أكد رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، أهمية تكاتف الجهود بين كل الأطراف المعنية بصناعة النقل البحري، بما يتيح تعظيم كل الموارد المتاحة في مواجهة المتغيرات المختلفة والتحديات غير المسبوقة التي تشهدها حركة التجارة العالمية، ويعد أبرزها انتشار فيروس كورونا المستجد "COVID_19"، ومتحوراته أو ما يخص المتغيرات المناخية بما لها من آثار وتداعيات قد تكون بالغة الخطورة، أو قد تعيد بالفعل تشكيل خارطة حركة التجارة العالمية والعمليات اللوجستية ذات الصلة لعقود مقبلة.
جاء ذلك خلال فعاليات المؤتمر الدولي الذي نظمته الهيئة، اليوم، عن سبل دعم التجارة العالمية في مواجهة التحديات المختلفة، بمشاركة وزيرة التجارة والصناعة، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، والمهندس يحيى زكي رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بحضور كوكبة من العاملين في قطاع النقل البحري محليًا وإقليميًا وعالميًا، وممثليّ أبرز الهيئات والمؤسسات والشركات التجارية والبحرية وخطوط الملاحة العالمية، بمركز دبي للمعارض في معرض إكسبو دبي 2020.
ورحب الفريق أسامة ربيع بشركاء العمل والنجاح لتبادل الأفكار والرؤى التي تصب لصالح خدمة مجتمع الملاحة العالمي وصناعة النقل البحري، وتصبو لرسم ملامح مستقبل الصناعة على المدى المتوسط والبعيد، موجهًا التحية للقائمين على تنظيم معرض إكسبو دبي 2020، واستضافته مثل هذه الفعاليات المهمة، معربًا عن فخره واعتزازه بما حققته هذه النسخة من المعرض، واستضافتها الإمارات، ونجاحها في تنظيم هذا الحدث الدولي الذي أصبح محط أنظار العالم.
واستعرض رئيس الهيئة مجموعة من التجارب الناجحة التي تمكنت قناة السويس خلالها من تحييد عقبات جمة وتحويلها إلى فرص للنجاح والنمو، وتحقيق أهداف ما كان لها أن تتحقق، ومن ذلك نجاح الهيئة في التغلب على التحديات التي فرضتها أزمة تفشي فيروس كورونا على حركة التجارة العالمية، بفضل الدعم المباشر من القيادة السياسية، واتخاذ عدة إجراءات مدروسة وتبني سياسات تسويقية وتسعيرية مرنة للتغلب على الأزمة مع الأخذ في الاعتبار، تحقيق مساندة حركة التجارة العالمية والوقوف بجانب العملاء وشركات الملاحة والخطوط العاملة في مجال النقل البحري، جنبًا إلى جنب مع الحفاظ على سلامة العاملين بقناة السويس، وضمان عدم تفشي العدوى بينهم، مع تعزيز مستوى عائدات القناة التي تشكل بالفعل أحد أهم موارد العملة الصعبة الداعمة للاقتصاد المصري.
وكشف الفريق ربيع عن أن السياسات التسويقية نجحت بالفعل في جذب 4 آلاف و920 سفينة جديدة خلال 2021، لم تكن تعبر قناة السويس من قبل، وتحقيق زيادة في حجم الإيرادات بلغت مليار و100 مليون دولار، مؤكدًا سعي قناة السويس لتعميق خبراتها وتنمية قدراتها في المجالات المتعلقة بتعزيز استخدامات التكنولوجيا الرقمية في مجالات البرمجة وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، تماشيًا مع ما يشهده العالم من ثورة صناعية وتكنولوجية في مجال بناء السفن بما يمكن الهيئة ليس فقط من متابعة أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا، ولكن لمنحها الفرصة للابتكار والإبداع في مجالات التطبيق ذات الصلة بالاستخدامات التجارية للسفن المسيرة ذاتيًا.
وأوضح أن الهيئة قطعت شوطًا كبيرًا نحو تعزيز استخدامات التكنولوجيا الرقمية ضمن استراتيجيتها الطموحة 2023، ونجحت الهيئة في الانتهاء من تصميم وبناء مركزين متطورين للبيانات، تزامنًا مع تنفيذ التحول الرقمي الكامل لمنظومة المراقبة الإلكترونية ومحطات الإرشاد الملاحي الـ 16 المنتشرة على طول مجرى القناة، علاوة على تدشين منظومة الشبكة الموحدة التي أتاحت إطلاق 5 خدمات إلكترونية موجهة بالكامل للخطوط الملاحية العالمية، بما يتيح حلول ذكية لجميع عملاء قناة السويس في ظل التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي جراء تفشي فيروس كورونا.
واستدل على نجاح منظومة التحول الرقمي بالهيئة في تحقيق أهدافها، بتنفيذ عملية استقبال وإرشاد عن بعد في سابقة هي الأولى من نوعها لواحدة من أكبر سفن الركاب السياحية في العالم، دون وجود مرشد تابع للهيئة عليها كما هو متبع، نظرًا لوجود 65 حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا على هذه السفينة.
