الأربعاء 26 يونيو 2024

إبراهيم حجازي.. رحيل صحفي كان إنسانا بجد!

مقالات5-1-2022 | 12:43

مع السلامة يا أستاذي وصديقي وأخي الكبير.. مش عارف منين ابتدي المقال.. محتار والله.. مش لاقي ملكة للمقال.. ذكرياتي معك طول السنين اللي فاتت عمالة ترشق في كل كلمة أكتبها أو أفكر فيها.. آه.. آه يا وجعي في رحيلك المؤلم.. كورونا ثم شفاء وكتابة مقالك اللي عودتنا عليه 22 عاما.. وتيجي أزمة قلبية تلخبط الدنيا وتلخبط دعواتنا لك بالشفاء والعافية.. آه آه يا وجعي فيك.. كنت أخي وسندي وصديقي وأستاذي.. لكنني لم أكن الوحيد..سبقني وجاء بعدي مئات ومئات كنت لكل منهم أخاً وسنداً وصديقاً قبل أستاذاً.

لورد في الإعلام الرياضي كنت.. لورد في الوطنية الخالصة كنت.. لورد في الجدعنة والإنسانية ومساندة من يحتاج كنت.. لورد في الابتكار والشطارة الصحفية والإبداع وتأسيس المجلات كنت.. أسست في مصر مجلة الأهرام الرياضي، وفي السعودية كلفوك بتأسيس جريدة الرياضية فكنت خير مؤسس وأصبحت أسطى حريف يشار لك بالبنان في كل مكان بوطننا العربي.

أي نعم كنت أهلاوي لكنك في قول الحق كنت بتنسي أهلاويتك وتنتقد بفروسية قيادات النادي العريق أياً من كانوا.. ما كانش عندك في قول الحق حاجة اسمها أهلي وزمالك!

أول مرة شفت فيها الراحل العظيم كانت في سنة 1976 أو 1977.. يا دوب كان متعين جديد نوڤى في الأهرام.. جاء إلى كلية الإعلام الساعة 6 مساء عشان يوصل خطيبته هادية المستكاوي بعد أداء الامتحانات اللي كانت بتجري الثالثة عصراً في عز الحر!

عرفته، لكنه لم يعرفني طبعا.. إيش جاب لجاب.. صحفي بدأ يشتهر كمحرر رياضي لطالب بسنة تالتة بكلية الإعلام.. كلنا كنا نعرف أن هادية هي بنت الأسطورة الرياضية نجيب المستكاوي.

اللورد طول عمره كان مقاتلا.. في أكتوبر 1973 حارب ضمن القوات الخاصة.. كان مقاتلا بالمدفع والبندقية.. ولما دخل الأهرام أصبح قلمه الجريء هو سلاحه.. ولذلك كان دائما ما يتعرض لخصومات وانتقادات ومعارك حادة وقاسية.. حصل ده جوه أسوار النقابة.. وفي كل خطوة مشي فيها لأجل يجيب مصلحة أو خدمات للزملاء والزميلات كان الشيوعيون والناصريون بيقفوا له فيها ويحاربوه.. يحاربوه لأنه بيقف جنب زملائه وزميلاته.. علاج في مستشفى كبير زي السلام بيجيب.. شقة لزميل مطحون بيجيب.. فرصة للعمل في مكتب جريدة عربية بيجيب.. إبراهيم حجازي كان بيحب الناس.. بيحب الخير للناس.. ويا ما يا ما وقف زي الأسد الجسور مع زملاء وزميلات.. حتى اسألوا زميلتنا العزيزة دينا ريان اللي لما اتظلمت في أخبار اليوم احتضنتها الأهرام.. حتى اسألوا الناس اللي اتنقلت من جرنال اسمه مايو للأهرام ونالوا ترقيات ما كانوا يحلمون بها.. وبقوا مديرين لمكاتب الأهرام في بلاد بره.. وحوشوا الوفات الدولارات..!

