أجمع المشاركون في ندوة بعنوان "الأزمات العالمية الكبرى وتأثيرها على النساء في العالم العربي"، والتي نظمتها منظمة المرأة العربية برئاسة الدكتورة فاديا كيوان المديرة العامة للمنظمة، ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ53، على وجود إرادة سياسية والتزام دولي لتمكين المرأة، مشيدين بالتجربة المصرية في هذا الصدد، ومطالبين بتحويل الاستراتيجيات الوطنية العربية للتمكين إلى مشروعات وأطر تنفيذية على أرض الواقع.
وأكدت الدكتورة هالة صقر المستشار الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، وجود الإرادة السياسية والالتزام الدولي وفق الاتفاقيات الدولية نحو تمكين المرأة في مختلف المجالات، مشيرة إلى ضرورة تطبيق تلك الإرادة وفق مشروعات وأطر تنفيذية على أرض الواقع.
وأضافت صقر، أن فيروس كورونا المستجد "كوفيد 9"، كان كاشف لتأثير الأزمات على مختلف جوانب الحياة؛ وخاصة الجانب الصحي وأوضاع المرأة منه، مؤكدة أن تأثيرات الفيروس السلبية طالت النساء بشكل مباشر في حياتهم الاقتصادي سواء في القطاع الرسمي أو غير الرسمي، والأسرة، وتقديم الرعاية الصحية.
وأوضحت المستشار الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، أن تضافر الجهود واستغلال كافة الموارد نحو توفير الصحة والعافية للحياة والكريمة للفتيات والنساء في المنطقة العربية في سياق الكوارث، يعتمد على التنبؤ والتأهب، ثم الاستجابة السريعة والفعالة، وصولًا إلى التعافي وإعادة البناء.
وأشارت صقر، إلى أن المبادئ التوجيهية في حالة الأزمات، تتضمن التمحور والتركيز على النساء والفتيات، واحترام الحقوق والكرامة، وعدم التمييز والإنصاف، والنهج المجتمعي وتفعيل المبادئ الإنسانية، وعدم إلحاق الضرر والشراكة والتكامل.
وتابعت صقر قائلة، إن منظمة الصحة العالمية، قامت بتحليل عدد من الدول حول أوضاع أصحاب الإعاقة في ظل كورونا، بما كشف عن سبل الإتاحة للخدمات لمختلف الفئات وفق خصوصية الاحتياج وطبيعة الأشخاص، مشيرة إلى أن صانع القرار عليه الالتفات إلى ضرورية الخصوصية؛ لاسيما مع فئة النساء كبار السن.
بدوره، قال الدكتور لؤي شبانة المدير الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان بالمنطقة العربية، إن المنظمات الأممية تسعى إلى مساعدة الدول على حد السواء، بينما تسعى إلى توسيع زوايا الرؤية لدى المجتمعات من أجل الانخراط في مشاكلها بمنظور عالمي حتى يمكن الوصول إلى الموارد التي تساعدها على مواجهة التحديات.
وأضاف شبانة، أن المنطقة العربية تعج بالأزمات سواء كانت الطبيعية أو من صنع الإنسان، مشيرًا إلى أن تلك المنطقة بها 5.2% من سكان العالم، و53% من لاجئي العالم، مؤكدًا ضرورة معالجة قضايا المرأة العربية بمنهج حقوقي.
وأوضح شبانة، أن خصوصية الدول العربية وأولوياتها تختلف، ما يدعو إلى تقسيم المنطقة العربية لـ3 مناطق من أجل أغراض البحث والتحليل، مشيرا إلى اختلاف منطقة الخليج عن سوريا وفلسطين، في طبيعة التعاطي مع الأزمات وذلك وفق معاملات القدرة الاقتصادية ومعدلات الدخل القومي، منبهًا إلى تشارك المنطقة العربية بعزل المرأة عن اتخاذ القرار.
ووصف شبانة، الأحداث التي مرت على المنطقة العربية خلال العقد الأخير بمثابة تسارع أحداث بشكل كبير أثر على أوضاع المرأة العربية، مشيرًا إلى أن تلك الحقبة كشفت بشكل حقيقي احتياجات ملف المرأة في تلك المنطقة وضوح المشاكل وإمكانية الوصول إلى الحلول باعتبار أن احتياجات النساء جزء من احتياجات البشرية وفق المنظور الأممي.
وفي سياق متصل، أكدت الدكتورة يُمن الحماقي أستاذ الاقتصاد جامعة عين شمس، أن الإرادة السياسية في المنطقة العربية لتمكين المرأة باتت واضحة وكبيرة، خاصة في مصر، ما يستدعي ضرورة الاستفادة من تلك الإرادة عبر الآليات اللازمة للاستعانة بقدرة النساء في الجانب الاقتصادي.
