الله ذات مرة في اتحاد الكتاب وكان يناقش مجموعتي "انتصاف للمدنية"، إن سمير الفيل يحذو حذو تشيكوف لأنه يحمل روح المدنية الحرفية، حيث الاقتصاد وعجلة الإنتاج، وقالت شهلا عجلان في دراسة عن "صندل أحمر"، إن الكاتب سمير الفيل يعبر عن ابن المدنية الحرفية، وقد تأثرت بالفعل بنشأتي حيث المدينة الساهرة من أجل الإنتاج والعمل وظهر ذلك في ثنايا عدد من أعمالي.

لماذا صنفك البعض بالسائر على حذو نجيب محفوظ وليس يوسف إدريس رائد القصة القصيرة؟
أنا مفتون بنجيب محفوظ إلى حد أنني حين أكف عن الكتابة أتفرغ لقراءة أعماله لخلق حالة من الانتعاش، وهو بالفعل يحقق متعة، وقادر على التعامل مع شخوصه بشكل رائع وحرفي للغاية دون الولوج في غموض أو تورية. أما يوسف إدريس فلم يفلت كاتب من الكتاب الجدد ومن لحقوه من أسر التأثر به خاصة "أرخص الليالي" و"آي آي"، لأنه ببساطة انحاز للبسطاء والمهمشين وكتب عن ملح الأرض وانحيازي له تلقائي وليس اختياري.

كيف أفلت من فخ ابتعاد كتاب الأقاليم عن القاهرة مسرح الأحداث والمشهد الثقافي الجاذب؟
لا آتي إلى القاهرة سوي مرات قليلة على فترات متباعدة لحضور فعاليات معينة، فقد أدركت منذ البداية أنه على الكاتب أن يكون نفسه أولا لكي ينجح ويصبح داخل المشهد الثقافي، وإن بعُد مكانيا عن مصدر الشهرة، أيضا على الكاتب أن يحافظ على إيقاعه السردي، وحرصت دوما أن أقرا لكتاب مهمين لإثراء تجربتي أمثال، عبد الحكيم قاسم، وبهاء طاهر، والمخزنجي، وإبراهيم عبد المجيد، وغيرهم دون أن انتقل للقاهرة، وتواصلت مع النصوص، وهو وسيلة مضمونة للتواجد داخل المشهد الثقافي.

ما مشروعاتك الإبداعية ما بعد الجائزة.. وما نصيحتك لشباب الكتاب؟
على الكتاب أن يستفيدوا من التاريخ والاطلاع عليه، لإثراء أعمالهم برؤية عميقة، لكن دون الوقوع في حبائله لتتحقق الموضوعية. أما عن الجائزة  فهي مسئولية لتقديم ما هو في نفس المستوى أو أفضل. وانتوي الوقوف الفترة المقبلة لأطور وأدقق أدواتي، وأقارن ما قدمته وما هو آت، وأهدي الجائزة لكتاب دمياط الراحلين  يوسف القط ومصطفي الأسمر وحسين البلتاجي.