الأحد 2 يونيو 2024

أتقاسم مع الطيور نصيبها من الرفيف

20-6-2017 | 17:07

عبير سليمان  - شاعرة سورية

 (1)

يدُكَ البيضاء تحبسُ شَعري الأسود،

هل فهمتَ الآن كيف استطاع القمرُ تخديرَ الليل؟

(2)

ومثل قاتل محترفٍ

يواصلُ قميصك الكحلي

اغتيالَ الألوان التي

تمر بقربه!

(3)

لماذا تركت صنابير الحنين إليكَ مفتوحةً؟

انظر إليه كيف يفور ويدفق

من فناجين قلبي ...

(4)

صوتُك نهرُ النيل ،

وقلبي

مَركبٌ تائهٌ بين الضفاف.

(5)

أتقاسم مع الطيور نصيبها من الرفيف:

لها السماء ولي جناحان من سديم.

(6)

حين نمتْ غاباتُ الأبنوس

بنوا بيوتا من خشب

حين نمتْ أحلامهم

بنوا بروجا من إسمنت.

حين نمتْ أعدادهم

بنوا مقبرة جماعية

(7)

أتعلق بثوب الشعر وهو يهوي

كجثة ثقيلة إلى قاع الندم..

(8)

غرابان على غصن الشمس،

نقر الأولُ عينها اليمنى

نقر الثاني عينها اليسرى،

" يا لكِ من كبكوبة عمياء "

قالاها بينما كانا

 يسرقان الضوء!

(9)

أمام مبنى الهجرة والجوازات

شجرةُ غاردينيا

أزهارها حالتْ بيني وبين

جواز السفر.

(10)

تكلّمْ عن النصف الممتلئ للكأس

أمام الناجي الوحيد من فيضان البحر،

الناجي الذي رأى أهله ورفاقه يغرقون

ولم تكن لديه ذراعان لينقذ أحدا،

لم يكن لديه صوتٌ لكي يطلب النجدة،

كان يملك عينين فقط.

عينان حدّقتا بالكأس الفارغ للمعنى،

قبل أن يمتلئ عن آخره

بدموعهما

(11)

كان حُزنها الصاعد

يرتطمُ بدمها النازل

على الأدراج الكثيفة الملتفّة

لا القمة بدت لها وشيكة

ولا القاع

ترقّقت عظامها

ولم تصل:

البلاد التي

هَرمتْ فتية..

(12)

لا بأس بالبرد،

ستلبس أضلاعنا زمهريرها لبعض الوقت،

ويجمد الأسى في عروقنا؛

كالثلج سنكسو سنام الجبل،

لنجري نهرا في آذار..

لا بأس بالغبار،

نتركه إرثا لأحفادنا،

نكتب عليه وصية أخيرة:

"لا تحرثوه

لا تدعوه يحرسكم"

لا بأس بالبكاء،

لن يقصم الدمع ظهر البلاد،

لن يغص البحر بملحنا،

لن تختنق السماء بشهقاتنا،

لدينا ما يكفي من مناديل،

بقي

أن نعثر على عيوننا.