نعم مصر هبة المصريين، وفى قول آخر مصر هبة المصريين، ومن خبُر مصر جيدا يعلم أن مصر الحديثة فى تجليها يوم ٣٠ يونيو، قامت على مثلث معجون بطين الوطن، مثلث من أضلاع ثلاثة قاعدته القوات المسلحة المصرية، وضلعاه الأزهر والكنيسة، وفوق القاعدة يعيش شعب عظيم علّم العالم أجمع، وترك فيهم حكمته، كيف تصمد الدول أمام الأعاصير والأساطيل، على صخرة هذا المثلث العظيم تتكسر لعبة الأمم.
القاعدة جيش وطنى، قوامه من قوام هذا الشعب، وسواعده شباب هذا الشعب، جيش مخلص للوطن، لم يعرف يوما طائفية أو جهوية أو عرقية أو إثنية، جيش يمم وجهه للوطن من بعد وجهه سبحانه وتعالى، يبغون نصرا أو شهادة، لم تتسلل إليه فتن خبيثة، أو طائفية مقيتة، وارتوت أرضه بدماء المسلم والمسيحى، يجمعهم نداء الوطن.
ويسعون إلى الجندية سعى المخلصين، لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الوطن، ويذكرون الله كثيرا فى صباحات الحرب والسلم، خير أجناد الأرض، هم الجند الغربى الذين ذكرهم صلى الله عليه وسلم فى حديثه الشريف، جيش أصدق تعبيرا عن هذا الشعب، يحاذى فى الصف الغنى والفقير، ابن القائد وابن الفلاح، ويتقدمهم قادة نذروا أنفسهم فداء للوطن، انظر لقائمة الشهداء، يتسابقون إلى الشهادة قادة وصفا وجنودا، وتكتب أسماؤهم شهداء فى لوح محفوظ، أحياء عند ربهم يرزقون.
وأزهر وسطى عامل على نشر السلام والمحبة، ورجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه، ومشيخة هى قبلة للعالمين، وتاريخ تليد وحاضر ينبئ عن مستقبل واعد، الدعوات الصالحات هى ما يمكث فى الأرض، حافظ الأزهر على الإسلام السمح، ولم يذهب إلى فرقة أو تشدد، وشباب حمل الأمانة، وشيوخ ينافحون عن صحيح الدين، وأعلام وأسماء يفخر بها كل مسلم فى توادهم وتراحمهم، وتمسكهم بصحيح الدين، متمثلين قوله المعصوم صلى الله عليه وسلم يوم عرفة:” يا أيها الناس إنى تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتى ( أهل بيتى )”.
وكنيسة وطنية خالصة، شجرة طيبة، ترتوى من نيل طيب، كنيسة ترفع لواء الوطن، لا تعرف غيره وطنا، ومصر فى ضميرها، وطن يعيش فينا، وليست وطنا نعيش فيه، والعبارة من مأثورات بابا العرب المتنيح، قداسة البابا شنودة الثالث، وزادها ألقا على ألق قول خليفته فى كنيسة الوطن البابا تواضروس الثانى، قال محبا، وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن، كنيسة لم تخرج على الوطن يوما، بل سكنت القلب منه دونا، وشعبها من بين الصلب والترائب، شعب الكنيسة فى قلب الشعب المصرى، لايغادره أبدا وإلى أبد الآبدين.
تجسد هذا المثلث يوم الثالث من يوليو على منصة الوطن، صورة بألف صورة مما تعدون، صورة جمعت القائد العام وزير الدفاع ابن مصر البار الفريق أول عبد الفتاح السيسى، قبل ترقيه مشيرا ثم انتخابه رئيسا، يلقى بيان الأمة إلى الشعب بثقة من الله أودعها فى شعبه.
