الخميس 9 مايو 2024

حفلات غنائية وتبرعات سخية.. كواليس أول رحلات قطار الرحمة لنجوم الفن (صور نادرة)

نجوم الفن في قطار الرحمة

فن30-12-2021 | 19:26

خليل زيدان

احتار العديد من المؤرخين والصحفيين في تحديد أول رحلة لمشروع قطار الرحمة الذي تولاه نجوم الفن وهجروا أعمالهم وأسرهم من أجل الإنسانية، فمن خلاله جمع نجوم الفن التبرعات المالية والعينية من أبناء مصر، تحت إشراف اللواء محمد نجيب لتوزيعها على الفقراء والمنكوبين وذوي الحاجة من الطلبة والمهاجرين.

ورصدت مجلة الكواكب الصادرة في مثل هذا اليوم في 30 ديسمبر 1952، أي منذ 69 عاما بالتمام والكمال، تفاصيل أول رحلة للفنانين في قطار الرحمة.

في يوم الأربعاء 24 ديسمبر 1952، كانت الرحلة الأولى لقطار الرحمة، فقبل أن يتحرك القطار ليبدأ هذا المشروع النبيل، حضر اللواء الرئيس محمد نجيب ونفر من قادة الجيش إلى محطة مصر ليشاهد القطار الأول وهو يتحرك إلى أسوان ويقل جماعة من الفنانين في رحلة الخير والإنسانية، كانوا قد تركوا مسارحهم واستوديوهاتهم وعطلوا أعمالهم ليساهموا في إيجاد الدفء والمسكن للمشردين المساكين الذين جنت عليهم قسوة الأيام .

 

ألقى الرئيس نجيب كلمة أمام الجمع الغفير بمحطة مصر، قال فيها أتمنى النجاح لهذا المشروع النبيل، وأنه واثق من أن جميع المواطنين سيساهمون بقدر مافي وسعهم لإسعاف إخوانهم في الإنسانية وأشقائهم في العروبة .. أما محطة مصر فقد فقد زخرت من اليوم السابق بحشود هائلة من جمهور المودعين .. واصطفت قوة عسكرية رمزية من مختلف أسلحة الجيش في الساحة الخارجية للمحطة لتعزف موسيقاها وينشد أفرادها النشيد الوطني الذي ردده الجمهور معهم ، وكانت شبه مظاهرة حماسية تهتف للإنسانية وتنادي بأن يمد الإنسان يد العون لأخيه الإنسان.

 

تحرك القطار بنجوم الفن بعد دعم وكلمة نجيب وهتاف الجماهير، وقد كتب على جانبيه "اذكروا إخوانكم اللاجئين" وعلقت لوحات رمزية للإتحاد والتضامن كتب عليها بيت من الشعر الخالد لأمير الشعراء أحمد شوقي : الدين للديان جل جلاله ... لو شاء ربك وحد الأقواما .. وفي ظهر اليوم التالي الخميس وصل القطار إلى أسوان يقل من الفنانين محمد فوزي ومديحة يسري وماجدة وأحلام وثريا حلمي وزينب صدقي ومريم فخر الدين ومحمود ذوالفقار، حيث استقبلوا استقبالا حافلا ونزلوا في فندق "كتراكت" وأقيمت هناك حفلات سمر جمعت فيها تبرعات سخية، ثم غادر القطار أسوان صباح يوم السبت 27 ديسمبر 1952، وتقرر أن يصل إلى القاهرة يوم 4 يناير 1953.

 

أكد تقرير الكواكب بأن ذلك الفوج من الفنانين الذين ذهبوا بقطار الرحمة إلى أسوان كان الفوج الأول، وكان هناك فوج آخر من نجوم الفن في نفس يوم الخميس 24 ديسمبر 1952، يستقلون قطارا آخر للرحمة من الأسكندرية ليؤدي نفس الرسالة في وجه بحري، وقد أناب الرئيس نجيب القائمقام محمد فراج قائد المنطقة الشمالية ليقوم بتوديع الفوج الثاني والذي يتكون من الفنانين يوسف وهبي ومحمد عبد المطلب وفرقته وأنور وجدي وفريد شوقي وحسين فوزي وإسماعيل يس ومحسن سرحان وسراج منير ومحمد الديب وميمي وزوزو شكيب ونعيمة عاكف وهدى سلطان والمطربة ملك.

 

من الواضح بعد ذلك الرصد وسرد التفاصيل أن هناك رحلات أخرى عديدة لقطار الرحمة قام بها فرق أخرى من نجوم الفن بالإضافة إلى نفس نجوم أول رحلتين، فمن خلال ما لدينا من صور نرى انضمام فاتن حمامة وعز الدين ذو الفقار وشكري سرحان وشادية وليلى مراد وأمينة رزق .

 

بقي أن نستفسر عن معدن هؤلاء النجوم الذين هجروا أعمالهم وأسرهم من أجل عمل الخير للمساكين والمنكوبين من أبناء مصر وأيضا للاجئين من أبناء الوطن العربي، لم يفكر أي منهم في أن ذلك الوقت هو وقت الإحتفاء برأس السنة الجديدة وهو وقت السعادة والمرح والنشوة، بل فكروا في المساكين الذين لا يجدون مأوى والفقراء الذين ترتعد أجسادهم من برد الشتاء، فجدوا في نجدة الناس متعة ونشوة تعلو نشوة السهر والمرح في ليلة رأس السنة.

Dr.Radwa
Egypt Air