الإثنين 25 نوفمبر 2024

مقالات

حكومة وطنية لعراق موحد

  • 30-12-2021 | 15:08
طباعة

"حكومة وطنية"، شعار رفعه السيد مقتدى الصدر رئيس التيار الصدري وصاحب أكثر مقاعد البرلمان العراقي، حيث فازت كتلته بـ 73 مقعدا لتكون أكبر الكتل النيابية، ورغم ذلك لا يستطيع تشكيل الحكومة بمفرده لعدم حصوله على أكثرية المقاعد، وكذلك الواقع العراقي المكون من قوميات مختلفة يتحتم معها تشكيل حكومة ائتلافية بين هذه المكونات.

فهذه الأعراق التي شكلت منهم الدولة العراقية في العشرينيات من القرن الماضي، تجعلنا نرى الوضع العراقي يختلف عن أوضاع الدول الأخرى، فالشراكة الحقيقية وعدم تهميش مكون دون الآخر وبناء الدولة الجديدة، أسس تشكيل لحكومة "وطنية".

عراق ملك للجميع، لا فضل فيه لمكون على الآخر، تبتعد به عن أسباب الفرقة التي أوجدتها الدول الكبرى متى فكرت في المصالح العليا لها عند رسم الحدود السياسية للعراق. أو هى بالأصح حكومة تدرك كوارث الماضي القريب وأخطرها الصراع على المناصب والامتيازات وجعل الشعب يفكر بمعزل عن الساسة في السراء والضراء.

العرب أكثرية في وسط وجنوب العراق، و الكرد أكثرية في كردستان و تعش، لكن ضمن هذه وتلك شعوب أخرى لها نفس الواجبات والحقوق كالشعب السرياني و الكلدان و التركمان، فلا يجوز لمكون فرض هويته على العراق، والأصح أن يجتمع هؤلاء وأولئك على هوية عراقية وطنية موحدة، لا شرقية فيها ولا غربية، لا طائفية ولا مذهبية.

هنا، عند الاختيار يبحث المكلفون باختيار حكومة، عن شخصيات تحدث الفارق ولا توقع الفرقة، فلا تخلط الدين بالسياسة فيفسد الواقع ويغيب الدستور، ولا تربط المصالح الشعبية بالولاء السياسي فتضيع حقوق الناس وتتدهور أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية أكثر مما هي عليه من سوء، حكومة تعي أساس الانتماء الوطني وتعززه بعيدا عن النعرات وخاصة الشراكة بين الشعب العربي والشعب الكردي لان ما يربط العربي والكردي في العراق هو الشراكة الحقيقة وإذا فقدت الشراكة الحقيقية لم يبق العراق موطنا للجميع، فلابد قراءة التاريخ لكي نتطلع الى كيفية تم تأسيس العراق في أوائل عام 1921.

ومنذ التاريخ والشعب يحلم بحكومة لا شرقية ولا غربية، هي بالفعل حلم كل إنسان لبناء بلده وكيانه مستقلا عن أجندات خارجية أو تدخلات من هنا وهناك، لكن الفرق كبير جدا بين رفع الشعارات وتطبيقات الواقع.

الشعارات تقودها النوايا الطيبة، والواقع يصنعه أصحاب الرؤى والإرادة، متجاوزين الصعاب ومتخطين الأزمات، معترفين بالآخر بغض النظر عن وزنه وعدده، يكفي اعترافهم به كعراقي، حتى يعرف الجميع أن قوة الوطن في الاعتراف بحقوق كافة أبنائه.

أسابيع وشهور، نرجو ألا تطول، لنكون أمام حكومة جديدة للعراق، نتمناها مدركة لمخاطر تحيق بالبلد وأزمات يعانيها الشعب، كما نتمنى أن تزول أزمة الثقة بين أبناء الوطن الواحد، وهي بوجهة نظري أخطر من وباء الكورونا والخطر الداعشي.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة