في كل عيد عادة لا تنقطع حيث تبدأ تلك العادة من أول يوم في العيد وتمتد إلى نهاية أسبوع العيد وهى عادة زيارة المقابر لذلك قررت عدسة "الهلال اليوم" أن ترصد مدى إقبال المصريين على زيارة المقابر والأضرحة في موسم الأعياد، وقرر عدد من المواطنين أن يحيوها بطريقتهم من خلال زيارة للأولياء والأضرحة وزيارة مقام الإمام الشافعي بالقاهرة.
وفي تلك المنطقة التي تعد من أكبر المقابر في القاهرة، بمجرد انتهاء صلاة العيد، توافد عدد كبير من الأحبة لزيارة مقابر ذويهم، ووسط تلك الجموع الكبيرة من المقابر تكمن في وسطها مقبرة أبناء وأحفاد والي مصر وصاحب النهضة الحديثة محمد على باشا، لكن من الغريب أن تلك هي المقبرة الوحيدة التي يكسوها الحزن ولا تجد من يقرأ الفاتحة على أرواح من تحتضنهم من أفراد العائلة الملكية، ولا يقتصر الأمر على قراءة الفاتحة ولكن الأخطر من ذلك أنك بمجرد الوصول للحوش ترى جموع من القباب تعلوه، و تشعر بشماخة وعظمة المكان ومن به ولكن بعد أن تخطو قدمك الباب وتتجه إلى الحجرات الداخلية تلاحظ تصدع الجدران وارتشاح المياه على الحوائط وسقوط بعض شواهد المقابر وتصدع بعضها، وارتشاح البعض الآخر، مما أدى إلى انفجار الرخام وتشققه من عليها، وتم تعويض ذلك بتغطيته بلوح من الخشب ليس أكثر، ولم يفكر أحد في ترميمه أو محاولة إصلاح ما فسد منه حفاظا على الأثر.
و يقول أحمد مطاوع مدير تطوير المواقع الأثرية "إن الحوش مسجل أثرا لكن عمليات الترميم تحتاج إلى ميزانيات عالية لترميمه، والآثار وزارة قائمة على ميزانية ذاتيه ولا توجد أموال كافية".
وفى جولة "الهلال اليوم" داخل حوش الباشا أوضح لنا محمد سعيد مدير آثار منطقة الإمام الشافعي والمشرف على الحوش، أن الحوش خصص لمدافن أسرة محمد علي باشا، وأنشئ على مساحة مستطيلة الشكل لها واجهة واحدة رئيسية هي الواجهة الغربية تطل على شارع الإمام الليث في منطقة الإمام الشافعي تحديدا خلف ضريح الإمام الشافعي، وهي المقبرة الوحيدة الموجودة في المنطقة التي يوجد حارس على بابها ومسجلة كأثر و تذكرة المكان لا تتعدى 5 جنيهات، لكن مع الأسف نادرا ما يأتي أحد إلى المكان ويكاد يكون غير معروف.
وأضاف سعيد، قائلا "إن أول غرفة في واجهة المدخل فهي غرفة مستقلة تقع فيها مقبرة ابنة محمد علي وهي أول مقبرة بنيت، والغرفة الكبرى تقع بمنطقة مقابر مقسمة بين أسر إبراهيم باشا والذي يستقل مدفنه في غرفة أصغر من شقيقته وإلى جواره مدفن زوجته ويليه مدفن ابنتهما الصغرى ذات الثلاث سنوات، وفي الناحية الغربية تقع مقابر أسرة إسماعيل باشا ثم مقابر أسرة طوسون باشا وحرمه وتليها مقابر الخدم و الحشم تقع بخلفهم، والباب الرئيسي للمقبرة من الرخام ويغطي سقفها قبة محمولة على أربعة مناطق انتقال وقام محمد علي باشا بشراء هذا الحوش سنة 1805م ليبني عليه مدفنا له ولأسرته حيث بني هذا المدفن في أول الأمر بسيطا يتكون من قبتين ليدفن فيه أفراد عائلته وبعضا من رجال دولته.
وعندما مات ابنه طوسون قام محمد علي باشا بعمل تركيبة فخمة وضعها فوق قبره أحاطها بمقصورة من البرونز، وتم بناء سبيل عرف باسم سبيل الوسية أو السبيل الأحمر كما قام بعمل تجديدات وإصلاحات بسور مجرى العيون استطاع من خلالها توصيل المياه إلى الإمام الشافعي والمدافن.
وفي سنه 1883م قام الخديوي توفيق بإنشاء حجرة أخرى فوقها قبة لتكون مدفنا لوالدته، كما أنشأ أيضا البهو الذي يتقدم حجرة دفن والدته، وفي عهد الملك فاروق تم عمل عدة أعمال إنشائية حيث تم بناء المدخل الرئيسي للمدافن وقبة المدخل والدهليز المؤدي إلى المدافن كما أحاط المدافن من الخارج بسور من الحجر.
ويوضح محمد سعيد أن "من أبرز من دفن في هذه المقابر هو إبراهيم باشا ابن محمد علي القائد العسكري الذي قاد الجيوش المصرية حتى وصل بها إلى مشارف القسطنطينية عاصمة الخلافة الإسلامية, آنذاك, وضريحه يتكون من ثلاثة طوابق هرمية من المرمر الإيطالي, ومنقوش بالكامل من القاعدة الأرضية حتى أعلى الشاهد بأشكال نباتية وعربية على الطراز الإسلامي ويمثل في بنائه وزخارفه وحدة هندسية متكاملة الشكل في تناسق غاية في الروعة والجمال، ويعلو الضريح شاهدان للقبر الأول كتب عليه أبيات الشعر والمدح والرثاء, والآخر كتب عليه تعريف بصاحبه باللغة التركية ويعلوه الطربوش التركي باللون الأحمر، حيث يعلو كل قبر تاج صغير أو كبير يدل أن هناك بنت أو سيدة كبيرة تدفن بالمكان و مدافن أخرى يوضع عليها طربوش كبير أو صغير يشير إلى أن هناك طفل أو رجل كبير.
وأشار لنا الحارس محمود الخاص بالمكان قائلا "إن ذلك الجزء من المقبرة يحوي مقابر الصدقة ويخصص لدفن رجال من الأوقاف وآخرين من حراس المكان الذين سبقوني والمفتشين والمشرفين على المكان ومن وقت قريب دفن أحد مفتشين المكان فيه، وتم سرقة نجف المكان إبان الثورة، لأننا كحراس، اثنين فقط، احدنا الصبح والآخر ليلا ليس أكثر.