وأكد أن استراتيجية التطوير بالهيئة لم تغفل الاهتمام بالبعد البيئي بما يتماشى مع تحقيق أهداف استراتيجية مصر 2030، وتوجهات الدولة المصرية باتخاذ خطوات فاعلة نحو تحقيق الحياد الكربوني وتعزيز جهود مواجهة التغيرات المناخية، وهو الإطار الذي تم بلورته باختيار مصر لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، بشأن تغير المناخ، نوفمبر المقبل.
وأشار في هذا الصدد، إلى اتخاذ الهيئة كل الإجراءات والتدابير التي تكفل إإعلان قناة السويس "قناة خضراء"، والعمل على الحد من الانبعاثات الكربونية للسفن العابرة، من خلال تقديم حوافز متنوعة للخطوط الملاحية التي تراعي المعايير البيئية.
وتطرق الفريق ربيع إلى حادث جنوح سفينة الحاويات البنمية العملاقة EVER GIVEN باعتباره نموذج عملي على كيفية إدارة هيئة قناة السويس للأزمات، وتجسيد لقدرة الهيئة على تحويل التحديات إلى فرص، وتمكن رجال الهيئة بمختلف تخصصاتهم من تعويم السفينة بأمان تام، خلال 6 أيام فقط على الرغم من توقعات الخبراء في قطاع النقل البحري والإنقاذ العالمي، بأن عملية التعويم تستغرق أسابيع أو شهور، وهو الأمر الذي حظى باهتمام بالغ من العالم أجمع وبدأت تداعياته تظهر ليس فقط في حركة السفن والتجارة الدولية بل وفي الموانئ والمناطق الاقتصادية، فضلًا عن التداعيات العسكرية والأمنية في مختلف بقاع العالم.
وأضاف رئيس الهيئة أن المتابعة المستمرة والمباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي وتوفيره كل الدعم النفسي والمعنوي والمادي لكل المشاركين في عملية الإنقاذ، فضلًا عن تضافر جهود رجال الهيئة في جميع مواقع العمل كانت عوامل النجاح الأساسية لتعويم السفينة في وقت قياسي وإعادة الملاحة إلى القناة مرة أخرى، واستمر العمل على مدار الساعة لاستيعاب عبور نحو 422 سفينة منتظرة في مدخلي القناة، خلال أقل من 4 أيام فقط محققين بذلك إنجاز استثنائي آخر يضاف إلى ملحمة تعويم السفينة.
وأكد حرص الهيئة استشراف المستقبل ومواكبة كل ما يتعلق بالمتغيرات المرتبطة بصناعة النقل البحري، والمتغيرات التي تشهدها حركة التجارة والنقل وسلاسل الإمداد وغيرها، كان الدافع الرئيسي وراء بدء تنفيذ الهيئة لمشروع واعد لتطوير القطاع الجنوبي من قناة السويس من خلال تنفيذ أعمال التوسعة والتعميق والإزدواج بما سيكون له بالغ الأثر نحو زيادة معدلات الأمان الملاحي في القطاع الجنوبي بنسبة 28% والتقليل من حدة المنحنيات والتيارات البحرية.
واستعرض رئيس الهيئة إحصائيات الملاحة بالقناة خلال عام 2021 التي شهدت طفرة غير مسبوقة على كل الأصعدة، موضحا أن قناة السويس شهدت عبور ما يزيد على 20 ألف سفينة بإجمالي حمولات صافية قدرها مليار طن بضائع، كما نجحت في تحقيق أعلى إيراد سنوي في تاريخها محققة 6.3 مليار دولار، على الرغم من ظروف انتشار وباء كورونا وما تواجهه حركة التجارة العالمية من أزمات وما يسيطر على الأسواق والموانئ والمناطق الاقتصادية والصناعية من ملامح واضحة لعدم الاستقرار.
وأشار إلى أن مرور هذا الحجم الهائل من البضائع سنويًا في قناة السويس يعزز فرص تحويل موقعها الاستراتيجي ودورها الحيوي إلى قيمة مضافة للاقتصاد الوطني من جانب، وتقديم خدمات للشركات والسفن والخطوط العابرة للقناة من جانب آخر، وهو الأمر الذي تم ترجمته بالفعل عبر مشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بما تضمه من مشروعات صناعية ولوجستية، فضلًا عما تتمتع به من بنية تحتية متكاملة، بما يؤهلها لمنافسة المناطق الاقتصادية المماثلة في أي مكان في العالم.
ولفت الفريق أسامة ربيع إلى أن هيئة قناة السويس تسعى لتوفير خدماتها بما يتطلع إليه الشركاء الدوليون، من خلال 7 شركات تابعة للهيئة و3 ترسانات بحرية، تعمل في مجال الخدمات البحرية وبناء السفن وتصميم وبناء الكباري العائمة وصيانة الأرصفة والموانئ والتكريك وحواجز الأمواج وصناعة الغذاء، وتكفي الإشارة إلى هذه الشركات تتواجد في 30 موقعًا بجميع أنحاء مصر على مساحة إجمالية تبلغ 5 ملايين متر مربع.