أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، أن الإيمان من أعظم نعم الله (عز وجل) على خلقه حيث يقول سبحانه : "يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"، وبالإيمان يتحقق الأمن، حيث يقول الحق سبحانه: "الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ"، وتتحقق الطمأنينة، حيث يقول سبحانه : "الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ".
وأضاف وزير الأوقاف ـ في خطبة وصلاة الجمعة التي أدها اليوم بمسجد "أم القرى" بمحافظة بورسعيد بعنوان : "صفات المؤمنين في القرآن الكريم" ، بحضور عادل الغضبان محافظ بورسعيد ، ويوسف الشاهد سكرتير عام محافظة بورسعيد، والشيخ جمال عواد وكيل وزارة الأوقاف ببورسعيد ، وذلك مشاركة لأبناء بورسعيد العيد القومي للمحافظة الباسلة ـ أن الإيمان له ضوابطه، وليس كلامًا، بل كما قال أهل العلم ؛ الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل ، وعرف بعضهم الإيمان بالصدق، فقال: الإيمان الحقيقي أن تقول الصدق مع ظنك أن الصدق قد يضرك، وأن لا تقول الكذب مع ظنك أن الكذب قد ينفعك ، وهذا بإيمانك "أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ"، وكما علمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "اطْلُبوا الحَوائِجَ بعِزَّةِ الأَنْفُسِ؛ فإنَّ الأُمورَ تَجري بالمَقاديرِ"، لافتا إلى الإيمان سلوك ، حيث يقول سبحانه : "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا" ، إذن الإيمان ليس بالكلام بل بالسلوك والأفعال ، حيث يقول سبحانه : "قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ" ، ففرق بين الإيمان والإسلام ، فالإيمان هو اليقين بالله ، والمؤمن لا يمكن أن يكون كذَّابًا ، ولا غشَّاشًا ولا مخادعًا ، فالإيمان هو الصدق ، لذا قال (صلى الله عليه وسلم) : "لا إيمانَ لمن لا أمانةَ له ، ولا دينَ لمن لا عهدَ له" ، وليس المؤمن بالغشاش ، يقول (صلى الله عليه وسلم) : "من غشنا فليس منا" ، وقد سمى الله سورة في القرآن باسم المؤمنين يقول فيها سبحانه : " قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ " ، ومن يتمسك بهذه الأخلاق والسلوكيات فجزاؤه قوله تعالى: "أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ".
وأكد وزير الأوقاف أن الإيمان عقيدة وسلوك وعمل ، وما لم يتحول الإيمان القلبي إلى معاملة جيدة مع الخلق فلا ثمرة له، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "المُؤمِنُ مَن أمِنَه الناسُ على أمْوالِهِم وأنْفُسِهم"، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : "مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ"، وفي الحديث قال رجلٌ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن كَثرةِ صَلاتِها وصَدقَتِها وصيامِها، غيرَ أنَّها تُؤذي جيرانَها بِلِسانِها؟ قال: هيَ في النَّارِ، قال: يا رَسولَ اللهِ، فإنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن قِلَّةِ صيامِها وصَدقَتِها وصَلاتِها، وإنَّها تَتَصدَّقُ بالأَثوارِ مِن الأَقِطِ، وَلا تُؤذي جيرانَها بِلسانِها؟ قال: هيَ في الجنَّةِ"، فالمؤمن لا يمكن أن يكون مؤذيًا، ولا كذابًا، ولا مفسدًا ، ولا غشاشًا.
وأوضح وزير الأوقاف أن الذين ينشرون الشائعات ويفترون على خلق الله ، يقول فيهم الحق سبحانه : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" ، فسماهم الله فاسقين ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : "كفى بالمرء كذبًا أن يحدّث بكل ما سَمِع" دون أن يتحقق أو أن يتثبت ، يقول سبحانه : "وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ" ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : "وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ" ، وفي الحديث الشريف سأل معاذ النبي (صلى الله عليه وسلم) : "يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْك أُمُّك وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟"، مشددا على ضرورة أن يحرص كل إنسان على الحفاظ على اللسان ، وعلى الكلمة ، وعدم الخوض في أعراض الناس ، أو الكلام في ما لا علم لك به ، ولا تكتب شيئًا على صفحتك ولا تشارك خبرًا دون أن تستوثق منه ، هذا ديننا وهذا إيماننا وهذا سلوكنا ، فالأديان جاءت لإصلاح البلاد والعباد ، فكل ما يدلك إلى الاستقامة هو من صميم مقاصد الأديان ، وكل ما يدلك إلى الفساد أو الإفساد أو الكذب أو الغش أو التلفيق أو الانحراف عن جادة السلوك فلا علاقة للأديان به.