من أكتر من عشرين سنة لما كنت تقول اللورد كانوا يسألوك مين تقصد؟!.. اللورد الكبير إبراهيم نافع ولا اللورد الصغير إبراهيم حجازي.. كلمة لورد سواء ده ولا ده كانت بتزعج قوي قوي الشيوعيين والناصريين معاهم.. عاوز تضرب في نافع يبقي نشن علي حجازي.. اللورد كان لوحة نشان من الكل.. من كانوا خصوم علي طول الخط ومن كنا نطلق عليهم جمعية المستفيدين على طول الخط من إبراهيم حجازي.

جنينة النقابة يا ما شافت معارك وخلافات.. القاسم المشترك الأعظم فيها كان هذا الصحفي النحيل اللي اسمه إبراهيم حجازي.. يا ما دقت على راس المسكين طبول.. وهو لا يشكو ولا يلين.. يظهر أنه كان حافظ صم مقولة نيتشه "السم الذي لا يميتني يزيدني قوة".

ولما اللورد نافع فكر في إنشاء المبنى الحضاري الشاهق الذي أصبح قبلة ومزارًا للصحفيين العرب والأجانب كان لا بد يكون جنبه وفي ضهره واحد شجاع وجريء بيحب زيه المهنة وبيحب الصحفيين.. فأصبح اللورد الصغير منسقًا عامًا بين الهيئة الهندسية للقوات المسلحة التي تولت البناء وبين النقابة.. وطوال عملية البناء كانت السهام ترشق اللوردان ولكن نصيب اللورد الصغير كان أكثر بكثير!

سامحهم يا لورد.. سامح من استفادوا منك ثم لعنوك.. سامحوني.. لن أسمي أحدًا.. فمثل هؤلاء يعرفهم الناس.. كل الناس.. وأصمت هنا صمتًا له معناه ومغزاه..!

أمس الثلاثاء توالت شهادات البعض في حقك.. هأقولك يا لورد اللي قالوه عليك.. على القماش الصحفي المعارض قال إنه مرة اتصل بك وقالك زميل يحتاج 4200 جنيه لإجراء عملية.. فكان ردك حاضر!.. وقال إنك جبت شقة لزميل مات ساكن إيجار في الإسكان الاجتماعي، وعقده ها ينتهي وإن الزملاء جمعوا مبلغ ولكنه لن يحل مشكلة أسرة هذا الصحفي.. وإنك يا لورد سددت كامل ثمنها دون ترك أي أقساط ترهق أسرة الزميل التي لم يكن لها أي مورد رزق!..

أخي الجميل جميل عفيفي كتب عنك الثلاثاء في عموده: جمايل إبراهيم حجازي على الناس كتير.. لما كنت أتدرب أوائل التسعينات في الأهرام الرياضي استدعاني وقاللى أنا قدمت طلب تعيينك في الأهرام مش عندي.. خليني أشوفك لو عزت يا جميل أي حاجة.. مبروك يا ابني. صدقوني.. صدقوني.. لم أجد حالة حزن على موت صحفي بهذا القدر الكبير من المشاعر الحقيقية الدافئة.            

مع السلامة يا فارس الفرسان.. يا لورد اللوردات.. كان عنده حق صديقي ودفعتي في الإعلام حامد عز الدين لما قال في بوست عزائه: كان إبراهيم حجازي صحفيًا رائعًا.. فارسًا نبيلًا.. مصريًا وطنيًا بطلًا.. كان حجازي قبل كل شيء إنسانًا.. وداعًا يا لورد.. سوف أظل محرومًا من كلمة يا شيوعي التي كنت واللورد الكبير قد أطلقتموها عليا منذ أن بدأت قصة غرفة العمليات 1006 في الدور العاشر بالأهرام.. وتلك حكاية أخرى سأكتب كل تفاصيلها وأكشف كل أسرارها في مقالاتي القادمة، (إذا كان في العمر بقية)، كما تعود إبراهيم حجازي أن يختم مقاله بالأهرام منذ 22 عامًا "خارج دائرة الضوء".