وأشارت الحماقي، إلى أن المرأة المصرية وفق الإحصاءات لديها فرص إيجابية وواعدة، لاسيما بالاستفادة من الفرص للانتقال من القطاع غير الرسمي إلى الرسمي والمشاركة الاقتصادية، مضيفة أن استراتيجيات تمكين المرأة الاقتصادي تستدعي خطط تنفيذية للتعامل بعض الظواهر مثل ارتفاع معدلات البطالة للمرأة في الصعيد خلال الفترة العمرية من سن 20 إلى 30 "سن الإنجاب"؛ ما يدعو إلى ضرورة العمل على التعامل مع تلك الظواهر من خلال مشروعات تنفيذية.
وأضافت الحماقي، أن المرأة المصرية تعد المشارك الرئيسي في قطاعي الصحة والتعليم، والذين يعدان مركزين لبناء القدرات، داعية دراسات منظمة المرأة العربية، إلى الالتفات إلى المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر لما تلعبه من دور رئيسي في التمكين الاقتصادي للمرأة المصرية.
وتابعت الحماقي قائلة، إنه وفق التقديرات الإحصائية فإنه على المستوى الوطني يمكن أن يحقق التمكين الاقتصادي في زيادة معدلات النمو بمعدل 2% إضافية إلى المعدلات الحالية، موضحة أن التمكين الاقتصادي للمرأة يعادل 32% في معدلات النمو منفردًا ليصل بالنمو الإجمالي إلى نحو 8%.
وأوضحت الحماقي، أن أزمة كورونا، أثرت على المعامل الاقتصادي في العالم، مشددة على ضرورة الدفع بقدرات النساء العربيات ليكن دعامة أساسية لدعم قدرات الدول على مواجهة الأزمات، مشيرة إلى أن تقرير المنظمة العربية للمرأة ناقش عددا من المحاور ومنها التغيرات المناخية في إطار الكوارث والأزمات التي تواجه الدول، موصية بأن يكون هذا المحور رئيس يرتقي عن غيره من المحاور؛ لاسيما وآثاره الكبيرة على مختلف الملفات التي يمكن القياس عليها وفق تقديرات الأهداف الإنمائية الصادرة عن المنظمات الأممية وبنك النقد الدولي.
وأشارت الحماقي، أن التغير المناخي يلعب دورًا مهمًا في قدرة الدول على تحقيق أهداف التنمية، مستدلة بذلك بعرقلة الكثير من الدول الإفريقية والآسيوية على مواجهة الفقر بفعل التغيرات المناخية خلال الفترة من 2005 إلى 2015، كما أشارت إلى التحديات التي تواجهها المرأة العربية، في ظل كورونا والتغيرات المناخية، والتنافس التجاري بين الدول مثل ما يجري بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، مشيرة إلى نجاح الصين في زيادة صادراتها خلال سنوات الجائحة عبر الجيل الخامس والسيطرة على سلاسل الإمداد "بلوكتشين".
وخلصت الحماقي، إلى أن الفرص الكبيرة المتاحة للدول العربية، في ظل الصراع التجاري، وذلك وفق اختيار التوقيت والآليات السليمة، فضلًا عن الاستعانة بقدرات المرأة، مشيرة إلى أن المشاركة الاقتصادية للمرأة في المنطقة العربية عبر التمكين والاستفادة من الإرادة السياسية في هذا الصدد، وعلى رأسها مصر.
ونبهت الحماقي، بأن الإرادة السياسية وحدها غير كافية، ما يستدعي ضرورة الاستعانة بالآليات اللازمة لهذا التمكين حتى تلعب المرأة دورها المستحق للقدرة على التمكين والتكامل الاقتصادي العربي بما يمكن تلك الدول بأن تكون فاعلة في ظل الأزمات العالمية.
وتناولت الدراسة التي قدمتها منظمة المرأة العربية، التداعيات الحادة لأزمة كورونا، وغيرها من التحديات التي يواجهها الوطن العربي؛ وتأثيرها على الفتيات والنساء، وتم طرح عدد من الدراسات النظريات ودراسات الحالة، وخلصت إلى عدد من الإحصاءات في عام 2021، ومنها أن 80% هي نسبة النساء والأطفال من إجمالي اللاجئين والنازحين، ومن المتوقع تعرضهن لمتاعب إضافية جراء الأزمات، فيما تبلغ نسب رائدات الأعمال من النساء في منطقة الشرق الأوسط 12%، وبلغت 31% في منطقة شمال إفريقيا، فيما بلغ عدل البطالة بين النساء في المنطقة العربية بنحو 19% مقابل 8% للرجال.
ولفتت الدراسة إلى أن 20% فقط من النساء في سن العمل تشغلن وظيفة مدفوعة الأجر بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.