- «رحلة زهور البرتقال» قصص ترصد رحلة المرأة منذ نعومة أظافرها
- كل إنسان تتشكل ملامحه تبعًا لبيئته ومجتمعه وتتحكم فيه أنساق مختلفة
- الأنثروبولوجيا الثقافية تهتم بنقل التراث إلى الأجيال الجديدة
نجلاء أحمد حسن، أديبة وباحثة لها إسهاماتها المفعمة بروح الإبداع وجدية البحث، تنخرط داخل أروقة المجتمع بغية الكشف عن ملامح الإخفاق وروعة الإنجاز، تنحاز للمرأة ـــ بشكل عام ـــ وتُعَبر عنها بطرائق تسعى إلى وضعها في مدارات أمكنتها المستحَقة .
والتقتها «دار الهلال» لتكشف عن جديد أعمالها ورؤيتها للحياة الثقافية في مصر، وكيفية تطويرها والاهتمام بها.
وإلى نص الحوار:
** صدر لك "رحلة زهور البرتقال".. ما الرسالة التي أردتِ إيصالها من خلال هذه النصوص؟
رحلة زهور البرتقال هي رحلة المرأة منذ نعومة أظافرها وهي تسبح بعقلها نحو طموحات المستقبل كتحقيق الذات والحياة الرغدة أو تحصيل العلم والنبوغ به أو حتى مجرد أن تعيش واهبة لحياتها من أجل أسرتها؛ في ظل الظروف الراهنة والتي فرضت تعدد أدوارها فلم تعد تحتمل الحياة إلا بالمشاركة في الحياة مع شريكها الوحيد وهو الرجل، الذي يمثل الحبيب والزوج والأب والابن، بل نجدها في معظم الأحيان تمثل الطرف المحافظ على تلك العلاقة والتغاضي عن هفوات وسلبيات بعض الأيديولوجيات التي صنعت جزءًا كبيرًا من معاناتها اليومية على مر العصور من مشاعر التحقير وحبس الحرية الفكرية، بل والتعامل معها على أنها مجرد وعاء للمتعة والإنجاب، بلا اهتمام بإنسانيتها، على الرغم أنها تقوم بأدوار الأمومة الغريزية، بالعناية بصغارها وتوفير الجو المناسب للحياة المستقرة بل تعدت ذلك بخروجها إلى العمل لتحقيق قدرًا من الرفاهية لأسرتها فبذلت العمر والشباب والمال وفي نفس الظروف التي يتعرض لها الرجل سواء بسواء في الجَلَد والجدية والاحتمال.
** هل مقالتكِ المعنونة بــ "قتل النساء بين فتاة الحسكة وهنادي طه حسين" مجابهة للرجل الذي ترينه دائم القهر للمرأة؟
حقًا لقد تألمت كثيرًا وسالت عواطفي حارة عندما شاهدتُ ـــ عبر مواقع التواصل الاجتماعي ـــ فتاة في مقتبل العمر تبكي كطفلة من كم القهر والتعذيب والمهانة وهي تساق بواسطة أبيها وأخيها ـــ وهم السند والحماية ـــ إلى أطراف مدينة الحسكة لتنفيذ حكم الموت عليها؛ لمجرد أنها ترفض الزواج من ابن عمها الذي لا تجده مناسبًا لها كزوج وقد أثبتت للعالم أنه كذلك، عندما كان مصاحبًا لأبيها وأخيها محرضًا على قتلها وإطلاق الرصاص على صدرها ورأسها، سالت دماؤها صرخة للعالم في 2021، وقد نوه إليها عميد الأدب العربي طه حسين عام 1934 عبر رواية دعاء الكروان عندما جسَّد مشهد قتل الخال لابنة أخته الخاطئة في حق نفسها هنادي يتيمة الأب الفقيرة دفاعًا عن رمزية الشرف التي تُحصد له أرواح النساء قربانًا تحت عنوانه في المجتمعات التي مازالت لا تعي فكرة أنزلها الله للإنسانية في سورة المائدة (أنه من قتل نفسًا بغير نفس، أو فسادٍ في الأرض، فكأنما قتل الناس جميعًا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً).
والتنكيل بالطرف الأضعف هو من أبشع السلوكيات التي اجتاحت المجتمع بأشكال عديدة كالاغتيال المعنوى والعنف الرمزي والتنمر والتعصب ضد المراة في مجالات العمل فنجد التفاوت بين الزملاء شاسعًا رغم تساوي الدرجات الوظيفية بل وقد تتميز عنه المرأة أحيانا علميا ومهنيا.