اختاره الشعب على عينه وحمله الأمانة، فحملها السيسى وألقى بيانه فى جمع من قادة القوات المسلحة اصطفوا جميعا ليبرهنوا للشعب أن قواته المسلحة خير حافظ بعون الله، وتنطق الصورة بحضور فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وقداسة البابا تواضروس بطريرك الكنيسة المصرية، لتجتمع قاعدة المثلث على ضلعيه ليكونوا معا النواة الصلبة التى قامت عليها ثورة الشعب معبرة عن أمانيه فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
المثلث الصلب لا يزال قويا صقلته الخطوب، يدافع عن الذين آمنوا بالحرية، ويعلى اسم الوطن على ماعداه، ويقف حاميا على ثغور الوطن، منافحا عن الحدود، حاميا للجبهة الداخلية، ويوم تكالبت الأكلة على قصعتها، نفر الرجال فى مهمة دفاعية كلفتهم غاليا، ولكنهم أبدا لايضنون على وطنهم بالتضحيات الجسام، وليس هناك أغلى من الدماء الزكية، وقدموا الشهداء فداء، والشعب شاهد على عظم البذل والعطاء. منذ أن تجسد هذا الثالوث فى أعين الشعب عظيما مهابا، واستهدفه المرجفون، استهدفوا جيشا عظيما، وأنفقوا على مخططاتهم لبذر الفتنة بين صفوف الغر الميامين إنفاق من لا يخشى الفقر، وتآمروا بليل على منعته، وعمدوا إلى شق صفه، وتكالبوا كالكلاب العقورة تتحين الفرص، وتربصوا بالجيش الدوائر، ومولوا وسلحوا عصابات الإرهاب غربا وشرقا وشمالا وجنوبا وداخل البلاد، تثير الفزع، وتوقع الفتن، وتغتال الأبطال، ولكنهم لم يظفروا بقلامة ظفر، ولم يفوزوا بنصر ولو فضائيا، ورد الله كيدهم فى نحورهم، وكتب لخير أجناد الارض النصر، وتخضبت الرمال بدماء الشهداء.
الجيش المصرى، القاعدة الصلبة، استهدفت طويلا بسلاح الشائعات مرارا وتكرارا، وسلاح الإفك والكذب والبهتان على طول الخط، وسلاح الفضائيات الخارجية، وحوائط الفيس بوك القذرة، وتغريدات البوم على شجر الزقوم، لم يتركوا نقيصة إلا وألصقوها بمن وهبوا حياتهم لحماية الحدود، وأطلقوا شعاراتهم المخاتلة، وتنادوا على إسقاط جيش الظافرين.
وقالوا فى جيش مصر العظيم قولا كريها، وكرهوا انتصاراته، ومناوراته، وأسلحته الحديثة، وكلما تحصل جيش مصر العظيم على سلاح شبت نارا فى قلوبهم، وطفقوا يفسفسون أنهم يتسلحون وهم فقراء لا يجدون قوتهم الضرورى، يجوع الشعب وتبقى رايته عالية خفاقة، وجاراهم فى غيهم المركوبين إخوانيا، والتابعين لأعداء الوطن، وصار الطابور الخامس يمشى بين الناس مشاء بنميم، ولكن خابوا وخاب مسعاهم.
الحرب على الجيش المصرى ليست من قبيل القصف الخفيف، التتويتات والتغريدات، هى حملة دولية عقابية على تصدره مشهد ٣٠ يونيو، حملة كراهية فى جيش حرر البلاد من ربقة الاحتلال الإخوانى، وبلغت الحملة العاتية مبلغها مع اضطلاع الجيش بمهمته فى إقامة دعائم مصر الجديدة، وصار الشعار يد تبنى ويد تحمل السلاح.
هالهم مشروعات يقف على رأسها الجيش الذى يقود قافلة التعمير والبناء، فطفقوا يبلبلون الأفكار، ويطعنون فى الشرفاء، ويلومون الجيش على جهوده فى التنمية، وقال قائل منهم خبيث ما للجيش بالبنية التحتية، وحفر القنال، وإقامة المشروعات، ومد الطرق، وإنشاء المدن والحواضر، والجيش فى حالة استنفار وطنى بكامل عتاده ومعداته يقود قافلة قوامها
١١٠٠ شركة و٤٠٠ مكتب استشارى، ومليونى مصرى يشق الصحراء ويزرع الرمال، ويحفر الأنفاق، ويبنى ويعلى البناء، هدفهم فصل الجيش عن الشعب، والجيش من ضلع الشعب، والجيش والشعب الكل فى واحد.
