الخميس 27 يونيو 2024

أفراح بطعم الدم !

19-6-2017 | 23:08

بقلم : نبيلة حافظ

مات يوسف ضحية الرصاصة الطائشة بحفل خطوبة مدينة 6 أكتوبر، مات يوسف ولم يكمل عامه الرابع عشر دون ذنب أو جريرة له بالحياة، مات يوسف وهو لم يغادر بعد مرحلة الطفولة وكان بداخله أحلام كبيرة في مستقبل مشرق رسمه بريشته مع أسرته وبين أصدقائه، لم يكن يدري الطفل البريء أن رصاصة طائشة سوف تأتيه على غفلة لتنقله من ضيق الحياة إلى عالم آخر أكثر رحابة واتساعا، عالم كله أمان وطمأنينة بعيدا عن غدر وظلم البشر.

نعم ظلم ما بعده ظلم أن يجور البعض على حقوق الآخرين، فمن قال إن الإنسان لكي يفرح ويعلن عن سعادته يعرض حياة الآمنين للخطر؟ وأي فرحة هذه التي ترتبط بعادة سيئة ومشينة ومميتة، عادة إطلاق النار في المناسبات السعيدة؟ فما هو وجه الارتباط بين هذا وذاك، أليس لدى البشر الذين يمارسون هذه العادات السيئة عقول تجعلهم يفكرون طويلا قبل الإتيان بهذه الأفعال التي تخلف وراءها ضحايا ومآسي كثيرة، فكم من أفراح انقلبت إلى مآتم بسبب إطلاق النار، وكم من أبرياء دفعوا حياتهم ثمنا لطيش وتهور البعض ممن يسعدون ويتباهون بقدرتهم على إطلاق النار بتلك المناسبات.

حادثة يوسف ليست الأولى ولا الأخيرة، ولكن ربما كانت الأشهر بيننا والأكثر تعاطفا معها لما تحمله من جوانب إنسانية ومشاعر رقيقة من جانب أسرته وخاصة والدته، التي خصها الله عز وجل بمصاب جلل وامتحنها في أعز ما تملك بفقدانها ابنها الوحيد الذي كان يكبر أمام عينيها وترسم معه صورة المستقبل الذي يحلم به وينتظره في القادم من الأيام، وفجأة وبلا أية مقدمات تفقده وتستودعه الخالق عز وجل بقلب مفعم بالإيمان وبرضاء كبير بقضاء الله وقدره، وفي هدوء وسكينة وبابتسامة حزينة استسلمت للقدر دون بكاء أو نحيب أو بلطم الخدود أو حتى بارتداء الملابس السوداء، بل ارتدت الأبيض وطلبت من المعزيين لها بارتداء الأبيض أيضا يوم العزاء، جلد وصبر هما نعمة من الله لها في هذا الابتلاء.

ولكن كل هذا لن يجعلها تفرط في حق فقيدها أو يدفعها للتسليم بالأمر الواقع دون القصص ممن ارتكبوا هذه الجريمة، فسكينة أم يوسف لن تجعلها تتهاون في المطالبة بمحاكمة عاجلة وناجزة لمن تسببوا في موته، وهدوئها وتسليمها لقضاء الله وقدره ليس معناه أن تكف عن المطالبة بسن تشريعات جديدة تحد من هذه العادة السيئة التي تحصد أرواح الأبرياء.

ويبقى السؤال والذي يبحث عن إجابة.. متى يتحرك مجلس النواب لوضع تشريعات جديدة تحد من تلك العادة والظاهرة المميتة ظاهرة إطلاق النار في الأفراح؟ ألم يحن الوقت بعد لكي يتحرك السادة النواب ويرحمونا من الأفراح التي بطعم الدم!