الأربعاء 26 يونيو 2024

فرص وتحديات الاستثمار الصيني في أفغانستان

مقالات20-12-2021 | 17:29

تعتبر الصين أن أفغانستان مركز تجاري ذو موقع استراتيجي يربط بين الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأوروبا.

 وفى ضوء ذلك عززت الصين، التي تشترك في حدود صغيرة مع أفغانستان، مكانتها بالفعل من خلال الاستثمارات الضخمة في البلدان المجاورة مثل باكستان وإيران.

تمتلك أفغانستان تريليونات الدولارات من الموارد المعدنية غير المستغلة، وهي في حاجة ماسة إلى الاستثمار في البنية التحتية، مما يجعلها من الناحية النظرية أرضية رئيسية لمبادرة الحزام والطريق الصينية التوسعية، علاوة على ذلك، تعد الصين واحدة من الدول القليلة والقوة الاقتصادية العظمى الوحيدة التي أقامت حتى الآن علاقات ودية مع طالبان، التي صدمت العالم في أوائل أغسطس بسيطرتها على أفغانستان في غضون أيام.

 لدى الصين خطة رئيسية بمليارات الدولارات لأفغانستان من خلال توسيع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان - المشروع الرئيسي لمبادرة الحزام والطريق. ولطالما كان لدى الصين طموحات لتوسيع مبادرة الحزام والطريق إلى أفغانستان.

وعلى ذلك تستثمر الصين بكثافة في مشاريع البنية التحتية في الجوار الأوسع لأفغانستان، على أمل تهيئة الأرضية لتوسيع مبادرة الحزام والطريق في نهاية المطاف في أفغانستان.. ولكن بغض النظر عما تفعله خارج أفغانستان، فإن جلب استثماراتها إلى البلاد سيكون أكثر صعوبة، بالنظر إلى واقع بيئة الاستثمار غير الآمنة بشكل كبير.. وهذا هو السبب في أن الصين، مثل البلدان الأخرى في المنطقة، ستستفيد بشكل كبير من اتفاقية السلام في أفغانستان - وهي اتفاقية كانت وستظل بعيدة المنال إلى حد كبير.

وتعتزم الصين على إقامة موطئ قدم جيوستراتيجي في أفغانستان الجديدة بقيادة طالبان، حيث دخلت الصين في الفضاء الاستراتيجي لأفغانستان من خلال إبرام صفقات مع الحكومة الأفغانية في قطاعات التعدين والطاقة وحقول النفط - على الرغم من أن البيئة السياسية الفوضوية في أفغانستان حالت دون أي تقدم حقيقي.

 وقد وصف نظام طالبان الجديد الصين بأنها "الشريك الأكثر أهمية" و"الصديق الذي يمكن الاعتماد عليه" في المساعدات والاستثمارات ومشاريع البنية التحتية، هذه التصورات مهمة لأن طالبان لا تتوقع تلقي مساعدات أجنبية من مصادر أخرى، مثل البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي، لدرء الكارثة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، لذلك كان النمو الاقتصادي في أفغانستان بطيئًا حتى أغسطس 2021، مما يعكس ضعف الثقة وسط تدهور سريع للوضع الأمني.

وبالرغم من الادعاءات بأن الاقتصاد الأفغاني يحقق معدلات نمو، إلا أنه تم تدميره بالكامل بعد أربعة عقود من الحرب، فوفقًا للبنك الدولي، بلغت قيمة إجمالي الاقتصاد الأفغاني 19.8 مليار دولار فقط في عام 2020، بالنسبة لبلد يبلغ عدد سكانه 39.9 مليون نسمة، فإن ذلك يُترجم إلى دخل ضئيل للفرد يبلغ 509 دولارات فقط - أو أعلى بقليل.

وإن كانت الصين حريصة على توسيع برنامج مبادرة الحزام والطريق ليشمل أفغانستان، لا سيما بالنظر إلى الأهمية الجيوسياسية لموقعها الاستراتيجي، فإن التحديات الأمنية في أفغانستان قد تمنع الصين من تنفيذ خططها الشاملة. كما أن الفرص الاقتصادية المتاحة في الصين هزيلة للغاية، حيث بلغ إجمالي التجارة الخارجية لأفغانستان 7.83 مليار دولار، وعليه أصبح شبه مؤكدًا صعوبة أن تجدى الصين نفعًا اقتصاديًا من أفغانستان في المستقبل القريب ريثما تحقيق الاستقرار الكامل على الأراضي الأفغانية والذي سيتوقف على سلوك نظام طالبان ليس مع الشعب الأفغاني فحسب بل مع الصين أيضًا.

  في الوقت نفسه، من غير المرجح أن تسعى الولايات المتحدة لتحقيق مصالح تجارية هناك - وبالتالي، فإن الولايات المتحدة ستكون غائبة بشكل أساسي عن مستقبل أفغانستان، مما يسمح لدول مثل الصين وباكستان بمتابعة مصالحها بشكل أكثر عمقًا من قبل، لذلك فمن الأفضل للاتحاد الأوروبي أن يوظف قنواته الدبلوماسية الحالية مع صانعي السياسة الصينيين للدعوة إلى سياسة مستدامة ونهج للتنمية الشاملة وتحقيق الاستقرار في أفغانستان بما يتجاوز مكافحة الإرهاب والأهداف الاقتصادية المحدودة.

د. أحمد جمعة عبد الغني حسن.. أستاذ الاقتصاد بجامعة الزقازيق