السبت 4 مايو 2024

نظرة لأصحاب الحِرَف

مقالات8-1-2022 | 16:00

كلما احتجنا لأحد الحرفيين لإنجاز عمل أو لإصلاح أي عطل يواجهنا في حياتنا اليومية سواء في المنزل أو في مقر العمل نتعرض لنفس الحيرة، أي من هؤلاء الحرفيين يمكنه أن يقوم بالمهمة بشكل جيد دون أن يتسبب في زيادة الأمر تعقيدًا؟

 

وكثيرًا ما يتبادر للذهن نفس السؤال: من أجاز لمثل هؤلاء الحرفيين القيام بتلك الأعمال الحرفية، وما مرجعيتهم، وفي حين قيام أحدهم بالتسبب في الخسارة لضعف المستوى أو للتقصير، مَن يحاسبه؟ ومَن يمكنه تقييم ما حدث؟

 

كما أننا لا ندري، على أي مقياس يتم تقييم كل مهمة قد أنجزت ماديًا من قِبل أولئك الحرفيين، ولماذا تختلف من أحدهم إلى الآخر؟، ومن مكان إلى غيره؟

 

لقد انتشرت في مصر ما تسمى بمراكز التدريب المهني منذ زمن، والتي كان من المفترض أن يكون الدور المنوط بها تدريب وتأهيل المهنيين على الأعمال المهنية وتخريج دفعات منهم يمكنها تقديم الخدمات المختلفة في الكثير من تلك الحِرَف بشكل جيد، وعلى أساس علمي يساعد على تطوير تلك المهن، لكن الأمر في الواقع لا يبدو كذلك، ولازلنا نعيش في الماضي الذي يجعل من الورش الصغيرة المدارس التي يتعلم فيها الصغار من المعلمين الكبار وشيوخ المهنة أصولها، سواء كانت نجارة أو سباكة أو أعمال كهرباء أو ميكانيكا أو أي حرفة أخرى، كما أن المدارس الفنية والتعليم الفني لم يشهد أي تطور ملموس يمكنه التعامل مع واقع تلك المهن، حيث لا يمكن التعويل على الدراسة في أي مدرسة صناعية أو معهد فني لتخريج الفنيين المؤهلين للعمل في هذه المهن بشكل صحيح باستثناء القليل من المعاهد المهتمة بالتدريب على بعض الحِرَف المحدودة كالتبريد والتكييف على سبيل المثال .

 

لقد ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الشركات الخاصة التي تقدم خدمات الصيانة في مختلف المهام بشكل أكثر تنظيمًا علاوة على الاتجاه الحديث في توفير توكيلات بعض الأجهزة المنزلية والمركبات والسيارات ورش معتمدة لإصلاحها، لكن تظل هذه الخدمات محدودة في بعض الأحياء في القاهرة أو بعض عواصم المحافظات دون الأماكن الأخرى التي يضطر فيها السكان اللجوء إلى أولئك الحرفيين الذين بينهم من هو مؤهل يمكنه إنجاز العمل، ومن هو غير مؤهل لذلك، مع الاجتهاد في تقييم كل خدمة مؤداة.

 

إن حصول 3 على تراخيص يستوجب أن يضاف إليه عمل دورات تدريبية إلزامية لكل الحرفيين العاملين فيها لتأهيلهم على العمل في تلك الحرف - إن كانوا في حاجة لذلك - أو لإجازتهم كفنيين في تلك الحرف في حال إتقانها طالما لا يحمل صاحب تلك المهنة شهادة بإجادتها، مع التفكير في تكتلات نقابية لهؤلاء الحرفيين تحفظ حقوقهم المهنية وتحاسبهم أيضًا على الأداء، لكن الإبقاء على الوضع الراهن بترك من يريد أن يعمل في أي حرفة أو مهنة دون تعليم أو شهادة تجيز له ذلك، في ظل ما يكتنف العالم من تطور، لا يمكن أن يستمر، فلن نستطيع أن نتطلع للمستقبل بأدوات الماضي، مما يستلزم إعادة النظر بشكل كامل في التعليم الفني ومناهجه وورش التدريب لتخريج حرفيين مؤهلين للقيام بتلك الحِرَف على أساس علمي ومهني يواكب التطور المتسارع الذي يستوجب التفاعل معه بأساليب علمية مغايرة للوضع الراهن الذي نعيشه.