** ترين أن التنوع الثقافي عصب التنمية المستدامة.. فما مفهوم هذا التنوع في تصورك وماذا يمثل لك؟
لقد خلق الله العالم مختلف الألوان والثمار والزهور والحيوانات، وأبدع سبحانه في خلق الملامح المختلفة بين البشر فالجميع نفس الشكل الإنساني ويؤدي نفس الوظائف بنفس الأعضاء، ولكن التنوع في ملامحهم وألوان بشرتهم ونوع الشعر واللغة وتغير العادات والتقاليد والإرث العائلي من مجتمع لآخر، وهو ما يحقق الثراء الجمالي والفكري والشكلي فكل إنسان تتشكل ملامحه تبعًا لبيئته ومجتمعه الذي يعيش في تلك البيئة وتتحكم فيه أنساق مختلفة مثل النسق القرابي والاجتماعي والسياسي الذي يسن تلك القوانين المنظمة للحياة داخل نفس المجتمع ونجد النسق الاقتصادي يأتي مترجمًا لتلك النشاطات الإنسانية الناتجة عن تفاعله مع تلك الأنساق لتظهر البصمة الاقتصادية المتحكمة في حركة المجتمع، ومن خلالها تنتج المجتمعات منتجات تعبر عن تلك البيئة بكل أنساقها فنجد الشعوب النهرية تبدع في الألوان والأعمال اليدوية ما هو مختلف كليًا عن تلك الصناعات التي تنتجها البيئات الصحراوية، وجميعها فنون تراثية وإبداعية تلقى الرواج عند باقي الشعوب التي يملؤها الشغف في اقتناء تلك المنتجات التي صنعها الإنسان في البيئة المختلفة، فنجد التنوع هو الحصان الرابح في تحقيق التنمية المستدامة وهو القضاء على الفقر والذي هو المحرض الأول على الرذائل.
** المقربون منكِ يرون مدى طموحكِ ويشهدون بتفاؤلك.. فهل انعكس هذا الطموح وذاك التفاؤل على إيقاع عملكِ بمكتبة القاهرة؟
من حسن الطالع أن يكون عملكَ وطموحك وجهان لعملة واحدة وهو خدمة الوطن الغالي مصر من خلال ترغيب القراء بالقراءة وإتاحة الخدمات الثقافية للجميع.
** ماذا يعنى لك الفن مقارنة بالثقافة؟
الفن هو القدرة والقوة في تعبير الإنسان عن نفسه وبيئته وهو جزء أصيل في الثقافة والتي تعرف بأنها المُركَّب من المعرفة والاعتقاد والفن والأخلاق والقانون والأعراف إضافة الى الملكات الأخرى والعادات التي يكتسبها الإنسان من حيث هو عضو في مجتمعه، والثقافة تحمل أكثر من هوية والهوية الواحدة تحتمل أكثر من ثقافة وهو ما يحقق التنوع الثقافي.
** ما جديد أعمالك الذي ننتظره قريبًا؟
أعمل الآن على مجموعة قصصية جديدة
** تحضرين رسالتك للماجستير في أنثروبولوجيا الثقافة الإفريقية.. ماذا تعنى وما فائدتها؟
الأنثروبولوجيا الثقافية هو العلم الذي يدرس سلوكًا يتوافق مع سلوك الأفراد في المجتمع أو الجماعة المحيطة به ويتحلى بقيمه وعاداته ويدين بنظامه ويتحدث بلغة قومه، وهي العلم الذي يهتم بدراسة الثقافة الإنسانية ويعني بدراسة أساليب الحياة الإنسانية وسلوك الإنسان النابع من ثقافته ويدرس الشعوب القديمة كما يدرس الشعوب المعاصرة ويقوم علم الأنثروبولوجيا الثقافية بتفسير المراحل التطورية للثقافة في مجتمع معين ويحدد الخصائص المتشابهة بين الثقافات
واستطاع علماء الأنثروبولوجيا الثقافية في دراستهم التي أجروها على حياة الإنسان أن ينجحوا في تفسير و تحليل ما اعتمد عليه الإنسان القديم وما كان يتعلق بالإنسان المعاصر ضمن إطاره الاجتماعي، أي أنها تهتم بالتراث والحياة داخل نطاق المجتمع.