كشفت وثائق سرية من الأرشيف الأيرلندي، أُفرج عنها لأول مرة، تفاصيل خطيرة عن الدعم الذي تلقاه الجيش الجمهوري الأيرلندي من ليبيا خلال نظام العقيد معمر القذافي؛ إذ أرسل الأخير 6 شحنات أسلحة ومساعدات مالية تبلغ قيمتها حوالي 12 مليون دولار (أي حوالي 40 مليون يورو، بأسعار هذه الأيام).
ونشرت وسائل إعلام أيرلندية من بينها (ايريش سونترال) و (آر تي أو)، اليوم السبت، تفاصيل عن ضلوع ليبيا خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي في تزويد الجيش الأيرلندي بشحنات أسلحة تقدر بأكثر من 1.5 مليون طلقة من عدة أنواع من الذخيرة، و560 بندقية هجومية من طراز كلاشينكوف، ومدافع رشاشة ثقيلة، وصواريخ (سام -7)، وقاذفات صواريخ (آر بي جي)، وأكثر من 100 لغم مضاد للدبابات، ومتفجرات "سيمتكس" القاتلة التشيكية الصنع.
وحسب الوثائق، فقد صُدمت المخابرات البريطانية عندما اكتشفت مقدار الأموال في سياق قرار ليبيا وقتها الكشف عن مدى دعمها للجيش الجمهوري الأيرلندي الموقت في صيف العام 1992.
وصدرت هذه الوثائق السرية عن الأرشيف الوطني البريطاني قبل أيام، فيما توافقت الاعترافات بشحنات الأسلحة مع توقعات السلطات البريطانية التي شعرت بالقلق بعدما اكتشفت أن «ليبيا منحت الجيش الأيرلندي أموالًا أكثر بكثير مما كنا نعتقد.
وبينت الوثائق أنه جرى إغلاق خط ضخ الأسلحة الليبية عندما اعترضت السلطات الفرنسية الشحنة السادسة، على متن سفينة شحن في أكتوبر 1987، مشيرة إلى أن القذافي كان يائسًا لإصلاح العلاقات مع بريطانيا والغرب في صيف العام 1992 عقب عقوبات ضد ليبيا بعد تفجير طائرة ركاب فوق بلدة لوكربي.
ولذلك تم الكشف عن تفاصيل دعمه للجيش الجمهوري الأيرلندي وقتها، وهي التفاصيل التي شاركها البريطانيون على الفور مع الحكومة الأيرلندية، كما تستعرض الوثائق المفرج عنها تفاصيل اجتماعين سريين، أحدهما في جنيف في يونيو 1992.
واعترفت الحكومة الليبية بأن الاتصال مع الجيش الجمهوري الأيرلندي جرى ترتيبه عبر الاتحاد السوفيتي، وبدأ في العام 1973. وأدى ذلك إلى إرسال شحنة أسلحة واحدة على متن السفينة «إم في كلوديا» في مارس 1973 ومدفوعات نقدية كبيرة، لينقطع الاتصال في العام 1976.
ولكن عندما توترت العلاقات مع لندن، وبعد أن قصفت الطائرات الأمريكية المتمركزة في بريطانيا طرابلس في العام 1986، سعى القذافي إلى الانتقام من خلال تزويد الجيش الجمهوري الأيرلندي بالسلاح والأموال، وذلك بين أعوام 1985 ويناير 1990، وفق الوثائق.
وتعود الوثائق إلى تفاصيل ما دار من نقاشات عالية المستوى حول كيفية الرد على تفجير طائرة تابعة لشركة "بان أمريكان" فوق قرية لوكربي الإسكتلندية عبر المحيط الأطلسي في 21 ديسمبر 1988، وأسفر الحادث عن مقتل جميع ركابها وطاقمها البالغ عددهم 259 شخصا.
ويجري الكشف عن الوثائق الحكومية الأيرلندية السرية سنويًا بعد مرور 30 عاما على سريتها، ثم ترسل إلى الأرشيف الوطني، الأمر الذي يتيح للصحفيين والمؤرخين والباحثين الاطلاع على لمحة عن الأحداث التاريخية.