لم يعد هناك شك فى خطورة الاستهداف الذى تحركه دوائر استخباراتية عاتية، استهدفوا الرئيس ممثلا لشعبه وقواته المسلحة، بلغ الاستهداف مبلغا رهيبا، وحلقاته متوالية، ودرجاته متصاعدة، وكأنهم قدور تغلى على نار ثأرهم من رجل قال ربى الله ثم استقام فى خدمة الشعب الطيب.
استهداف الرئيس لا ينفصل عن استهداف الجيش، واستهدافهما استهداف لمنعة هذا الوطن، والمنصفون يقولون قولا حكيما لولا هذا الجيش لكانت حربا أهلية لم تبق ولن تذر، ولولا قيض لهذا البلد هذا الرجل الذى حمل قدره على كفيه قربانا لشعبه، لكانت البلاد ذهبت إلى مستقبل آخر، لايعلمه إلا الله، قسوة الاستهداف تؤشر على عظم التضحية، ولولا نفر مضحون لكتب علينا ما كتب على بلدان من حولنا، ولكن لطف الله بالمصريين عظيم يستأهل الشكر والحمد على نعمائه.
الاستهداف بلغ مذبح الكنيسة الوطنية، وذبحوا المصريين المسيحيين فى كنائسهم المرة تلو المرة، عقابا لهم على حضورهم فى الصورة، صورة ٣ يوليو الشهيرة، يعاقبونهم ذبحا على حضورهم فى المشهد المهيب لـ٣٠ يونيو الرهيب، استهدفوهم شبابا وشيوخا ونساء وأطفالا، نزف المصريون المسيحيون كثيرا، عصر الشهداء يتجسد داميا.
والكنيسة صامدة محتسبة قائمة تدق أجراسها صريرا فى آذانهم، وكلما استراح المسيحيون هنيهة عاجلوهم بالقتل، ولا يتوارون من سوء صنيعهم، ويفجرون بالقول إنه العقاب على وقفة ٣٠ يونيوو، وصورة ٣ يوليو، وفى كل مذبحة يزعق البابا الوطنى فى شعبه، إنها ضريبة الوطن، لم يجزع البابا، ولم يهن المسيحيون، ولايزالون على العهد صامدين، ترتوى أرضى به من كل قطرة، وتبقى مصر حرة
استهداف البابا لا ينفصل عن استهداف الرئيس، استهداف لمكونات ٣ يوليو، واستهداف الإمام الأكبر لا ينفصل عن استهداف المثلث الصلب، والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب مثله مثل البابا الطيب، محل استهداف ضارٍ، تتحدث به المقالات والتتويتات والتغريدات والصفحات التى خصصت للنيل من العمامة الكبرى.
مخطط مجرم من خارج المشيخة، يقوم عليه من هم محسوبون على الأزهر ظلما وعدوانا ويعتمرون عمامته البيضاء، وتابعون من الإخوان المجرمين الذين تفرغوا للتهجم على الإمامة الكبرى بعد أن خاب مسعاهم فى تولية كبيرهم الذى علمهم الإفك، يوسف القرضاوى المطلوب مصريا، وكادوا يمكنونه من المشيخة بعد أن أركبوه منبر الأزهر الشريف وأدخلوه عنوه هيئة كبار العلماء خطوة متقدمة نحو المشيخة، فلما فشلوا جيشوا غلمانهم والمؤتفكة قلوبهم ومرضى القلوب؛ ليلقوا بسخائم أنفسهم على العمامة التى لم تنحن لريحهم بل وقف طودا شامخا معبرا عن أشواق المصريين، وكان حضوره فى الصورة عظيما.